خطة لضبط أمن بغداد: نزع سلاح الأهالي والأحزاب

14 يناير 2018
الأمن بدأ مداهمات جمع الأسلحة الأيام الماضية(أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
يرتبط الملف الأمني بالملف السياسي في العراق ارتباطاً وثيقاً، فمع بدايات أي أزمات بين الأحزاب الحاكمة يرتبك الشارع العراقي أمنياً، ما يفرض على الحكومة وضع خطط أمنية استباقية عند ظهور أي توتر سياسي. وفي حين أعلنت التحالفات السياسية لخوض الانتخابات البرلمانية في البلاد، وبدأت بالترويج لنفسها إعلامياً، والتقليل من شأن الجهات المناوئة لها؛ تخشى الحكومة من انعكاس ذلك على الأمن الداخلي، خاصة مع سعي بعض الجهات المناوئة لرئيس الحكومة، حيدر العبادي، إلى الإيقاع بحملته الانتخابية، بالتأثير على الأمن الداخلي في البلاد، ما دفع الحكومة إلى تدارك الموقف ووضع خطة لنزع سلاح الأهالي ومقرات الأحزاب السياسية.

وقال ضابط في قيادة عمليات بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القيادة العامة للقوات المسلّحة أمرت القيادات الأمنية بتوجيه بوصلة الأمن نحو الداخل، وأن تكون أهمية السيطرة عليه على رأس المهام، محذرة من محاولات لزعزعة الأمن فيها"، مبيناً أنّ "القيادات الأمنية عقدت عدّة اجتماعات لبحث هذا الملف، وحددت خطوطاً ثابتة للتحرّك نحو السيطرة عليه".

وأشار إلى أنّ "الخطة ركّزت على القضاء على أسواق بيع السلاح داخل المدن، وقد بدأت فعلاً بذلك، وتمت تصفية سوق مريدي الشهير في مدينة الصدر"، مبيناً أنّ "الخطة حدّدت أيضاً مهمة سحب أسلحة الأهالي، واعتقال المشبوهين، وقد حصلت الموافقة على ذلك، على الرغم من أنّ عمليات الدهم مرفوضة من قبل المواطنين".

وأكد أنّ "العمليات بدأت فعلاً في منطقتي الشعب شمالي بغداد، وأبو غريب غربيها، وستشمل العديد من المناطق الأخرى، ضمن خطة التفتيش"، مبيناً أنّ "التوجيهات أكدت على سحب السلاح بشكل كامل، وعدم الإبقاء حتى على قطعة واحدة".

وأشار إلى أنّ "الخطة تضمّنت أيضاً تفتيش مقرّات بعض الأحزاب السياسية، وجرد أسلحتها، وإبقاء أسلحة الحراسة الاعتيادية فقط فيها، فضلاً عن مراقبة تحركاتها، بشكل يحدّ من إمكانية أن تشكل خطراً على الأمن الداخلي"، مبيناً أنّ "الخطة لا تشمل جميع الأحزاب، بل بعضها، وتم تحديدها، وستكون عمليات الدهم فيها بشكل مفاجئ".


وأكد أنّ "القيادة فتحت خطوط تواصل مع الأهالي للتعاون والإدلاء بأي معلومات تسهم في ضبط الأمن، وقد خصصت مكافأة مجزية للمواطنين، مع الاحتفاظ بسرية تعاونهم مع القوات"، مشيراً إلى أنّه "تم جمع قاعدة معلومات من قبل المواطنين على بعض التحركات المشبوهة، ومنها تحركات في بعض مقرات الأحزاب السياسية".

من جهته، قال قائد عمليات بغداد، الفريق الركن جليل الربيعي، في تصريح صحافي، إنّ "قيادة العمليات باشرت بعمليات دهم وتفتيش مباغتة في حي البساتين بمنطقة الشعب"، مبيناً أنّ "العملية تم خلالها ضبط أسلحة غير مرخصة، من ضمنها رشاشات (بي كي سي) ومسدسات مختلفة الصنع والأنواع، ورمانات يدوية". وأضاف أنّه "تم القبض على عدد من المطلوبين للقضاء، والعملية مستمرة".

وتخشى الحكومة من توجه بعض الأحزاب السياسية لزعزعة أمن العاصمة، بغية الإساءة للنجاحات الأمنية التي تحققت على جبهات القتال، ممثّلة بالقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، التي حسبت لرئيس الحكومة حيدر العبادي الساعي لاستثمارها في حملته الانتخابية، وكسب ودّ الشارع العراقي.

وقال القيادي في "التيار المدني العراقي"، ناظم العتبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الملف الأمني مرهون بالصراع السياسي، وإن العراقيين دفعوا ضريبة هذا الصراع من دمائهم"، مبيناً أنّه "مع كل صراع سياسي تتصارع فيه المصالح والمكاسب الحزبية يكون الملف الأمني هو الملف المستهدف لتحقيق المكاسب".

وأكد أنّ "الانتخابات المقبلة تعدّ من أخطر مراحل الانتخابات التي مرت على البلاد منذ عام 2003، لأن الصراع فيها بلغ ذروته داخل التحالف الحاكم، الأمر الذي يضع الملف الأمني في دائرة الخطر"، مبيناً أنّ "العبادي حقق الكثير من خلال كسر داعش، ومن خلال القضية الكردية، والتقرب للجهات السياسية الأخرى، الأمر الذي أكسبه تعاطفاً شعبياً واسعاً، في وقت تسعى فيه الجهات المناوئة له لنزع هذا التأييد عنه".

وأشار إلى أنّ "الملف الأمني هو طموحهم وفرصتهم، وزعزعته ستنعكس سلباً على العبادي، وأي انتكاسة أمنية ستكون ثغرة في حملة العبادي الانتخابية، الأمر الذي يتطلّب خطة أمنية محكمة لتلافي أي محاولة لاستهداف أمن الداخل".

وتعيش العاصمة بغداد، منذ نحو شهرين، وضعاً أمنياً شبه هادئ، قياساً على الفترات السابقة، إذ إنّ أعمال العنف والتفجيرات انخفضت الى مستوى ملحوظ، وقد كانت تسجل أعلى درجاتها، من خلال تفجيرات تودي بمئات المواطنين وتستهدف المناطق الحساسة في قلب العاصمة.

المساهمون