22 نوفمبر 2016
داعش يتقلّص في الشتاء
أيهم أبا زيد (سورية)
أن يكون لديك دولة ذات قوّة ونفوذٌ وقرار سيادي نقي، فهذا من أندر ما في الوجود، لكنّ هذا التميّز في البناء، على الرغم من غرابة تكوينه لنْ يكونَ مسوغاً حتى تُقحم نفسك في أمورٍ هي فوق طاقتك.
الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو كما يلقبّها بعضهم داعش، أثارت إعجابَ المحللين المختصّين في الجماعات الإسلامية، إلى درجة أنّهم اعترفوا، كما أعداء هذا التنظيم، بأنَّه يحمل مقوّمات الدولة الناجحة، والتي ربّما ستشكل عائقاً على المشاريع المخطّط لها من صنّاع القرار وراسمي تحديثات الخرائط العالمية.
يمتلكُ هذا التنظيم قدرة عالية في القتال، معتمداً أسلوبَ المباغتة وإرهاب الأعداء باستخدام السيارات المفخخة بأطنان من المواد المتفجّرة، كما أنّه يمتلك قدراتٍ ملفتةٍ في الجانب الإعلامي والدعائي لأفكار التنظيم وإصداراته التي يكثر فيها القتل بأساليب قاسية وغير مألوفة، لكنّها كانت سبباً في زرع الكراهية تجاه هذا التنظيم، والتي من أشهرها طريقة إعدامهم الطيار الأردني، معاذ الكساسبة.
في هذه الحادثة كان لا بدّ للعقل أنْ يتكلّم، ويُسكت الحجارة القابعة على رؤوس الآخرين من قيادات ذلك التنظيم، لكنّ الحجارة كانت أشدَّ وأقسى من روح الحكمة، فكان ما كان في إعدام ذلك الطيّار، وبطريقة حُرّمتْ حتى في دين الإسلام.
ما حدث للطيّار كان أشبه بإسدال ستار كشف الوجه الذي يُخفيه التنظيم، ناهيك عن كراهيةٍ زرِعتْ في قلوب كثيرين، حيث بدأت تتكشّفُ معالم جديدة لهذا التنظيم لم تكن تظهر من قبل.
بعدها استمر التنظيم بممارساته الإعتيادية في إعلان الحرب ضد من يُخالفه، أو من يرفض مبايعته، حيث كان يُحارب جيشاً وحشداً ذي دعم إيرانيّ ومباركةٍ أميركية، وقبائل سنيّة تسعى إلى التحرر من الجانبين، فالطرفان لا يحملان خيراً لها.
وفي سورية أيضاً، كما في العراق، حربٌ ضدّ جيش وميليشات ذات طابع طائفي دخلت تحت شعاراتٍ وهميةٍ، إضافة إلى محاربة التنظيم كل فصيل، حرِاً كان أو إسلامياً، رفض الإنضمام إليهم.
سرد الأحداث وتصرفات هذا التنظيم تبقى ضمن حدود دولتهم المزعومة، وممَّا يندرج تحت عنوان الدفاع عن النفس، إن صح التعبير، لكنّ انتصاراتهم في بعض الجبهات، واغتيالهم كثيرين من أنقياء الثورة في سورية والعراق جعل الغرور ينسابُ إلى قلوبهم وعقولهم، فظنّوا أنّ الأرض، ومن عليها، ستركع لهم يوماً، فبدأوا بالتهديد والوعيد لكلّ من يقف ضدهم من أهل الدار أو الجار، قريباً كان أم بعيداً.
كان التنظيم صادقاً في تهديداته، وذكياً في توظيفها لمصالحه بإيقاع أشدّ الأضرار في خصومه، فالذهاب إلى السعودية والكويت لتفجير مساجد بعينها لزعزعة الأمن، وإحداث فتنة هي بالأصل موقوتة، كانَ حقداً تغلبوا فيه على مكر الشياطين، ليأتيَ بعد ذلك الخطأ الجسيم الذي ارتكبه هذا التنظيم في الاشتباك مع الجيش التركي على الحدود، وقتلهم ضابطاً تركياً وإصابتهم آخرين.
لم يكن متوقعاً لهذا التنظيم، بعد بدايته الجيّدة في بناء مؤسساته، والسعي إلى تأمين مقدراته، أنْ يجلبَ الدمار والأعداء لنفسه بهذه السرعة، وكأنّه يلعبُ لعبة -الدومينو- للتسلية، حيث أنهم: يبنون ثمّ يهدمون الحجارة واحداً تلوَ الآخر، فالعاقل لا يُخبر الأسود عن طبخة اللحم التي أعدها في بيته.
