خيال الظلّ... فن طوّرته التكنولوجيا

04 مايو 2016
من أحد مسارح إندونيسيا (Getty)
+ الخط -
حتى منتصف القرن الماضي، كان مسرح خيال الظل رائجاً شعبياً في مصر والشام والعراق والمغرب العربي. ويصف الدكتور، محمد مندور، هذا المسرح بأنه عبارة عن ظلال عرائس من الجلد أو الورق المقوى، تظهر على ستار من القماش الأبيض الخفيف، وقد وضع خلف هذه العرائس مصباح ليعكس ظلالها على الستار، وهذه العرائس مكونة من أعضاء تتحرك بواسطة مفاصل، وقد اتصلت بها وبأجزائها خيوط تتجمع في يد صاحب الخيال، وعن طريقها يحرك تلك العرائس وقتما يشاء، ووفق مقتضيات الحوار، الذي يجريه على ألسنة الشخصيات.

ووفقاً لأحمد تيمور باشا فإنّ مسرح خيال الظل يعود إلى قصور الأمراء والأثرياء في العصر الفاطمي، فيما توجد إشارة أخرى لعرض حضره صلاح الدين الأيوبي مع وزيره، القاضي الفاضل، سنة 1171م/567هـ، بينما تكثر الإشارات العثمانية التي تشهد بعروض قدمها فنانون مصريون في إستانبول منذ القرن السادس عشر. ويحتفظ التراث العربي بثلاثة مخطوطات، تعد الأقدم لمسرح خيال الظل، وهي التي ألفها ابن دانيال الموصلي (1249-1311م) النازح إلى مصر، وأطلق عليها بابات (جمع بابة)، وكانت أحداثها تناقش قضايا سياسية واجتماعية وتاريخية بطريقة فكاهية ساخرة. وهي بعناوين (طيف الخيال)، و(عجيب وغريب)، و(المتيم وضائع اليتيم). وكتب المقريزي عن كتاب ابن دانيال (طيف الخيال) أنه لم يصنف مثله في معناه.

في محاولة لاستعادة هذا المسرح التراثي مصرياً، وإعادة إخراجه للجماهير بصورة عصرية؛ أسس الفنان، نبيل بهجت، فرقة ومضة لهذا الغرض. كما أقام بهجت عدة معارض لاستنساخ دمى خيال الظل القديمة مصنوعة من الجلد، إضافة إلى أكثر من 80 ورشة عمل.

وصل خيال الظل إلى أوروبا في القرن السابع عشر، عبر تركيا العثمانية واليونان، فاحتفت به الشعوب الأوروبية، وتطورت تقنياته كثيراً عن الصورة التقليدية التي عرفها العرب قديما وتوارثوها حتى وقت قريب. "راينر رويش" مبدع ألماني أسس مع أبنائه سنة 1982 مسرحاً لخيال الظل.


دلالات
المساهمون