03 نوفمبر 2024
خلاف أم قطيعة بين الغنوشي والسبسي؟
لأول مرة منذ تحالفهما، يرفض زعيم حركة النهضة في تونس، راشد الغنوشي، الاستجابة لرغبة رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي، الخاصة بإدراج نص قانوني، يتم بموجبه تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، بشرط موافقة صاحب التركة.
لم يكن اللقاء عاديا بين الرجلين، حيث لم يتمكّنا من التوصل إلى حل توافقي، مثلما كان الشأن دائما في قضايا سابقة وشائكة عديدة، فالحملة المتواصلة ضد تقرير الحريات، والتي تجمع مختلف الأطراف الدينية، نجحت في الضغط على قيادة حركة النهضة، ومنعتها إلى الآن من التعامل بالبرغماتية نفسها التي أنقذتها في السابق من فخاخٍ كثيرة، ومكّنتها من البقاء ضمن المشهد السياسي فاعلا رئيسيا.
على الرغم من الخلفية الدينية للمسألة، إلا أنها ضمن الوضع الراهن، ستخضع بالضرورة للاعتبارات السياسية القائمة التي ستدفع نحو القبول أو الرفض، ما من شأنه أن ينقل الجدل من الفضاء العام إلى داخل البرلمان، ولجوء هذا الطرف أو ذاك إلى نسج تحالفاتٍ مؤقتةٍ لعرقلة المشروع الرئاسي أو دعمه.
لا يتعلق الأمر فقط بمصير هذا المشروع، وإنما يتجاوز ذلك ليمسّ مستقبل العلاقات السياسية بين "الشيخين". هل يمكن أن يؤثر هذا الخلاف على مستقبل إدارة الشأن العام بين "النهضة" و"نداء تونس"؟ أم أن الباب لا يزال مفتوحا للتوصل إلى توافقٍ ما؟
السبسي مصرٌّ على الذهاب بعيدا في دفاعه عما يعتبره " مشروع حياته" الذي يريد أن يتوّج به مسيرته السياسي. لهذا سيضغط في كل الاتجاهات. وحتى لا يبقى تحت رحمة "النهضة"، سيبدأ بحزبه الذي يحاول تجميع فلوله. كما سيراهن على معظم الأحزاب الحداثية التي يمكن أن تجاريه في هذا السياق. كما ستقف معه الجبهة الشعبية، على الرغم من خلافها السياسي معه، وعلى الرغم من رفض الأحزاب القومية للمبادرة من منطلق ثقافي وسياسي. أما بقية المجموعات الصغيرة في البرلمان سيصعب التكهن بمواقفها حاليا.
قد يكون من غير المضمون حصول السبسي على الأغلبية لتمرير مشروعه، ولهذا لن يتخلى عن شريكه الرئيسي في الحكم، وسيستمر في الضغط عليه من جهاتٍ متعدّدة، عسى أن يخفّف من حدة معارضته مسألة التنصيص على المساواة في الميراث. وهذه مسألةٌ يدركها جيدا الغنوشي الذي يتمتع بمرونةٍ واسعة، إلى جانب حرصه على عدم قطع جسور التواصل والتعاون مع رئيس الجمهورية، على الرغم من اختلافه معه في مسائل عديدة.
يتحرّك الغنوشي، هذه المرة، على أرضٍ صعبة، يختلط فيها الديني بالسياسي، بشكل غير مسبوق، فهو من جهةٍ لا يستطيع أن يتجاوز بسهولة ما يعتبرها "خطوطا حمراء"، منها وجود نص قطعي، غير قابل للتأويل، حسبما يراه أغلب المحيطين به، كما أنه يخشى أيضا على قواعد حزبه من احتمال التمرّد أو أن يتم استيعاب جزء منهم من تيارات أخرى راديكالية، وجدت في هذه المعركة ضالةً لها لإثبات وجودها و"شرعيتها " من جديد. لهذا وجدت حركة النهضة نفسها غير قادرةٍ هذه المرة، على أن تثبت فصلها بين الدعوي والسياسي، في الوقت الذي ترى فيه أئمة المساجد يشكلون كتلةً واحدةً لمواجهة المشروع الرئاسي.
ما يقلق الغنوشي أيضا أن يحشر مع حركته في صف المحافظين، وهو الذي بذل جهودا ضخمة، من أجل بناء رصيد من الثقة مع الغرب، طوال السنوات السبع الماضية، ويخشى حاليا أن ينعكس هذا الخلاف مع السبسي على صورته وصورة الحركة على الصعيد الدولي، من خلال اعتباره معاديا للمساواة بين الجنسين.
إلى أن يتم عرض المشروع على البرلمان، تتمسّك "النهضة" بملازمة الحذر، وتتجنّب التصعيد السياسي والميداني. وهو ما يفهم من تصريحات مسؤولين عديدين فيها. وسيمكّنها التركيز على مسألة الميراث خلال المرحلة المقبلة، من دون الانشغال بغيرها، من هامش التحرّك، وقد تؤدي الاتصالات البعيدة عن الأضواء إلى طبخ توافقٍ ما من شأنه أن يخرج الجميع من المأزق الراهن، ويبعد البلاد عن التطرّف، ويؤكد تمسّكها بالخط الإصلاحي والحداثي.