سبّبت هذه الأخطاء المتكرّرة من التنظيم، اتخاذ الدول المعادية له إجراءات وإعدادات لعملٍ مشترك يحولُ واستمرار التمدّد المتسارع لهذا التنظيم، فكان التحالف الذي تقوده أميركا ذا تأثير واضح على مجريات بعض المعارك، وخصوصاً معركة عين العرب، والتي انقلبت فيها موازين القوى لصالح القوات الكردية، بعد تدخل قوات التحالف جوّاً.
ثم جاء التدخل الروسي بغرضه الكاذب، محاربة التنظيم الإرهابي حماية للأمن القومي، إلا أنَّ معظم الطلعات الجوية الروسية كانت ضدّ الثورة وأهلها من المدنيين والعسكريين، وبعض الهجمات الخجولة ضد داعش التي جاءوا لمحاربتها.
أما العمل العسكري التركي فكان الأقوى من الناحية العسكرية، حيث توغلت قوات تركية، واتخذت لها معسكرات داخل الأراضي العراقية والسورية، في خطوة مسبقة لمواجهة أي تحرّك يصدر عن أعداء تركيا.
بعد هذه التدخلات، تهيّأت أرضية جيّدة لعمل عسكري على الأرض ضد هذا التنظيم، حيث شنّت القوات العراقية مدعومة من التحالف جواً وحشد العشائر السنية على الأرض، هجوماً هو الأكبر من نوعه على مدينة الرمادي التي يحتلها التنظيم منذ سبعة شهور مضت، تكلّلت العملية بنجاح كبير، تجلّى بتحرير معظم المدينة وطرد قوات التنظيم لخارجها.
وفي الجانب السوريّ، شنّت أيضاً ما يُسمى قوات سورية الديمقراطية هجوماً على عدة مواقع للتنظيم، أدّت إلى تحرير مواقع كثيرة، أهمّها سد تشرين الإستراتيجي، وطردت عناصر التنظيم منه.
يبدو أنَّ هذا الشتاء سيكون حارّاً لما يحويه من أحداثٍ ساخنة، ستؤدّي إلى تمدّد الصراع بين داعش وبقيّة التحالفات، وستُعاني داعش من برودة الشتاء كثيراً، ولربَّما يكون تقلّصها أمراً طبيعياً في الأيام المقبلة.
الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو كما يلقبّها بعضهم داعش، أثارت إعجابَ المحللين المختصّين في الجماعات الإسلامية، إلى درجة أنّهم اعترفوا، كما أعداء هذا التنظيم، بأنَّه يحمل مقوّمات الدولة الناجحة، والتي ربّما ستشكل عائقاً على المشاريع المخطّط لها من صنّاع القرار وراسمي تحديثات الخرائط العالمية.
يمتلكُ هذا التنظيم قدرة عالية في القتال، معتمداً أسلوبَ المباغتة وإرهاب الأعداء باستخدام السيارات المفخخة بأطنان من المواد المتفجّرة، كما أنّه يمتلك قدراتٍ ملفتةٍ في الجانب الإعلامي والدعائي لأفكار التنظيم وإصداراته التي يكثر فيها القتل بأساليب قاسية وغير مألوفة، لكنّها كانت سبباً في زرع الكراهية تجاه هذا التنظيم، والتي من أشهرها طريقة إعدامهم الطيار الأردني، معاذ الكساسبة.
في هذه الحادثة كان لا بدّ للعقل أنْ يتكلّم، ويُسكت الحجارة القابعة على رؤوس الآخرين من قيادات ذلك التنظيم، لكنّ الحجارة كانت أشدَّ وأقسى من روح الحكمة، فكان ما كان في إعدام ذلك الطيّار، وبطريقة حُرّمتْ حتى في دين الإسلام.
ما حدث للطيّار كان أشبه بإسدال ستار كشف الوجه الذي يُخفيه التنظيم، ناهيك عن كراهيةٍ زرِعتْ في قلوب كثيرين، حيث بدأت تتكشّفُ معالم جديدة لهذا التنظيم لم تكن تظهر من قبل.
بعدها استمر التنظيم بممارساته الإعتيادية في إعلان الحرب ضد من يُخالفه، أو من يرفض مبايعته، حيث كان يُحارب جيشاً وحشداً ذي دعم إيرانيّ ومباركةٍ أميركية، وقبائل سنيّة تسعى إلى التحرر من الجانبين، فالطرفان لا يحملان خيراً لها.
