دوغما جديدة

17 أكتوبر 2015
(مقطع من عمل لـ جبر علوان / العراق)
+ الخط -

ساهم الباحث الموسيقي أرنولد شوينبرغ في محاضرته الشهيرة سنة 1939 حول "الانعتاق والتنافر اللحني" في تحرير الموسيقى من الدوغما الكلاسيكية، متيحاً لأشكال موسيقية عانت من الدونية، مثل الجاز والبلوز، بتسيّد المشهد الموسيقي ردحاً من الزمن.

عربياً، شهدت الموسيقى في القرن الماضي تحوّلات مشابهة، حيث عرفت في الخمسينيات والستينيات ما يشبه الثورة على الموروث القديم، وراحت تحاكي عصرها، فتقلّص مثلاً طول الأغاني بشكل ملحوظ، ونهلت من طبوع أخرى وفق دمج صحي في كثير من الأحيان.

وبعد أن هدأت موجة الروك نهاية السبعينيات، تبعها هوس البوب وثقافته التي زجّت بالتكنولوجيا في أتون العمل الموسيقي، وغلب الإيقاع الاستهلاكي لأول مرة على اللحن الرصين، وتقلّصت العناية بالغناء والكلمات لتصل اليوم إلى مجرد تنويعات على أصل هزيل وباهت، وفقدت الكثير من الموسيقات هويتها وصارت تلاحق أنماطاً استهلاكية مستحدثة، تقتات على غرائز وموجات تسليع.

ما بدا ثورة ضرورية في بداية القرن العشرين، صار عبئاً ثقيلاً على الموسيقى ومسوّغاً لفوضى استطيقية تعصف بها، وذلك لأن الأجيال التي تلت تلك الثورة رفعتها إلى مصاف دوغما جديدة، مُغفلةً أن الأمر كان يتعلّق بضرورة مرحلية فقط.


اقرأ أيضاً: الأغنيات القاتلة

المساهمون