لم تكن الحرب الاقتصادية بعيدة عن العمليات العسكرية، التي يشنها التحالف العسكري بقيادة السعودية لدعم الحكومة اليمنية ضد الحوثيين، لا سيما أن المعارك الأخيرة تستهدف ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر غرب البلاد، بينما تتصاعد التحذيرات من تعرض البلاد لوضع كارثي، لا سيما أن الميناء يمثل المنفذ الرئيسي لواردات البلاد من الغذاء والأدوية والوقود.
ومنذ الأربعاء الماضي تشن قوات موالية للحكومة اليمنية مدعومة بالتحالف الذي تقوده السعودية، هجوما على مدينة الحديدة، ووصلت إلى مشارف المدينة يوم السبت الماضي، ما تسبب في تعطل سبل العيش وتوقف النشاط التجاري وأعمال المزارعين، كما أدت إلى موجة نزوح واسعة من المحافظة.
والحديدة ليست مجرد ميناء، وإنما هي رابع أهم المدن اليمنية وتعتبر مركزا تجاريا واقتصاديا للبلاد، ويوجد بها المقرات الرئيسية لكبريات شركات الملاحة البحرية والشركات الصناعية والتجارية التي تشغل آلاف الموظفين والعمال.
عملياً بدأت حرب التحالف على واردات اليمن منتصف العام 2015، في أعقاب فرض السعودية حظراً بحرياً على موانئ البلد الفقير، الذي يستورد نحو 90% من احتياجاته، ومع مرور الوقت زادت القيود المفروضة على تدفق السلع والخدمات التجارية والإنسانية، خاصة عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين المتهمين بموالاة إيران.
الميناء الذي يوصف بأنه شريان الحياة الرئيسي للواردات إلى اليمن شهد انخفاضاً كبيراً في طاقته وتراجعاً في واردته نتيحة لعمليات التفتيش على السفن من قبل التحالف ابتداء من منتصف عام 2016، وتراجعت الثقة بين الشاحنين التجاريين بسبب التأخيرات.
وفي حربه في اليمن أهداف منفصلة عن دعم السلطة الشرعية في البلاد، وفق محللين وفاعلين في القطاع الاقتصادي، فالتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات يواصل العمل ضمن مخطط يهدف إلى السيطرة على المناطق الاستراتيجية في اليمن، ويقوم بخنق اليمنيين بتقييد وارداته من الغذاء والدواء والوقود.
في بداية التدخل السعودي الإماراتي، انتزع التحالف مدينة عدن الجنوبية على المحيط الهندي ثم سيطر على محافظة حضرموت المطلة على البحر العربي (جنوب شرق اليمن)، ولاحقا سيطر على المحافظات الغنية بالنفط مأرب وشبوة (شرق)، وحاليا يخوض معارك للسيطرة على مناطق الساحل الغربي المطلة على البحر الأحمر.
يقول مسؤول كبير في الغرفة التجارية في العاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن استهداف ميناء الحديدة بإجراءات أمنية وعمليات تفتيش من قبل ثم إغلاقه خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تسبب في صعوبات واجهت استيراد المواد الغذائية والسلعية لحوالي 85% من السكان، كما أدى إلى تشتت حركة التجارة الخارجية في اليمن ومضاعفة الرسوم التأمينية عليها من شركات الشحن، بالإضافة الى ارتفاع أجور النقل الداخلي من المنافذ المفتوحة.
وتوقف ميناء الحديدة خلال الأيام الأخيرة عن استقبال الشحنات التجارية، على وقع تقدم القوات الحكومية التي باتت على مقربة من المطار المدني.
ويقول مصدر في ميناء الحديدة، لـ"العربي الجديد"، إن الميناء استقبل آخر شحنة تجارية يوم الخميس الماضي، وإن السفن القادمة إلى الميناء حولت مسارها باتجاه ميناء عدن في العاصمة المؤقتة للبلاد ومقر الحكومة المعترف بها دولياً (جنوب البلاد).
