فيون ولوبان يتقاسمان ترامب

07 فبراير 2017
+ الخط -
فشلت كل الفضائح في إعاقة وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومنها فضائح مالية وجنسية، وأخرى متعلقة بالتهرب الضريبي والمواقف العنصرية واحتقار المرأة والملونين، وهذا درس يجب أن نستفيد منه، ونحن نراقب الانتخابات الأوروبية المقبلة، والتي سيكون أولها في فرنسا، فالحملة الانتخابية الفرنسية التي بدأت تشتد، قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات المقرّر في الثالث والعشرين من إبريل/ نيسان المقبل (الدورة الثانية في السابع من مايو/ أيار)، بدأت تظهر فيها كل مواصفات الرئيس الأميركي ترامب، ولكن جوانب شخصيته الفائزة توزعت على عدة مرشحين، فأخذت مرشّحة اليمين المتطرّف، ماري لوبان، نزعة كراهية الأجانب، والموقف من اللاجئين، فوعدت المواطنين الفرنسيين بوقف دخول اللاجئين، وفرض شروط جديدة على اللاجئين الذين يدخلون بشكل نظامي، وتعهدت بالتوقف عن تأمين الرعاية الصحية لهم، وطرد أبناء الأجانب من المدارس الحكومية، وكذلك أخذت نزعة مغازلة روسيا من الرئيس ترامب، حيث تعهدت بالاعتراف بتبعية شبه جزيرة القرم لروسيا، وضرورة رفع العقوبات المفروضة على روسيا، وأنها ستلغي اتفاقية شنغن التي تسمح على حد قولها للإرهابيين بأن يسرحوا ويمرحوا في الأراضي الفرنسية، ويروّعوا الفرنسيين، واللمسة الترامبية الأخيرة التي أضفتها على حملتها هي تعهدها بإجراء استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي خلال ستة أشهر من انتخابها، في حال تم انتخابها.
كان الجانب الآخر من ترامب، والمتعلق بالفساد، من حصة فرانسوا فيون مرشح يمين الوسط، والذي كان من أقوى المرشحين في هذه الانتخابات، بحسب استطلاعات الرأي إلى ما قبل أن تفجر صحيفة "لوكانار أنشينيه" فضيحة عن استخدام نفوذه (نائباً ثم وزيراً) لإجراء تعاقد على وظائف وهمية مع زوجته، تقاضت خلالها رواتب شهرية تراوحت بين 3900 يورو و7900 يورو شهريا مدة ثماني سنوات، من دون أن تقوم بأي عمل، وأعلنت النيابة العامة المختصة بالقضايا المالية فتح تحقيق بشأن احتمال تورّط زوجته، بينلوب فيون، في فضائح وظائف وهمية، حيث تم اتهامها بتقاضي 600 ألف يورو، في ثماني سنوات، بصفتها معاونة برلمانية لزوجها عندما كان نائباً، ثم لمارك جولو الذي تولى مقعد فيون النيابي لدى تعيين الأخير وزيراً للشؤون الاجتماعية في عهد الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، الذي قضت اتهامات الفساد على حظوظه في مواجهة فيون في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الجمهوريين للرئاسة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ونجح فيون، آنذاك، في إبعاد ساركوزي وألان جوبيه، وقدّم نفسه مرشحاً إصلاحياً وصاحب سيرة ذاتية مشرقة، وقدّمت زوجته نفسها أماً لخمسة أطفال وربة أسرة تقليدية، تساند زوجها، وتقف إلى جانبه، باعتباره أبا أطفالها وربّ أسرتها، "وليس رب عملها الوهمي".

وجاءت الصحيفة الأسبوعية الفضائحية لتقلب هذه الصورة، بتأكيدها أن بنيلوب فيون تقاضت طوال تلك السنوات أجراً عن وظيفةٍ لم تشغلها، وأن أحداً لم يصادف السيدة فيون في أروقة البرلمان، أو تعامل معها في الدائرة الانتخابية لزوجها، كما أشارت تحقيقات أجرتها الصحيفة، وأثارت ضجة في فرنسا، ودفعت النيابة إلى فتح تحقيق في الأمر.
وتفيد المعلومات بأنه في العام 2001 كانت بنيلوب تتقاضى أجراً شهرياً قدره 3900 يورو، وقرّر زوجها رفعه في العام التالي إلى 4600 يورو، أي نصف قيمة المبلغ المخصص لأجور المعاونين الذين يحق لكل نائب الاستعانة بخمسة منهم، ولو كانوا من أفراد أسرته. وعند تولي فيون حقيبة الشؤون الاجتماعية، قرّر خلفه جولو إبقاء بنيلوب، ورفع أجرها إلى 6900 يورو، ثم ليصل إلى 7900 يورو شهرياً في 2006، وهو ما لا يبقي سوى مبلغ زهيد جداً لمعاونيه الفعليين، إيغور ميتروفانوف وجان روبنسون، ذلك أن المبلغ المخصص لفريق المعاونين البرلمانيين لا يتجاوز التسعة آلاف يورو.
وكان لهذا الكشف وقع الصدمة على زوجها الذي يجهد لشق طريقه نحو الرئاسة، إذ سارع إلى التعبير عن صدمته لما أوردته الصحيفة بحق زوجته، واعتبر أنه، بهذه المعلومات، دخل التنافس في الانتخابات الرئاسية مرحلة "الضربات القذرة".
ويرجح المراقبون لمسار الانتخابات الفرنسة أن هذه الفضيحة لن يكون لها تاثير مهم على حملة فيون، وأنه سيتمكن من تجاوزها، لكنهم ذكّروا بأن فضائح من هذا النوع أطاحت المرشح (الرئيس السابق) ساركوزي، والمفارقة أن المرشح فيون، في بداية حملته الانتخابية، هاجم المرشح ساركوزي بسبب فساده، وقال: "من غير المجدي الحديث عن السلطة إلا لمن لا غبار عليه".
A78EE536-6120-47B0-B892-5D3084701D47
علا عباس

كاتبة وإعلامية سورية