خطة خليجية لكبح الغلاء

29 فبراير 2016
موجة غلاء تضرب الأسواق (فرانس برس)
+ الخط -

 


تعكف وزارات التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي على وضع خطة جديدة تهدف لكبح جماح ارتفاع الأسعار، من خلال وضع مؤشر جديد للأسعار في الدول الست التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي لإيراداتها، كخطوة أولى لمنع التلاعب في الأسعار عبر الحدود.

ويهدف مشروعا (الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في دول مجلس التعاون) و(بوابة بيانات المركز الإحصائي)، واللذان أطلقهما المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، مؤخراً، إلى إيجاد سياسات تنسيقية وإجرائية وتصحيحية، من شأنها أن تساعد في الحد من ظاهرة الغلاء في دول المجلس.

وبحسب رئيس مجلس إدارة المركز الإحصائي الخليجي، في دورته الحالية، فهد التخيفي، فإن مؤشر الرقم القياسي سيكون أداة مهمة تدعم متخذي القرار في مختلف الجهات الحكومية والخاصة بدول الخليج في إعداد سياسات اقتصادية تُسهم في الحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار في دول المجلس كونها ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية، فضلاً على أنَّ المؤشر الجديد سيوفر قاعدة موحدة لإحصاءات الأسعار بشتى تفاصيلها، ما يساعد المستخدمين على الاستفادة منها في مختلف المجالات ذات العلاقة.

وقامت دول الخليج بخطوات فردية للتصدي للتضخم المرتفع، ففي السعودية أكدت وزارة التجارة والصناعة، على أنها بدأت برنامجاً تتعاون فيه مع وزارتي الزراعة، والاقتصاد، لخفض الأسعار، بعد أن شددت وزارة الاقتصاد والتخطيط على أن الأسعار الغذائية المحلية لا تواكب المؤشرات الدولية، والتي توضح هبوط أسعار الغذاء عالمياً.

واعترف تقرير رسمي لوزارة التجارة السعودية، صدر مؤخراً، أن "مسار أسعار الغذاء في المملكة لم يعد يتبع اتجاه أسعار الغذاء العالمية سواءً بالارتفاع أو الانخفاض"، لافتة إلى أن مؤشر أسعار الغذاء العالمي يوضح تراجعها، نظراً للحصاد الوافر والمخزونات الضخمة للمحاصيل، إلى جانب قوة الدولار وهبوط أسعار النفط.

وتقوم وزارة التجارة بمسح السوق المحلية من خلال جمع تفاصيل عن الأسعار، في الوقت الذي شددت فيه وزارة الزراعة على أن دورها يقتصر على تأمين المنتجات الزراعية الطازجة في الأسواق بكميات تلبي الطلب في مختلف المناطق.

من جانبها خاطبت جمعية حماية المستهلك، وزارة التجارة والصناعة السعودية، بخصوص ارتفاع أسعار الغذاء محلياً مقابل الانخفاض العالمي، وأكدت أن السوق المحلية لا تتجاوب مع الانخفاضات العالمية، ودللت الجمعية على ذلك بأن أسعار السكر العالمية انخفضت عالمياً بمقدار 21%، ولكنها محلياً لم تنخفض إلا بمقدار 2% فقط.

وحسب رئيس جمعية حماية المستهلك السعودية، ناصر آل تويم، لـ"العربي الجديد"، رصدت الجمعية ارتفاعاً في أسعار السلع بمتوسط 10%، الفترة الماضية.

وقال آل تويم إن السوق السعودية لم تستجب للانخفاض العالمي في الأسعار، والذي وصل لنحو 20%، وأشار إلى أن الجمعية تخشى من ارتفاع الأسعار مجدداً، خاصة بعد أن وصل معدل التضخم في البلاد في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إلى مستوى قياسي وهو 4.3%، مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول الذي سبقه، خاصة مع تلميحات عدد من تجار المواد الغذائية الذين هددوا من أن رفع أسعار تأجير الحاويات المبردة في الموانئ السعودية سيرفع من أسعار منتجاتهم.

