خرج اجتماع بين سياسيين بريطانيين وفرنسيين سابقين، اليوم الخميس، بضرورة التنسيق الدفاعي بين البلدين، وخاصة في وجه تراجع التزام أميركا ترامب عن الدفاع المشترك مع الجانب الأوروبي.
وأشار كل من وزير الدفاع البريطاني السابق، اللورد روبرتسون، والذي شغل أيضاً منصب الأمين العام لحلف الناتو، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق برنارد كازنوف إلى أن العلاقات الدفاعية بين البلدين تمر في أضعف حالاتها في وقت تحتاج فيه القوى العسكرية الكبرى في القارة الأوروبية إلى تعزيز التعاون العسكري بينها.
وعزت جلسة النقاش التي عقدها فريق من الخبراء بقيادة السياسيين السابقين التهديد الذي يواجهه الأمن المشترك الفرنسي والبريطاني إلى بريكست، وفشل مشاريع الصناعة الدفاعية المشتركة بين البلدين.
وأشار الوزيران السابقان إلى أن تراجع دعم الولايات المتحدة "للنظام العالمي الليبرالي" وتركيزها على منطقة المحيط الهادئ يدفع القوى العسكرية الأوروبية الكبرى إلى الاعتماد كلياً على نفسها، حيث قالا "إن علاقة هشة بين بريطانيا وفرنسا تهدد أمننا وأمن الدول الأوروبية الأخرى وغيرها حول العالم ... وعلى الرغم من أهمية هذا التحالف فإن التعاون الحالي في أضعف حالاته"، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا تايمز".
وخرجت ورشة العمل بين الوزيرين السابقين بتقرير يوصي بفصل محادثات بريكست المتعلقة بعلاقة بريطانيا الأمنية مع الاتحاد الأوروبي عن المفاوضات التجارية كلياً.
وقال اللورد روبرتسون، الذي قاد الناتو بين عامي 1999 و2004 "أعتقد أن إدارة ترامب قد شددت على ضرورة أن تقوم أوروبا بالمزيد للدفاع عن مصالحها، وتؤكد نتيجة الانتخابات النصفية على حقيقة التقلب في السياسة الخارجية الأميركية وهو ما يجب أن يدفع بأوروبا للتركيز على مصالحها"، في إشارة إلى أن تقييد يدي الرئيس الأميركي داخلياً بعد خسارة الأغلبية في الكونغرس، سيدفعه إلى التركيز على السياسة الخارجية لتحقيق بعض من وعوده.
وأضاف روبرتسون "يمتلك ترامب موقفاً سلبياً تجاه الناتو وله مواقف عدائية حول دور عدد من الدول الأوروبية وجديتها في الدفاع. وأدى ذلك إلى جعل العديد من الحلفاء الأوروبيين أكثر قلقاً من الدعم الأميركي الكلي".
إلا أن الوزير البريطاني السابق أكد على أن مقترحاته لا تعني تشكيل جيش أوروبي، ونفى المقترحات الأخيرة التي توحي بأن الجيش الأوروبي مشروع ينوي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تطبيقه، بل أكد على ضرورة دعم الجانب الأوروبي في الناتو.
وأضاف أن "هذا التحالف بين أكبر قوتين عسكريتين في أوروبا شديد الأهمية، لكنه عرضة للضغوط بسبب بريكست في وقت شديد الحساسية وخاصة في ظل ما تقوم به أميركا حالياً. يجب تقويته وتطويره وتعزيزه".
وقال الوزير السابق "لا أعتقد أن الأمن يجب أن يكون جزءاً من المفاوضات إلى جانب التجارة. هناك مصالح أمنية مشتركة واضحة جداً. بريكست لا يغير من الجغرافيا ... بريطانيا وفرنسا حليفتان وتشتركان في المخاطر التي تواجههما ومن الضروري تأكيد أن الدولتين تمثلان أكثر من نصف ميزانية الدفاع الأوروبية وربما أكثر من 60 في المائة من قدرته الدفاعية".
كما يطلب التقرير من الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في علاقاته مع الدول غير الأعضاء، بهدف الإبقاء على العلاقات الأمنية نشطة بعد بريكست، وحث بريطانيا على التخفيف من خطوطها الحمراء وخاصة فيما يتعلق بسلطة محكمة العدل الأوروبية، للسماح للسلطات الأمنية الأوروبية باستخدام قواعد البيانات الأمنية الرئيسية.
في سياق مواز، يلقي وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت كلمة في فرنسا احتفاء بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى، يؤكد فيها تاريخ الدولتين العسكري المشترك وأنه "سيظل مرتبطاً بقوى الصداقة والتجارة على مدة سنوات قادمة". حيث سيستغل هانت هذه العلاقة بين فرنسا وبريطانيا، وخصوصا التحالف بين الدولتين خلال الحربين العالميتين، للحصول على الدعم الفرنسي في المرحلة الحالية شديدة الحساسية في مفاوضات بريكست.
وسيقول هانت في كلمته اليوم إن العلاقة بين الدولتين "هي علاقة تنافس وتعاون، تشابه واختلاف. وأعتقد أن هذا الخليط هو ما يمنحها قوتها، لأننا اخترنا العمل معا لنحو 200 عام".
ويعد الرئيس الفرنسي أكثر المتشددين في رفض طلبات بريطانيا بالحصول على صفقة خاصة مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست. وفي الوقت ذاته يعي ماكرون أن فرنسا تواجه عبئاً دفاعياً أكبر في حال بريكست من دون اتفاق.