لم يكن اللقاء عاديا بين الرجلين، حيث لم يتمكّنا من التوصل إلى حل توافقي، مثلما كان الشأن دائما في قضايا سابقة وشائكة عديدة، فالحملة المتواصلة ضد تقرير الحريات، والتي تجمع مختلف الأطراف الدينية، نجحت في الضغط على قيادة حركة النهضة، ومنعتها إلى الآن من التعامل بالبرغماتية نفسها التي أنقذتها في السابق من فخاخٍ كثيرة، ومكّنتها من البقاء ضمن المشهد السياسي فاعلا رئيسيا.
على الرغم من الخلفية الدينية للمسألة، إلا أنها ضمن الوضع الراهن، ستخضع بالضرورة للاعتبارات السياسية القائمة التي ستدفع نحو القبول أو الرفض، ما من شأنه أن ينقل الجدل من الفضاء العام إلى داخل البرلمان، ولجوء هذا الطرف أو ذاك إلى نسج تحالفاتٍ مؤقتةٍ لعرقلة المشروع الرئاسي أو دعمه.
لا يتعلق الأمر فقط بمصير هذا المشروع، وإنما يتجاوز ذلك ليمسّ مستقبل العلاقات السياسية بين "الشيخين". هل يمكن أن يؤثر هذا الخلاف على مستقبل إدارة الشأن العام بين "النهضة" و"نداء تونس"؟ أم أن الباب لا يزال مفتوحا للتوصل إلى توافقٍ ما؟
السبسي مصرٌّ على الذهاب بعيدا في دفاعه عما يعتبره " مشروع حياته" الذي يريد أن يتوّج به مسيرته السياسي. لهذا سيضغط في كل الاتجاهات. وحتى لا يبقى تحت رحمة "النهضة"، سيبدأ بحزبه الذي يحاول تجميع فلوله. كما سيراهن على معظم الأحزاب الحداثية التي يمكن أن تجاريه في هذا السياق. كما ستقف معه الجبهة الشعبية، على الرغم من خلافها السياسي معه، وعلى الرغم من رفض الأحزاب القومية للمبادرة من منطلق ثقافي وسياسي. أما بقية المجموعات الصغيرة في البرلمان سيصعب التكهن بمواقفها حاليا.
قد يكون من غير المضمون حصول السبسي على الأغلبية لتمرير مشروعه، ولهذا لن يتخلى عن شريكه الرئيسي في الحكم، وسيستمر في الضغط عليه من جهاتٍ متعدّدة، عسى أن يخفّف من حدة معارضته مسألة التنصيص على المساواة في الميراث. وهذه مسألةٌ يدركها جيدا الغنوشي الذي يتمتع بمرونةٍ واسعة، إلى جانب حرصه على عدم قطع جسور التواصل والتعاون مع رئيس الجمهورية، على الرغم من اختلافه معه في مسائل عديدة.
يتحرّك الغنوشي، هذه المرة، على أرضٍ صعبة، يختلط فيها الديني بالسياسي، بشكل غير مسبوق، فهو من جهةٍ لا يستطيع أن يتجاوز بسهولة ما يعتبرها "خطوطا حمراء"، منها وجود نص قطعي، غير قابل للتأويل، حسبما يراه أغلب المحيطين به، كما أنه يخشى أيضا على قواعد حزبه من احتمال التمرّد أو أن يتم استيعاب جزء منهم من تيارات أخرى راديكالية، وجدت في هذه المعركة ضالةً لها لإثبات وجودها و"شرعيتها " من جديد. لهذا وجدت حركة النهضة نفسها غير قادرةٍ هذه المرة، على أن تثبت فصلها بين الدعوي والسياسي، في الوقت الذي ترى فيه أئمة المساجد يشكلون كتلةً واحدةً لمواجهة المشروع الرئاسي.
ما يقلق الغنوشي أيضا أن يحشر مع حركته في صف المحافظين، وهو الذي بذل جهودا ضخمة، من أجل بناء رصيد من الثقة مع الغرب، طوال السنوات السبع الماضية، ويخشى حاليا أن ينعكس هذا الخلاف مع السبسي على صورته وصورة الحركة على الصعيد الدولي، من خلال اعتباره معاديا للمساواة بين الجنسين.
إلى أن يتم عرض المشروع على البرلمان، تتمسّك "النهضة" بملازمة الحذر، وتتجنّب التصعيد السياسي والميداني. وهو ما يفهم من تصريحات مسؤولين عديدين فيها. وسيمكّنها التركيز على مسألة الميراث خلال المرحلة المقبلة، من دون الانشغال بغيرها، من هامش التحرّك، وقد تؤدي الاتصالات البعيدة عن الأضواء إلى طبخ توافقٍ ما من شأنه أن يخرج الجميع من المأزق الراهن، ويبعد البلاد عن التطرّف، ويؤكد تمسّكها بالخط الإصلاحي والحداثي.