اقرأ أيضاً: صندوق النقد الدولي يحض دول الخليج على فرض ضرائب

وبالتالي أكد هؤلاء التجار أنهم سيحولون هذه الزيادة على فاتورة المستهلك، وطالبوا صراحة بتدخل وزارة التجارة لحل المشكلة، ما سيجعل المتضرر الأكبر من تلك الزيادة هو المستهلك، حسب رئيس جمعية حماية المستهلك.

وكان نائب رئيس لجنة تجارة المواد الغذائية في غرفة تجارة جدة، واصف كابلي، قد قال في تصريحات سابقة، إن المستهلك يسأل دوماً عن أسباب عدم تراجع أسعار السلع الغذائية محلياً في ظل تراجع أسعار الشحن العالمية ولا يعرف أن الشركات المشغلة تزيد في رسومها على التاجر.

وأضاف "انخفضت أسعار شحن الحاويات بنسبة تصل إلى 10% وأصبحت كلفة شحن الحاوية نحو 800 دولار بدلاً من 900 دولار، ولكن في المقابل زادت الشركات المشغلة للميناء من رسومها بنسبة 100% وعليه ينبغي لوزارة التجارة متابعة مثل تلك المشاكل ومعرفة أسبابها لأن المتضرر منها في النهاية هو المستهلك".

غير أن جمعية حماية المستهلك قللت من أهمية هذه الزيادة التي لا تزيد عن 53 دولاراً عن كل 200 كيلوغرام، مشددة على أنها مجرد عذر سيستغله التجار لرفع الأسعار، مطالبة وزارة التجارة بالتدخل ومنعهم من ذلك.

ولا يختلف الحال كثيراً في الكويت، فقد أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء الحكومية ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين في الكويت بمعدل 3.25% خلال يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة بالشهر ذاته من السنة الماضية.

وقالت الإدارة في تقريرها الشهري عن التحليل الإحصائي للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين إن معدل التضخم في الكويت ارتفع خلال يناير/كانون الثاني الماضي عن مستوياته المسجلة في ديسمبر/كانون الأول الماضي على أساس شهري بنسبة 0.14%، وأضاف التقرير: "ارتفعت في ست من مجموعاته الرئيسية المؤثرة في حركة الأرقام القياسية، وسجل استقرارا في ست مجموعات أيضا دون أن يسجل انخفاضا في أي من المجموعات الفرعية".

ودفع تهاوي أسعار النفط العالمية بنسبة وصلت إلى 70% خلال عام ونصف العام، حكومات بعض دول الخليج إلى إلغاء دعم بعض السلع ومنها الوقود لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها، الأمر الذي ساهم في تفاقم موجة الغلاء.

وفي البحرين ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية الشهر الماضي بنسبة قاربت الـ5%، فيما بلغ متوسط ارتفاع نسبة التضخم في البلاد لنحو 2.5%، وأكد مكتب الإحصاءات البحريني أن التغيير الشهري في مستوى التضخم تأثر برفع الحكومة لأسعار الوقود ورفع الدعم عن اللحوم، ليصل لمستوى قياسي في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

وفي قطر، استمر التضخم مرتفعا، بعد أن أكد جهاز الإحصاء الحكومي، أن معدل التضخم خلال الشهر الماضي ارتفع إلى 2.8%، بسبب زيادة تكاليف الإسكان والمرافق التي تشكل 22% من سلة أسعار المستهلكين، بنسبة 6% عنها قبل عام.

أما في الإمارات، فقد سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً، في يناير/كانون الثاني 2016 بنسبة 3.2% مقارنة بالشهر نفسه من 2015، في العاصمة أبوظبي، فيما ارتفعت لنحو 1.91% في دبي.

في المقابل، كانت سلطنة عُمان أقل الدول الخليجية تأثراً بارتفاع الأسعار، ولم يتجاوز ارتفاع معدل التضخم في السلطنة عُمان خلال شهر يناير/كانون الثاني، نسبة 0.2% مقارنة بالشهر المماثل من عام 2015 وفق ما أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

 



اقرأ أيضاً:
تدابير خليجية جديدة لمواجهة انكماش الاقتصاد
تحرير أسعار المشتقات النفطية يفيد الخليج 

المساهمون