ويقول أحد كبار التجار في مدينة الحديدة: "هجوم عسكري على مدينة وميناء الحديدة سيضرب اقتصاد اليمن في مقتل، وسيعطل الميناء لفترة طويلة لن تقل عن عشرة أشهر، مما ينذر بحدوث أزمة غذاء ومجاعة فضلا عن أضرار فادحة سيتكبدها القطاع التجاري".
وتؤكد منظمات دولية عاملة في اليمن، أن الهجوم على ميناء الحديدة سيجعل الحياة لـ 27 مليون يمني أكثر سوءا، وينذر بتفشي المجاعة، ولن تتمكن أجزاء كبيرة من البلاد من الحصول على ما يكفي من الطعام.
وتشدد المنظمات على أن ميناء الحديدة ضروري للواردات التجارية والإنسانية، بسبب قربها من مناطق شمال وغرب البلاد، حيث يعيش ثلثا سكان اليمن، ولأنها تحتوي على صوامع لتخزين وطحن الحبوب.
ووفق شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعات التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فإن الحديدة وميناء الصليف القريب منها يجلبان نحو 70% من واردات البلاد الغذائية الشهرية وما بين 40% إلى 50% من الوقود.
وقالت الشبكة في تقرير حديث: "إذا تضرر الميناء أو تم قطعه عن طريق القتال، فإن اليمنيين في جميع أنحاء البلاد سيعانون من المشاكل، ليس لأن الطعام لن يكون متاحا (رغم أن ذلك ليس مستبعدًا)، ولكن لأنه قد يصبح مكلفا جدًا لدرجة أن معظم الناس قد لا يستطيعون شراءه".
ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن العملية العسكرية للسيطرة على الحديدة، سينتج عنها تعطل كبير للتدفقات التجارية للأغذية والوقود المستوردة عن طريق موانئ الحديدة والصليف، خاصة إذا تعرضت مرافق الميناء للتلف.
وقال البرنامج في تقرير حديث: "في حالة إغلاق موانئ البحر الأحمر لفترة طويلة من الوقت، فإن القيود الشديدة المفروضة على الوقود وتوافر الأغذية من شأنها أن تسرع الزيادات الحادة في أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية، في حين أن نقص الإمدادات الطبية المستوردة سيعرض خيارات العلاج للمرض الذي يهدد الحياة للخطر".
ويقول زكريا عبد الصمد، أحد سكان مدينة الحديدة في اتصال هاتفي "توقفت مظاهر الحياة في المدينة على وقع العمليات العسكرية، وتعطل النشاط التجاري والصناعي، وهرب آلاف من التجار وموظفي القطاع الخاص من الحرب إلى مدن مجاورة، تاركين الفقراء يواجهون مصيرهم".
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعًا طارئا، غدا الإثنين، لبحث الهجوم المرتقب على مدينة وميناء الحديدة. وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في تصريحات، يوم السبت الماضي، إنه يتفاوض على إبقاء الميناء مفتوحًا وتسليمه لجهة محايدة.
ويرى حسام السعيدي المحلل الاقتصادي، أن ميناء الحديدة شريان مهم للحياة الاقتصادية في اليمن، ومقترح تسليمه لجهة محايدة ممتاز، ويضمن بقاء الميناء مفتوحاً وهذا في صالح اقتصاد البلد والحركة التجارية التي كانت ستتعرض إلى انتكاسة كبيرة في حال إغلاقه.
ويقول السعيدي لـ"العربي الجديد": "هذا المقترح أيضا يعني حرمان الحوثيين من موارد كبيرة وتحويلها إلى رواتب الموظفين في صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والمتوقفة منذ 20 شهراً".
لكن ثمة مخاوف عدة من حدوث تدخلات كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في خنق واردات البلاد وتوجيهها نحو جهات استيرادية بعينها، فميناء ميناء عدن (جنوب) يقع تحت سلطة الحكومة الشرعية اسميا، ويخضع لسيطرة قوات إماراتية تتسبب إجراءاتها الأمنية في تأخير دخول السفن لفترات طويلة قد تمتد لثلاثة أشهر، وفق مصادر ملاحية.
