ديّات باهظة يدفعها العراقيون مقابل حوادث غريبة

19 أكتوبر 2015
سلطة العشائر أقوى من القانون (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -


الفرار من العراق هو القرار الأنسب الذي اتخذه أحمد عبد المجيد، حفاظاً على ابنته من السبي بقرار قبلي، بعد أن دفع ديّة بلغت 30 مليون دينار( نحو 27 ألف دولار) مقابل موت حمار.

رغم عدم مخالفة عبد المجيد لقواعد المرور، حمل ذنب اصطدام سيارته بعربة يجرها حمار. كانت العربة تسير عكس السير في شارع شرقي العاصمة العراقية، فتسبب بموت الحمار وإصابة صاحبه بخدوش بسيطة. لكن الأمر تطور حين اجتمع أقارب صاحب العربة، وأجبروا عبد المجيد على المثول أمام جلسة عشائرية، ما اضطره إلى دفع المبلغ للتخلص من شر عائلة صاحب الحمار.

عبد المجيد، وفي حديثٍ لـ"العربي الجديد" أشار إلى أنه طلب منهم قبول عرضه شراء عربة جديدة وحصان بدل الحمار، مؤكداً أن سعر الحمار لا يتجاوز 50 ألف دينار (نحو 47 دولاراً)، لكنهم رفضوا بحجة أن "حمارهم مدرَّب، وصاحبه أصيب معنوياً".


ورأى أن "حادثة الحمار قد تكون إنذاراً ربانياً لي لأهرب من العراق، فربما أبتلي بحادث آخر أضطر فيه إلى دفع ابنتي الوحيدة دية، كما حصل مع الكثير من العوائل".

اقرأ أيضاً: سلطة العشائر أقوى في العراق

وشهد العراق بعد 2003 ظاهرة انقرضت منذ عقود طويلة، تمثلت بدفع ديّات لحوادث غريبة لا تتطلب عقد اجتماع عشائري، يعرف في العراق بـ"الفصل". ومن بين أشهر حوادث الديات في العراق، وقعت في البصرة (جنوب) جرى خلالها اقتياد 50 امرأة دية لإحدى العشائر بعد نزاع بين عشيرتين، أدى إلى مقتل عدد من المدنيين جراء استخدام الرصاص الحي في الاشتباكات.

قصص الديّات بقدر غرابتها، صارت مثار سخرية وتندر العراقيين. ومن تلك القصص، أن رجلاً كبير السن حضر مجلس عزاء، وجرت العادة أن تقدم وجبات طعام في المجالس تلك، وتقديراً للرجل المسن بادر صاحب العزاء إلى تقطيع اللحم له احتراماً، لكن المسن عدّ ذلك إهانة له، متهماً صاحب العزاء بأنه يشبهه "بالكلب" إذ يرمي اللحم أمامه، فغادر مجلس العزاء غاضباً ومهدداً، وفرض عليهم فصلاً عشائرياً، نال على إثره مبلغاً قدره 22 مليون دينار، أي نحو 20 ألف دولار.

اقرأ أيضاً: عشائر عراقية تصادر منازل أطباء وتدمغها بالدم

ويتحدث نجار بأنه أرغم على دفع نحو ستة آلاف دولار، بسبب تعرض طفل لشجّ في رأسه نجم عن عراك بقطع خشبية، وضعها النجار عند باب ورشته بعد إغلاقها، ومغادرته إلى منزله مساءً. وقال النجار ويدعى حسام ضاري لـ "العربي الجديد" إنه فوجئ في اليوم الثاني بعدد من الرجال يدخلون ورشته، مهددين إياه بالقتل إن لم يدفع دية الحادث، موضحاً "كنت في حالة استغراب ودهشة، حتى أخبروني بها وبأنني المتسبب، فلولا أخشابي لما شُجّ رأس ولدهم".

بعض شيوخ العشائر أكدوا لـ"العربي الجديد" أنهم يقفون ضد هذه الممارسات الخارجة عن التقاليد والقيم العربية، ووفق ما قاله الشيخ مظهر العلكاوي أحد شيوخ عشائر بغداد، فإن "هناك رفضاً لهذه الممارسات، ونعمل على استئصالها من مجتمعنا" مشيراً إلى أن "بعضهم يستغل قوته وسط الانشغال الأمني بمقاتلة داعش ليفرض قوانينه بالقوة على الآخرين".

إلى ذلك، يرى العقيد في وزارة الداخلية مجيد الموسوي، أن الحل الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة يتمثل بسن قوانين تُفرض على شيوخ العشائر، يعاقبون من خلالها في حال وقوع مثل هذه الحوادث داخل عشائرهم.

اقرأ أيضاً: السعودية تفرج عن "سجين الشرف" بعد 22 عاماً
المساهمون