تمكنت حركة "حماس" وفصائل قطاع غزة من الخروج منتصرة من جولة التصعيد الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد فرْض معادلة "القصف مقابل القصف"، في أعقاب جهود قطرية مضنية على مدار الأسبوع الماضي أفضت إلى الإعلان عن تهدئة جديدة. وجاء ذلك رغم تأكيدات مصرية بلعب دور في إقناع إسرائيل بضرورة التجاوب مع مطالب القطاع، في ظل جدية الفصائل للدخول في مواجهة عسكرية طويلة الأمد، في حال أصرّت الحكومة الإسرائيلية على التعنت، وفرض معادلة "الهدوء مقابل الهدوء"، من دون تنفيذ أيٍّ من المطالب التي نقلتها "حماس" عبر الوفد الأمني المصري والوسيط القطري. ووفقاً لمصادر مصرية خاصة وأخرى من حركة "حماس"، فإنّ نتائج الجولة الأخيرة من التصعيد والمفاوضات مثّلت انتصاراً ربما يكون غير مسبوق للحركة والقطاع، مشيرة إلى أن فرض سياسة الفصائل الجديدة المتمثلة في معادلة "القصف مقابل القصف"، ربما تكون أهم كثيراً من تنفيذ المطالب ذاتها، خصوصاً أن الفصائل تحيّنت الوقت المناسب، للضغط على تل أبيب، التي كانت ترغب في إنهاء التصعيد قبل بدء العام الدراسي الجديد لديها مطلع شهر سبتمبر/أيلول الحالي. وقالت المصادر إن التفاهمات الجديدة التي تم التوصل إليها، تمثلت في فتح معبري كرم أبو سالم وبيت حانون، بالإضافة إلى إنهاء كافة الإجراءات الإسرائيلية الخاصة بتشديد الحصار أخيراً، والتي كان من بينها إغلاق بحر غزة أمام الصيادين.
زيارة مرتقبة للوفد المصري إلى قطاع غزة لاستكمال المباحثات
وبحسب مصدر حمساوي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الجهد القطري خلال الساعات الـ48 الأخيرة التي سبقت الإعلان عن الاتفاق، أدى الدور الأكبر في انتزاع الموافقة الإسرائيلية. وكشف أن "قطر أكدت التزامها بإرسال المنحة القطرية عن الشهرين الماضيين، في حال وافق الاحتلال، وهذا الأمر كان من بين المطالب الرئيسية التي رفعتها الحركة". وبحسب المصدر فإن "الدور القطري المشكور لم يقتصر على المنحة الشهرية الثابتة فقط، بل تعهدت الدوحة أيضاً بتقديم منحة إضافية لمواجهة فيروس كورونا، مع إلزام إسرائيل بالموافقة على تمريرها في ظل الوضع الصحي السيئ بالقطاع". وأضاف المصدر: "إن تقديم الجانب القطري أيضاً لضمانات بشأن إمداد وتشغيل خط للكهرباء، وتحمل نفقاته، وإمداد محطة توليد الكهرباء بخط غاز إسرائيلي تدفع قطر ثمنه من المنحة، جعل الجانب الإسرائيلي مضطراً للقبول بالتفاهمات هذه المرة". وبحسب المصدر "تلتزم حركة حماس في المقابل بوقف إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه مستوطنات غلاف غزة الإسرائيلية، إضافة إلى وقف فعاليات الإرباك الليلي". وأوضح أن من بين أهم مكاسب هذه الجولة أيضاً هو الاتفاق على سقف زمني لتنفيذ ما تبقى من تفاهمات، بعدما تم تحديد مدة الشهر لبدء مفاوضات جادة بشأن باقي بنود التفاهمات المعلقة. وأشار إلى أن التفاهمات الجديدة شملت إدخال المستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة وباء كورونا. من جهته، أفاد مصدر مصري، بأنه من المقرر أن يزور الوفد المصري غزة خلال الفترة المقبلة لفتح نقاش بشأن باقي تفاهمات الوساطة السابقة، والتي كانت ترعاها القاهرة وتم إرجاء الحديث بشأنها خلال الجولة الحالية لشهر، والمتعلقة بمطالب حركة "حماس" الخاصة بمشاريع البنية التحتية، والمشروعات الصناعية المرتبطة بتخفيف مستوى البطالة، وفتح باب التصدير من القطاع. وكانت حركة "حماس" قد أعلنت أول من مساء أمس الاثنين، عن التوصل إلى تفاهمات مع الاحتلال الإسرائيلي عبر وسطاء، لاحتواء التصعيد ووقف العدوان الصهيوني على القطاع، وذلك في بيان صدر عن مكتب رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار. وذكر بيان السنوار أنه "سيتم الإعلان عن عدد من المشاريع التي تخدم أهلنا في قطاع غزة، وتساهم في التخفيف عنهم في ظل موجة كورونا التي حلت بقطاع غزة". وشهد الأسبوعان الماضيان تصعيداً محسوباً بين غزة والاحتلال الإسرائيلي، وكادت تنفجر الأوضاع عقب فشل الوساطة المصرية. وكان رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، قد نبّه إلى خطورة الأوضاع الراهنة في القطاع وتدهور قطاعات مختلفة نتيجة استمرار الحصار، مؤكداً في الوقت ذاته استمرار الجهود والاتصالات الحثيثة لدولة قطر من أجل التوصل إلى تفاهمات التهدئة بين الأطراف.