وكان سعيد المعاري، رئيس نقابة عمال ميناء عدن للحاويات، قال في تصريحات مطلع يونيو/حزيران الجاري، إن الخط الملاحي إيفر جرين علق إرسال سفنه إلى ميناء عدن، مستنكراً الإجراءات الأمنية من قبل غرفة عمليات التحالف العربي بعدن، والتي تهدد النشاط الملاحي في الميناء.
وأضاف المعاري، أن الخط الملاحي إيفر جرين يعتبر سادس خط ملاحي عالمي، وتوقفه خسارة كبيرة لميناء عدن، وهناك تنبيهات شفوية من الخط الملاحي "إم إس سي" تفيد بتعليق الشحن البحري إلى عدن إذا استمرت سفنهم فترات طويلة في الانتظار.
ووفق تقرير للبنك الدولي صادر في 29 مايو/أيار الماضي، فإن القطاع التجاري الخاص في اليمن يواجه عوائق عدة في استيراد السلع الغذائية الأساسية، ومنها القمح والدقيق والأرز. وأوضح البنك في تقريره الذي جاء بعنوان "تأمين واردات السلع الغذائية الضرورية إلى اليمن"، أن مستوردي السلع الغذائية يواجهون تحديات لوجستية تشمل صعوبة الوصول إلى الموانئ الرئيسية، وزيادة التكلفة نتيجة تأخر استخراج تصاريح تخليص الشحنات الواردة فضلا عن العوائق المالية.
وفي ظل التداعيات التي شهدها اليمن على مدار السنوات الماضية، تزيد المعارك الحالية في الساحل الغربي من مخاوف قطاع الشحن البحري العالمي، ومن المتوقع أن يؤدي اقتراب المعارك من مدينة الحديدة إلى توقف الشحن التجاري إلى موانئ غرب اليمن.
وقال وكيل ملاحي محلي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ"العربي الجديد": "اقتراب المعارك من الميناء أثار بشدة مخاوف شركات النقل البحري العالمية التي طلبت من وكلائها المحليين تقييم الوضع أولا بأول، لاتخاذ قرار بوقف الشحن التجاري إلى الميناء اليمني".
وكشف مسؤول حكومي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح خاص عن وجود خطط سعودية مسبقة، لتحويل الشحنات الواردة إلى ميناء الحديدة إلى ميناء جازان السعودي جنوب غرب المملكة، في إطار خطوة للتحكم بالواردات ومصادرها.
وقال المسؤول: "خيار تحويل واردات اليمن إلى ميناء جازان بات متوقعا مع اقتراب المعارك من ميناء الحديدة"، موضحا أن الخطط السعودية تتضمن إعادة فتح منفذ الطوال البري الحدودي بين اليمن والمملكة (شمال غرب اليمن) على أن يقوم التجار بتفريغ شحناتهم بميناء جازان ونقلها براً إلى محافظات شمال وغرب البلاد.
لكن مصطفى نصر، الخبير الاقتصادي اليمني، توقع أن تمنى هذه الخطة بالفشل، مشيرا إلى أن هذه المنافذ لا يمكن أن تكون بديلا لميناء الحديدة.
وكانت السعودية قد عرضت خطة توفير موانئ بديلة لميناء الحديدة على الأمم المتحدة عقب قرارها إغلاق جميع منافذ اليمن البحرية والبرية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على خلفية تنفيذ الحوثيين هجمات صاروخية على العاصمة السعودية الرياض. لكن الخطة السعودية، قوبلت حينذاك برفض دولي ووجدت معارضة شديدة من الأمم المتحدة.
وكان جيمي ماك غولدريك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، قد قال في مؤتمر صحافي يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن اقتراح تقديم مساعدات ضرورية لليمن الذي تمزقه الحرب عبر موانئ أصغر من تلك التي تخضع للحصار لن يحل الوضع الإنساني الكارثي هناك".
