ديمغرافيا النقب تقلق الاحتلال

05 أكتوبر 2014
إسرائيل تخشى الولادات في النقب (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

يقطن في منطقة النقب، جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، أكثر من 220 ألفاً من الفلسطينيين العرب البدو، جزء كبير منهم يعيش في ظروف حياتية صعبة. ويتمركز معظمهم في مدينة رهط وبعض البلدات المجاورة، ويتوزّع آلاف آخرون على 35 قرية لا تعترف بها إسرائيل، تهدم بيوتها يومياً وتسعى لتهجير أهلها ومصادرة أكثر من 800 ألف دونم من أراضيها.
ورغم الحياة الصعبة التي يعيشها البدو العرب في النقب، إلا أنهم يحافظون على بعض تقاليدهم وأعرافهم، التي ميّزت البيئة البدوية منذ عقود، منها ما يقلق اسرائيل، بحسب تصريحات وزير اسرائيلي، كتعدد الزوجات، ولكن بالأساس، معدل الانجاب المرتفع، الذي تقول مصادر اسرائيلية إنه من الأعلى على مستوى العالم.

وبحسب إحصائيات اسرائيلية رسمية، فإن نسبة الزيادة الطبيعة لدى عرب النقب تصل إلى نحو 5.5 في المائة، ما يجعل عدد السكان يتضاعف كل 13 عاماً، وهو ما تعتبره اسرائيل خطراً ديمغرافياً. ويتجاوز عدد الأولاد في الكثير من العائلات البدوية في النقب العشرة، لكن المعدل العام يقدّر بنحو 6.8 أولاد لكل عائلة.
وفي ظل منع تعدّد الزوجات، بحسب القانون الإسرائيلي، فإن الزوجات ما بعد الأولى يسجّلن في الدوائر الرسمية على أنهن أمهات عازبات.

ولطالما شكّل واقع البدو العرب في النقب، وخصوصاً ما يتعلق بنسبة الولادات، هاجساً للمؤسسة الإسرائيلية. وخرج وزير الزراعة الإسرائيلي، يائير شامير، من حزب "يسرائيل بيتينو"، الأحد، بتصريحات حذّر فيها من تزايد أعداد عرب النقب، مشيراً إلى أنه يدرس سبلاً لمنع تعدد الزوجات وتحديد النسل، منوهاً بأنه بحلول العام 2035 سيبلغ تعداد البدو في النقب نحو نصف مليون إنسان.
وتتوالى ردود الفعل العربية الغاضبة في النقب، التي تعتبر تصريحات الوزير "مسيئة وعنصرية، وتدخّلاً في ما لا يعنيه"، وتتماشى مع مخططات اقتلاع البدو من قراهم في النقب، التي تقوم عليها اللجنة الوزارية المسمّاة "تسوية استيطان البدو في النقب".

واعتبر سعيد الخرومي، رئيس "لجنة التوجيه العليا لعرب النقب"، أن تصريحات شامير عنصرية بامتياز، مضيفاً، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "تعدّد الزوجات في النقب موروث ثقافي وديني، وليس قضية جديدة، والأمر الأهم أن هذا الموضوع ليس أساسياً في ظل معاناة أهالي النقب بسبب ممارسات المؤسسة الإسرائيلية والحكومات المتعاقبة".
وشدد الخرومي على أن "مثل هذه الأمور، حتى لو كانت بحاجة لنقاش، فإنه يكون داخل المجتمع العربي بالنقب، وليس بنصائح من الوزير، فليس هذا من شأنه، ولدينا قضايا اجتماعية عديدة نقوم بمعالجتها، ولكن بشكل ذاتي ولا ننتظر أن يملي علينا أحد من المسؤولين الإسرائيليين ما نفعله".

وأوضح الخرومي، في حديثه "مع العربي الجديد"، أن الوزير ركّز على قضية عدد الولادات أكثر من قضية تعدد الزوجات، "وهذا مؤشر إلى أن القضية تخيفه حين تتعلق بالعرب فقط، فلم نسمع عن وزير اسرائيلي يطالب بتحديد نسل اليهود المتدينين الذين يصل عدد الأولاد، في الكثير من عائلات هذه الشريحة، إلى 14 أحياناً".
وأشار الخرومي إلى أن نسبة الولادات تختلف حتى داخل المجتمع العربي البدوي في النقب، من بلدة إلى أخرى، ومن عائلة إلى أخرى، وتتأثر بالمستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي، مستدركاً أن عدد الأولاد في عائلات الأكاديميين أقل من غيره بالمجمل، وكذلك ظاهرة تعدد الزوجات.

واختتم الخرومي حديثه بالقول: "كان من الأحرى بالوزير الاهتمام بمشاكل النقب لا التحريض على أهله العرب، وربما الحديث عن عدد كبير من النساء الأرامل اللاتي تهدم السلطات الإسرائيلية بيوتهنّ ويُتركّنَ مع الأطفال في العراء، بدلاً من حديثه عن نسبة الانجاب".

من جانبه، انتقد النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، طلب الصانع، رئيس الحزب الديمقراطي العربي، تصريحات الوزير يائير شامير بخصوص تحديد النسل للمواطنين العرب في النقب، وطالبه بالاعتذار. وأضاف الصانع، في بيان عمّمه على الاعلام، وصلت "العربي الجديد" نسخة عنه، أنه "عندما يتحدث الوزير شامير عن التكاثر السكاني عند اليهود المتدينين والمستوطنين، فإنه يصف هذه الظاهرة بالمباركة، فيما يعتبر التكاثر السكاني العربي في النقب مشكلة".
أما النائب في الكنيست، طالب أبو عرار، من القائمة العربية الموحدة، فقال، في بيان له: "جاءت تصريحات شامير مشابهة لتصريحات سابقة (لمسؤولين آخرين)، تعتبر أن عرب النقب خطراً ديموغرافياً وأمنياً.. تحديد النسل ليس إلا رؤية أمنية تعمل إسرائيل على تطبيقها بالتضييق على العرب عامة في المسكن، وعدم توسيع المسطحات للبلدات العربية".



المساهمون