كشفت مصادر برلمانية عراقية، أمس الأحد، عن اعتصام مرتقب لـ"التيار الصدري" وحلفائه داخل قبة البرلمان، في حال عدم سحب الثقة عن المفوضية العليا للانتخابات العراقية، والتي يتهمها "التيار الصدري" وكتل أخرى بالانحياز لصالح حزب "الدعوة" وقوى أخرى، وبالتلاعب بنتائج الانتخابات وبالفساد المالي. وقال عضو بارز في "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، إن الأخير أبلغ أعضاء البرلمان التابعين لتياره بضرورة الاستعداد لإقامة اعتصام مفتوح داخل قاعة البرلمان، في حال عدم سحب الثقة من المفوضية العليا للانتخابات التي جرى استجوابها الأسبوع الماضي، بتهم الفساد وسوء الإدارة. وكشف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، عما وصفها برسالة موجهة من الصدر إلى أعضاء البرلمان التابعين للتيار، جاء فيها "نحتاج إلى التهيؤ والعمل والتنسيق مع الكتل والنواب لتنظيم اعتصام للرافضين لبقاء المفوضية، في حالة التصويت على إبقائها، مع جمع تواقيع وأسماء من يستعد لذلك الاعتصام لحين إقصاء هذه المفوضية".
وتضغط أحزاب وكتل سياسية عدة أبرزها حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، من أجل إبقاء عمل المفوضية تحت ذرائع عدم كفاية الوقت المتاح لإقالتها وتشكيل غيرها، لا سيما أن موعد تنظيم الانتخابات الخاصة بحكومات المحافظات المحلية المقبلة لا يتجاوز الخمسة أشهر، كما أن الانتخابات البرلمانية ستجرى بحلول نحو عشرة أشهر. إلا أن كتلاً أخرى تجد أن دفاع حزب "الدعوة" وكتل أخرى متهمة أصلاً بأنها تتمتع بنفوذ داخل "المفوضية"، دليل على فسادها.
من جانبه، أكد نائب عن كتلة "الأحرار"، طلب عدم ذكر اسمه، تلك المعلومات، قائلاً "هناك خطوات عدة وسيعلن كل شيء في وقته، وإذا بدأ الاعتصام سيتعطل البرلمان وتتعطل قراءة وتمرير بعض القوانين التي تسعى بعض الكتل لتمريرها". وبيّن أن "هناك إجراءات أخرى سيقوم بها الصدر في الأيام المقبلة، وهي إعادة التظاهرات والاعتصامات أمام المنطقة الخضراء للمطالبة بإقالة المفوضية التي أثبتت أنها فاسدة"، لافتاً إلى المعلومات التي كشفتها كتلة "التيار الصدري" البرلمانية بشأن وثائق تثبت حالات فساد، مؤكداً أن سيتم تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة لإقالة "المفوضية". وأضاف النائب في حديث لـ"العربي الجديد" أن "سبب عدم إقالة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في نفس الجلسة وتأجيلها، كون المستجوِب تابعاً للتيار الصدري، والرافضين لإقالة المفوضية تابعين لحزب الدعوة، جناح المالكي، داخل التحالف الوطني". وأشار إلى أن "هناك حرباً غير معلنة بين التيار الصدري ورئيس الوزراء السابق (المالكي)"، بحسب قوله. وأكد أن هناك خياراً أخيراً لـ"التيار الصدري" وهو مقاطعة الانتخابات التي تجرى عام 2018، ومنع أبناء هذا "التيار" من الذهاب إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في مجلس النواب العراقي.
وقدمت "مفوضية الانتخابات" أخيراً، طعناً لدى المحكمة الدستورية العراقية قالت فيه إن جلسة الاستجواب والتصويت على قناعة البرلمان من عدمها لم تكن قانونية. وقالت عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات، كولشان كمال، إن "التصويت يجب أن يكون وفق النصف زائد واحد (عدد نواب البرلمان يبلغ 328 عضواً) وهو ما لم يتم في جلسة التصويت على قناعة النواب من عدمها بأجوبة المفوضية". وأضافت أن الجلسة لم تنته برأي الأغلبية بل صوّت 119 نائباً لصالح عدم قناعتهم بالأجوبة و118 نائباً لصالح قناعتهم بالأجوبة، وفق قولها. وختمت بالقول إن "المفوضية استندت إلى رأي محامين وخبراء في هذا الموضوع وقدمت على أساس ذلك اعتراضاً أمام المحكمة الدستورية"، مؤكدةً أن "المفوضية" ستلتزم بقرارات المحكمة، وفق تعبيرها.
وتأسست المفوضية العليا للانتخابات العراقية عام 2004 بعد الاحتلال الأميركي للبلاد بعام واحد. واعتبرت هيئة مستقلة غير مرتبطة بالحكومة وتخضع للبرلمان العراقي مثل مجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة وغيرها من الهيئات المستقلة، لتكون حصراً السلطة الانتخابية الوحيدة في البلاد. وتتألف من تسعة أشخاص جرى اختيارهم بشكل غير واضح وانتقائي، وفقاً للطائفة والقومية. ورشحت الأحزاب شخصيات منها ليتم اختيارهم في هذه المفوضية. وتمتلك المفوضية 18 مكتباً في العراق و16 مكتباً لها خارج البلاد، في دول عدة تلاحقها تهم بانتقائية اختيار المكاتب الخارجية وفقاً للطائفة الكبرى في هذا البلد أو ذاك. واستمرت تهم الفساد والتحيّز الحزبي تلازم "المفوضية" منذ ولادتها وتتهم على أنها نفذت سلسلة إجراءات غير قانونية مكنت حزب "الدعوة" من الحصول على أعلى أصوات انتخابية مقارنة بباقي الكتل السياسية، وهو ما يذهب إليه "التيار الصدري" و"التحالف الكردستاني" والقوى السنية والعلمانية في البلاد.