وأوضح آنذاك أن الموانئ الصغيرة مثل عدن في جنوب اليمن وجازان في السعودية المجاورة، تفتقر إلى القدرة على التعامل مع كمية الوقود والأغذية والأدوية اللازمة.
ومنذ الأربعاء الماضي تشن قوات موالية للحكومة اليمنية مدعومة بالتحالف الذي تقوده السعودية، هجوما على مدينة الحديدة، ووصلت إلى مشارف المدينة يوم السبت الماضي، ما تسبب في تعطل سبل العيش وتوقف النشاط التجاري وأعمال المزارعين، كما أدت إلى موجة نزوح واسعة من المحافظة.
والحديدة ليست مجرد ميناء، وإنما هي رابع أهم المدن اليمنية وتعتبر مركزا تجاريا واقتصاديا للبلاد، ويوجد بها المقرات الرئيسية لكبريات شركات الملاحة البحرية والشركات الصناعية والتجارية التي تشغل آلاف الموظفين والعمال.
عملياً بدأت حرب التحالف على واردات اليمن منتصف العام 2015، في أعقاب فرض السعودية حظراً بحرياً على موانئ البلد الفقير، الذي يستورد نحو 90% من احتياجاته، ومع مرور الوقت زادت القيود المفروضة على تدفق السلع والخدمات التجارية والإنسانية، خاصة عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين المتهمين بموالاة إيران.
الميناء الذي يوصف بأنه شريان الحياة الرئيسي للواردات إلى اليمن شهد انخفاضاً كبيراً في طاقته وتراجعاً في واردته نتيحة لعمليات التفتيش على السفن من قبل التحالف ابتداء من منتصف عام 2016، وتراجعت الثقة بين الشاحنين التجاريين بسبب التأخيرات.
وفي حربه في اليمن أهداف منفصلة عن دعم السلطة الشرعية في البلاد، وفق محللين وفاعلين في القطاع الاقتصادي، فالتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات يواصل العمل ضمن مخطط يهدف إلى السيطرة على المناطق الاستراتيجية في اليمن، ويقوم بخنق اليمنيين بتقييد وارداته من الغذاء والدواء والوقود.
في بداية التدخل السعودي الإماراتي، انتزع التحالف مدينة عدن الجنوبية على المحيط الهندي ثم سيطر على محافظة حضرموت المطلة على البحر العربي (جنوب شرق اليمن)، ولاحقا سيطر على المحافظات الغنية بالنفط مأرب وشبوة (شرق)، وحاليا يخوض معارك للسيطرة على مناطق الساحل الغربي المطلة على البحر الأحمر.
يقول مسؤول كبير في الغرفة التجارية في العاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن استهداف ميناء الحديدة بإجراءات أمنية وعمليات تفتيش من قبل ثم إغلاقه خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تسبب في صعوبات واجهت استيراد المواد الغذائية والسلعية لحوالي 85% من السكان، كما أدى إلى تشتت حركة التجارة الخارجية في اليمن ومضاعفة الرسوم التأمينية عليها من شركات الشحن، بالإضافة الى ارتفاع أجور النقل الداخلي من المنافذ المفتوحة.
وتوقف ميناء الحديدة خلال الأيام الأخيرة عن استقبال الشحنات التجارية، على وقع تقدم القوات الحكومية التي باتت على مقربة من المطار المدني.
ويقول مصدر في ميناء الحديدة، لـ"العربي الجديد"، إن الميناء استقبل آخر شحنة تجارية يوم الخميس الماضي، وإن السفن القادمة إلى الميناء حولت مسارها باتجاه ميناء عدن في العاصمة المؤقتة للبلاد ومقر الحكومة المعترف بها دولياً (جنوب البلاد).
ويقول أحد كبار التجار في مدينة الحديدة: "هجوم عسكري على مدينة وميناء الحديدة سيضرب اقتصاد اليمن في مقتل، وسيعطل الميناء لفترة طويلة لن تقل عن عشرة أشهر، مما ينذر بحدوث أزمة غذاء ومجاعة فضلا عن أضرار فادحة سيتكبدها القطاع التجاري".
