08 نوفمبر 2024
خطب الود الإيراني
لم تفلح محاولات رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في رفع الحرج عن السعودية، بعدما أعلن وزير داخلية بلاده، قاسم الأعرجي، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، طلب وساطة بغداد في تحسين العلاقة بين الرياض وطهران. صدرت تفسيرات كثيرة عن بغداد لتعديل دفّة تصريحات الأعرجي، لكن الأخير وفريقه أصرّا على أن الطلب السعودي كان صريحاً في هذا المجال، ولا يحتمل تأويلاً كثيراً، وذلك بناء على شهادة مشؤوليْن كانا حاضريْن في جلسة الأعرجي مع بن سلمان.
اللافت في السجال بشأن الطلب السعودي هو صمت المسؤولين في الرياض حيال الأمر، مع إعلان نفي حكومي، وترك أمر تأكيد عدم حدوث الطلب السعودي للمسؤولين العراقيين، بعدما أحدثت تصريحات الأعرجي أزمة حكومية في بغداد، إذ سارع العبادي الى محاولة تدارك ما قاله وزير داخليته، بالتأكيد بعد طلب الرياض ذلك، إلا أن الأعرجي ومساعديه تمسّكوا بما قالوه، على اعتبار أنه صحيح جداً وموثوق، وليس أمراً خطيراً كما يحاول العبادي تصويره.
ليس الطلب بحد ذاته مستهجناً، وربما منطقي وحيوي بالنسبة الى السياسة في المنطقة، لتجاوز أزماتٍ كثيرة تمر فيها، بدءاً من سورية وصولاً إلى اليمن. ومحاولات التقارب بين السعودية وإيران ليست جديدة، فقد هدفت مساع كثيرة إلى جمع الطرفين على جدول أعمال متفق عليه بالنسبة إلى المنطقة، بدل التناحر الضمني والعلني التي تدفع ثمنه الدول التي تدور في فلك هاتين القوتين. ولعل محاولة التقارب الأبرز كانت في القمة الخليجية في الدوحة في العام 2007، والتي شارك فيها الرئيس الايراني السابق، محمود أحمدي نجاد، ودخل فيها قاعة الاجتماعات يداً بيد من ملك السعودية الراحل، عبدالله بن عبد العزيز. يومها ساهم هذا التقارب في تخفيف بعض التوترات في المنطقة، ولا سيما لبنان، قبل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، إذ لم تصمد مفاعيل الصورة طويلاً. إذن، ليس خطب الود الإيراني بالنسبة إلى السعودية، وبالعكس، جديداً، غير أن توقيته، هذه المرة، أحدث هذا الكم من الإحراج بالنسبة إلى ولي العهد السعودي الذي يقود حملة حصار قطر بناء على ادعاءات، في مقدمتها تهمة التقارب بين الدوحة وطهران. وعلى الرغم من دحض هذه التهمة، وتبيان أن العلاقات بين قطر وإيران أقل بكثير ممّا هي عليه بين أبوظبي وطهران، على سبيل المثال، إلا أنها بقيت في مقدمة قائمة المطالب التي ترفعها دول الحصار في وجه الدوحة.
لا جديد في القول، إن قائمة المطالب والتهم ليست إلا شماعة للنيل من الدوحة، ومحاولة لتطويق سياستها الخارجية المستقلة، غير أن طلب الوساطة الذي أوصلته السعودية إلى إيران عبر الأعرجي يأتي دليلاً إضافياً على هذا الأمر، فالتفاؤل مع إيران ليس هو المشكلة في حد ذاته، فالمشكلة أنه لا يأتي تحت العباءة، أو الوصاية السعودية - الإماراتية التي تريد فرض سيطرتها على مفاصل كل شاردة وواردة في السياسة الخليجية، داخلية كانت أو خارجية. يأتي خطب الود الإيراني من ضمن هذه التوجهات السعودية - الإماراتية، فلا مشكلة في التقارب إذا كان يصب في مصلحة هذين البلدين فقط، بغض النظر عن رؤية الدول الأخرى لمصالحها. بناء عليه، مقياس الحلال والحرام بالنسبة إلى أبو ظبي والرياض خاضع لمعايير نسبية، فلا شيء ثابتاً باستثناء فرض الوصاية، بأي طريقة كانت.
