خطر الاتفاق الروسي الأميركي

16 يوليو 2016
يهدف الاتفاق الأميركي ـ الروسي إلى اقتسام سورية(فرانس برس)
+ الخط -
يوحي الاتفاق الروسي الأميركي الذي نصّ على القيام بإجراءات ملموسة لإنقاذ الهدنة ومحاربة الجماعات المتشددة في سورية، وكأنه خطوة على طريق تطبيق الوثيقة الأميركية غير الرسمية التي صدرت عن "وقفية راند" المقربة من أوساط الخارجية الأميركية، والتي طُرحت تحت اسم "وثيقة سلام من أجل سورية". وتبدأ هذه الوثيقة من خلال تثبيت هدنة دائمة بين أطراف الصراع في سورية، واعتماد خطوط الاشتباك بين تلك الأطراف هي حدود لمناطق نفوذها، مترافقة مع تواجد قوى دولية فيها كقوى انتداب تحت مسمى "قوى مراقبة للهدنة"، وتوجيه سلاحها لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لتتحول المنطقة التي ستتم استعادتها منه إلى منطقة نفوذ دولية، بعد القضاء على تنظيم جبهة النصرة المتغلغل ضمن مناطق المعارضة.

التوجه نحو فرض هدنة دائمة بين الأطراف المتصارعة يعكس انتفاء الرغبة الأميركية ـ الروسية بالتوصل لحل سياسي في سورية. وبالتالي، تجاهل كل مفاوضات جنيف والنتائج التي توصلت إليها. كما يعني ذلك، استمرار المجازر بحق المدنيين بشكل مضاعف عن السابق تحت اسم محاربة "جبهة النصرة" والتنظيمات المتطرفة، بسبب تغلغل تلك التنظيمات ضمن مناطق المعارضة.

وربما تكون المراكز التابعة لـ"جبهة النصرة" التي تستهدفها طائرات التحالف الدولي تتمتع بشيء من الدقة، إلّا أن الاستعانة من قبل الروس بضرب "جبهة النصرة" سيعطيها ذريعة تحت اسم الشرعية الدولية لضرب فصائل المعارضة، وارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين في تلك المناطق بحجة محاربة "النصرة"، خصوصاً أن النظام لم يدخر أي فرصة في استخدام اسم محاربة "النصرة" لقصف مناطق المعارضة وارتكاب المجازر بحق المدنيين حتى إنه حاول اقتحام مناطق أثناء فترة الهدنة بنفس الذريعة كمدينة داريا التي تخلو تماماً من أي تنظيم متطرف، وحاول النظام استغلال الهدنة لاقتحامها.

وعلى الرغم من خطورة المخطط الأميركي ـ الروسي الذي يبدو أنه يهدف إلى اقتسام سورية كمناطق نفوذ بين الدول المتحكمة بالشأن السوري، يبقى أنّ الخطر الآني من هذه الخطة هو المجازر المتوقع ارتكابها بحق سكان مناطق شمال سورية، والتي بدأت بوادرها تظهر منذ اليوم الأول لهذا الاتفاق.

المساهمون