وتؤكد منظمات دولية عاملة في اليمن، أن الهجوم على ميناء الحديدة سيجعل الحياة لـ 27 مليون يمني أكثر سوءا، وينذر بتفشي المجاعة، ولن تتمكن أجزاء كبيرة من البلاد من الحصول على ما يكفي من الطعام.
وتشدد المنظمات على أن ميناء الحديدة ضروري للواردات التجارية والإنسانية، بسبب قربها من مناطق شمال وغرب البلاد، حيث يعيش ثلثا سكان اليمن، ولأنها تحتوي على صوامع لتخزين وطحن الحبوب.
ووفق شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعات التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فإن الحديدة وميناء الصليف القريب منها يجلبان نحو 70% من واردات البلاد الغذائية الشهرية وما بين 40% إلى 50% من الوقود.
وقالت الشبكة في تقرير حديث: "إذا تضرر الميناء أو تم قطعه عن طريق القتال، فإن اليمنيين في جميع أنحاء البلاد سيعانون من المشاكل، ليس لأن الطعام لن يكون متاحا (رغم أن ذلك ليس مستبعدًا)، ولكن لأنه قد يصبح مكلفا جدًا لدرجة أن معظم الناس قد لا يستطيعون شراءه".
ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن العملية العسكرية للسيطرة على الحديدة، سينتج عنها تعطل كبير للتدفقات التجارية للأغذية والوقود المستوردة عن طريق موانئ الحديدة والصليف، خاصة إذا تعرضت مرافق الميناء للتلف.
وقال البرنامج في تقرير حديث: "في حالة إغلاق موانئ البحر الأحمر لفترة طويلة من الوقت، فإن القيود الشديدة المفروضة على الوقود وتوافر الأغذية من شأنها أن تسرع الزيادات الحادة في أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية، في حين أن نقص الإمدادات الطبية المستوردة سيعرض خيارات العلاج للمرض الذي يهدد الحياة للخطر".
ويقول زكريا عبد الصمد، أحد سكان مدينة الحديدة في اتصال هاتفي "توقفت مظاهر الحياة في المدينة على وقع العمليات العسكرية، وتعطل النشاط التجاري والصناعي، وهرب آلاف من التجار وموظفي القطاع الخاص من الحرب إلى مدن مجاورة، تاركين الفقراء يواجهون مصيرهم".
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعًا طارئا، غدا الإثنين، لبحث الهجوم المرتقب على مدينة وميناء الحديدة. وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في تصريحات، يوم السبت الماضي، إنه يتفاوض على إبقاء الميناء مفتوحًا وتسليمه لجهة محايدة.
ويرى حسام السعيدي المحلل الاقتصادي، أن ميناء الحديدة شريان مهم للحياة الاقتصادية في اليمن، ومقترح تسليمه لجهة محايدة ممتاز، ويضمن بقاء الميناء مفتوحاً وهذا في صالح اقتصاد البلد والحركة التجارية التي كانت ستتعرض إلى انتكاسة كبيرة في حال إغلاقه.
ويقول السعيدي لـ"العربي الجديد": "هذا المقترح أيضا يعني حرمان الحوثيين من موارد كبيرة وتحويلها إلى رواتب الموظفين في صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون والمتوقفة منذ 20 شهراً".
لكن ثمة مخاوف عدة من حدوث تدخلات كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في خنق واردات البلاد وتوجيهها نحو جهات استيرادية بعينها، فميناء ميناء عدن (جنوب) يقع تحت سلطة الحكومة الشرعية اسميا، ويخضع لسيطرة قوات إماراتية تتسبب إجراءاتها الأمنية في تأخير دخول السفن لفترات طويلة قد تمتد لثلاثة أشهر، وفق مصادر ملاحية.