اللافت في السجال بشأن الطلب السعودي هو صمت المسؤولين في الرياض حيال الأمر، مع إعلان نفي حكومي، وترك أمر تأكيد عدم حدوث الطلب السعودي للمسؤولين العراقيين، بعدما أحدثت تصريحات الأعرجي أزمة حكومية في بغداد، إذ سارع العبادي الى محاولة تدارك ما قاله وزير داخليته، بالتأكيد بعد طلب الرياض ذلك، إلا أن الأعرجي ومساعديه تمسّكوا بما قالوه، على اعتبار أنه صحيح جداً وموثوق، وليس أمراً خطيراً كما يحاول العبادي تصويره.
ليس الطلب بحد ذاته مستهجناً، وربما منطقي وحيوي بالنسبة الى السياسة في المنطقة، لتجاوز أزماتٍ كثيرة تمر فيها، بدءاً من سورية وصولاً إلى اليمن. ومحاولات التقارب بين السعودية وإيران ليست جديدة، فقد هدفت مساع كثيرة إلى جمع الطرفين على جدول أعمال متفق عليه بالنسبة إلى المنطقة، بدل التناحر الضمني والعلني التي تدفع ثمنه الدول التي تدور في فلك هاتين القوتين. ولعل محاولة التقارب الأبرز كانت في القمة الخليجية في الدوحة في العام 2007، والتي شارك فيها الرئيس الايراني السابق، محمود أحمدي نجاد، ودخل فيها قاعة الاجتماعات يداً بيد من ملك السعودية الراحل، عبدالله بن عبد العزيز. يومها ساهم هذا التقارب في تخفيف بعض التوترات في المنطقة، ولا سيما لبنان، قبل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، إذ لم تصمد مفاعيل الصورة طويلاً. إذن، ليس خطب الود الإيراني بالنسبة إلى السعودية، وبالعكس، جديداً، غير أن توقيته، هذه المرة، أحدث هذا الكم من الإحراج بالنسبة إلى ولي العهد السعودي الذي يقود حملة حصار قطر بناء على ادعاءات، في مقدمتها تهمة التقارب بين الدوحة وطهران. وعلى الرغم من دحض هذه التهمة، وتبيان أن العلاقات بين قطر وإيران أقل بكثير ممّا هي عليه بين أبوظبي وطهران، على سبيل المثال، إلا أنها بقيت في مقدمة قائمة المطالب التي ترفعها دول الحصار في وجه الدوحة.
لا جديد في القول، إن قائمة المطالب والتهم ليست إلا شماعة للنيل من الدوحة، ومحاولة لتطويق سياستها الخارجية المستقلة، غير أن طلب الوساطة الذي أوصلته السعودية إلى إيران عبر الأعرجي يأتي دليلاً إضافياً على هذا الأمر، فالتفاؤل مع إيران ليس هو المشكلة في حد ذاته، فالمشكلة أنه لا يأتي تحت العباءة، أو الوصاية السعودية - الإماراتية التي تريد فرض سيطرتها على مفاصل كل شاردة وواردة في السياسة الخليجية، داخلية كانت أو خارجية. يأتي خطب الود الإيراني من ضمن هذه التوجهات السعودية - الإماراتية، فلا مشكلة في التقارب إذا كان يصب في مصلحة هذين البلدين فقط، بغض النظر عن رؤية الدول الأخرى لمصالحها. بناء عليه، مقياس الحلال والحرام بالنسبة إلى أبو ظبي والرياض خاضع لمعايير نسبية، فلا شيء ثابتاً باستثناء فرض الوصاية، بأي طريقة كانت.