مَنحتُ المِرآة شمْعَتي وغُصتُ في الماء. لمْ تنبتْ على أطرافي زعانفٌ،
ولا جاءَني بَرقٌ يَسكُنُ قِمَّةَ الجَبل بقنديلِه الأبيض.
ما مَلكتُ هنا غيرَ يَد تُكَوِّمُ الظلامَ في البئر والغابة، وتَحفرُ عميقاً في البياض،
حتى تعثر على ظلِّها الكبير، ظِلِّ رَجُلٍ ينحني على وَجهِه،
يُعيد عَيْنيْهِ إلى كهفِهِما الفارِغ،
ويَمنح نظرتَه سَكينة مَيِّت.
هل تَعلَمُ قدماه أيَّ أرضٍ سَتَمْشي عليها اليوم؟
هل تعرف يداه لِمَن ستُلوِّح في هذا المُنحدر الثلجي؟
وهل ستبقى في الماء زنبقةٌ واحدةٌ تَشهدُ على عبوره الليلي إلى بلادٍ أخرى،
خلف المِرآة، تلك الجزيرة المرصوفة بكلمات أخرى،
لا هي حُروفٌ ولا هي حِجارة.
كَلماتٌ دَفنَ فيها الغسق الأوّل كنوزَهُ،
جاعِلا القوارب تصطكُّ في لُجّة النيران.
* شاعر من المغرب