وفي سورية أيضاً، كما في العراق، حربٌ ضدّ جيش وميليشات ذات طابع طائفي دخلت تحت شعاراتٍ وهميةٍ، إضافة إلى محاربة التنظيم كل فصيل، حرِاً كان أو إسلامياً، رفض الإنضمام إليهم.
سرد الأحداث وتصرفات هذا التنظيم تبقى ضمن حدود دولتهم المزعومة، وممَّا يندرج تحت عنوان الدفاع عن النفس، إن صح التعبير، لكنّ انتصاراتهم في بعض الجبهات، واغتيالهم كثيرين من أنقياء الثورة في سورية والعراق جعل الغرور ينسابُ إلى قلوبهم وعقولهم، فظنّوا أنّ الأرض، ومن عليها، ستركع لهم يوماً، فبدأوا بالتهديد والوعيد لكلّ من يقف ضدهم من أهل الدار أو الجار، قريباً كان أم بعيداً.
كان التنظيم صادقاً في تهديداته، وذكياً في توظيفها لمصالحه بإيقاع أشدّ الأضرار في خصومه، فالذهاب إلى السعودية والكويت لتفجير مساجد بعينها لزعزعة الأمن، وإحداث فتنة هي بالأصل موقوتة، كانَ حقداً تغلبوا فيه على مكر الشياطين، ليأتيَ بعد ذلك الخطأ الجسيم الذي ارتكبه هذا التنظيم في الاشتباك مع الجيش التركي على الحدود، وقتلهم ضابطاً تركياً وإصابتهم آخرين.
لم يكن متوقعاً لهذا التنظيم، بعد بدايته الجيّدة في بناء مؤسساته، والسعي إلى تأمين مقدراته، أنْ يجلبَ الدمار والأعداء لنفسه بهذه السرعة، وكأنّه يلعبُ لعبة -الدومينو- للتسلية، حيث أنهم: يبنون ثمّ يهدمون الحجارة واحداً تلوَ الآخر، فالعاقل لا يُخبر الأسود عن طبخة اللحم التي أعدها في بيته.
سبّبت هذه الأخطاء المتكرّرة من التنظيم، اتخاذ الدول المعادية له إجراءات وإعدادات لعملٍ مشترك يحولُ واستمرار التمدّد المتسارع لهذا التنظيم، فكان التحالف الذي تقوده أميركا ذا تأثير واضح على مجريات بعض المعارك، وخصوصاً معركة عين العرب، والتي انقلبت فيها موازين القوى لصالح القوات الكردية، بعد تدخل قوات التحالف جوّاً.
ثم جاء التدخل الروسي بغرضه الكاذب، محاربة التنظيم الإرهابي حماية للأمن القومي، إلا أنَّ معظم الطلعات الجوية الروسية كانت ضدّ الثورة وأهلها من المدنيين والعسكريين، وبعض الهجمات الخجولة ضد داعش التي جاءوا لمحاربتها.
أما العمل العسكري التركي فكان الأقوى من الناحية العسكرية، حيث توغلت قوات تركية، واتخذت لها معسكرات داخل الأراضي العراقية والسورية، في خطوة مسبقة لمواجهة أي تحرّك يصدر عن أعداء تركيا.
بعد هذه التدخلات، تهيّأت أرضية جيّدة لعمل عسكري على الأرض ضد هذا التنظيم، حيث شنّت القوات العراقية مدعومة من التحالف جواً وحشد العشائر السنية على الأرض، هجوماً هو الأكبر من نوعه على مدينة الرمادي التي يحتلها التنظيم منذ سبعة شهور مضت، تكلّلت العملية بنجاح كبير، تجلّى بتحرير معظم المدينة وطرد قوات التنظيم لخارجها.
وفي الجانب السوريّ، شنّت أيضاً ما يُسمى قوات سورية الديمقراطية هجوماً على عدة مواقع للتنظيم، أدّت إلى تحرير مواقع كثيرة، أهمّها سد تشرين الإستراتيجي، وطردت عناصر التنظيم منه.
يبدو أنَّ هذا الشتاء سيكون حارّاً لما يحويه من أحداثٍ ساخنة، ستؤدّي إلى تمدّد الصراع بين داعش وبقيّة التحالفات، وستُعاني داعش من برودة الشتاء كثيراً، ولربَّما يكون تقلّصها أمراً طبيعياً في الأيام المقبلة.
مقالات أخرى
13 نوفمبر 2016
16 ابريل 2016
11 ابريل 2016