وكان سعيد المعاري، رئيس نقابة عمال ميناء عدن للحاويات، قال في تصريحات مطلع يونيو/حزيران الجاري، إن الخط الملاحي إيفر جرين علق إرسال سفنه إلى ميناء عدن، مستنكراً الإجراءات الأمنية من قبل غرفة عمليات التحالف العربي بعدن، والتي تهدد النشاط الملاحي في الميناء.
وأضاف المعاري، أن الخط الملاحي إيفر جرين يعتبر سادس خط ملاحي عالمي، وتوقفه خسارة كبيرة لميناء عدن، وهناك تنبيهات شفوية من الخط الملاحي "إم إس سي" تفيد بتعليق الشحن البحري إلى عدن إذا استمرت سفنهم فترات طويلة في الانتظار.
ووفق تقرير للبنك الدولي صادر في 29 مايو/أيار الماضي، فإن القطاع التجاري الخاص في اليمن يواجه عوائق عدة في استيراد السلع الغذائية الأساسية، ومنها القمح والدقيق والأرز. وأوضح البنك في تقريره الذي جاء بعنوان "تأمين واردات السلع الغذائية الضرورية إلى اليمن"، أن مستوردي السلع الغذائية يواجهون تحديات لوجستية تشمل صعوبة الوصول إلى الموانئ الرئيسية، وزيادة التكلفة نتيجة تأخر استخراج تصاريح تخليص الشحنات الواردة فضلا عن العوائق المالية.
وفي ظل التداعيات التي شهدها اليمن على مدار السنوات الماضية، تزيد المعارك الحالية في الساحل الغربي من مخاوف قطاع الشحن البحري العالمي، ومن المتوقع أن يؤدي اقتراب المعارك من مدينة الحديدة إلى توقف الشحن التجاري إلى موانئ غرب اليمن.
وقال وكيل ملاحي محلي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ"العربي الجديد": "اقتراب المعارك من الميناء أثار بشدة مخاوف شركات النقل البحري العالمية التي طلبت من وكلائها المحليين تقييم الوضع أولا بأول، لاتخاذ قرار بوقف الشحن التجاري إلى الميناء اليمني".
وكشف مسؤول حكومي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح خاص عن وجود خطط سعودية مسبقة، لتحويل الشحنات الواردة إلى ميناء الحديدة إلى ميناء جازان السعودي جنوب غرب المملكة، في إطار خطوة للتحكم بالواردات ومصادرها.
وقال المسؤول: "خيار تحويل واردات اليمن إلى ميناء جازان بات متوقعا مع اقتراب المعارك من ميناء الحديدة"، موضحا أن الخطط السعودية تتضمن إعادة فتح منفذ الطوال البري الحدودي بين اليمن والمملكة (شمال غرب اليمن) على أن يقوم التجار بتفريغ شحناتهم بميناء جازان ونقلها براً إلى محافظات شمال وغرب البلاد.
لكن مصطفى نصر، الخبير الاقتصادي اليمني، توقع أن تمنى هذه الخطة بالفشل، مشيرا إلى أن هذه المنافذ لا يمكن أن تكون بديلا لميناء الحديدة.
وكانت السعودية قد عرضت خطة توفير موانئ بديلة لميناء الحديدة على الأمم المتحدة عقب قرارها إغلاق جميع منافذ اليمن البحرية والبرية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على خلفية تنفيذ الحوثيين هجمات صاروخية على العاصمة السعودية الرياض. لكن الخطة السعودية، قوبلت حينذاك برفض دولي ووجدت معارضة شديدة من الأمم المتحدة.
وكان جيمي ماك غولدريك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، قد قال في مؤتمر صحافي يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن اقتراح تقديم مساعدات ضرورية لليمن الذي تمزقه الحرب عبر موانئ أصغر من تلك التي تخضع للحصار لن يحل الوضع الإنساني الكارثي هناك".
وأوضح آنذاك أن الموانئ الصغيرة مثل عدن في جنوب اليمن وجازان في السعودية المجاورة، تفتقر إلى القدرة على التعامل مع كمية الوقود والأغذية والأدوية اللازمة.