خراف ليبيا بدون "سكاكين"

03 أكتوبر 2014
الليبيون يعزفون عن شراء الأضاحي(أرشيف/Getty)
+ الخط -
قفزت أسعار الأضاحي في ليبيا هذا العام بشكل كبير، لغياب الرقابة على الأسواق وتراجع حركة الاستيراد، في ظل تردي الأوضاع السياسية والأمنية للبلاد، ما دفع الكثير من الليبيين إلى العزوف عن الشراء، في وقت انتشرت فيه فتاوى التقسيط لشراء الأضحية.
وتعاني ليبيا صراعاً مسلحاً دموياً في أكثر من مدينة، ولا سيما طرابلس وبنغازي، بين كتائب مسلحة تتقاتل لبسط السيطرة، إلى جانب أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلام السياسي، زادت حدته أخيراً، ما أفرز جناحين للسلطة، وتتمخض عنه حكومتان إحداهما في شرق البلاد والأخرى في غربها.
وأصبحت "أضحية العيد" هذا العام، عبئاً إضافياً، على المواطن الليبي، الذي يعاني بالأساس ارتفاع الأسعار، وغلق أسواق المناطق التي تشهد صراعاً مسلحاً، لتصبح الخراف "بدون سكاكين"، على حد وصف أحد التجار في العاصمة طرابلس.
وقال أمحمد اللبلب، تاجر ومربي مواشي في منطقة القريات على بعد 450 كيلومتراً جنوب طرابلس، إن أسعار الأغنام المحلية تتراوح بين 600 وألف دينار ليبي (بين 496 و826 دولاراً) للرأس الواحد.
وأشار اللبلب في جولة ميدانية لمراسل "العربي الجديد"، إلى أن الأسعار مُرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، بالإضافة إلى نقص العمالة الوافدة في الرعي وارتفاع تكاليفها.
ويقول متابعون للأسواق، إن الأسعار ارتفعت بمقدار 100 دينار لرأس الغنم، مقارنة بالعام الماضي، بصعود تبلغ نسبته %20 في المتوسط.
ويشير مواطنون إلى أن أسعار الأضاحي لا تتناسب مع مستوى الدخول، إذ تشير البيانات الحكومية إلى أن الحد الأدنى للأجور يبلغ 450 ديناراً (350 دولاراً).
وتستهلك ليبيا ما يقرب من مليون رأس من الأغنام بمناسبة عيد الأضحى المُبارك، بحسب آخر إحصاءات لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية عام 2010.
ويقول المواطن سالم العجيلي، إن ارتفاع أسعار الأغنام المحلية، دفع الكثيرين إلى المستوردة كحل بديل لانخفاض أسعارها.
وحسب جولة مراسل "العربي الجديد" في أسواق بيع المواشي في طرابلس، فإن أسعار الأغنام المستوردة من رومانيا تتراوح بين 300 و550 دينارا (248 إلى 454 دولاراً).
لكنّ تجاراً ليبيين يقولون إن الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية أدت إلى تراجع معدلات الاستيراد، ما أدى إلى عدم انخفاض الأسعار.
وفي محافظة مطروح شمال غرب مصر المتاخمة للحدود الليبية، شهدت أسواقها هبوطا في الأسعار، فيما أرجع تجار ذلك إلى انخفاض عمليات التجارة مع ليبيا.
وأعلن مدير أمن مطروح اللواء العناني حمودة، إغلاق معبر السلوم البري على الحدود المصرية - الليبية، أمام حركة الشاحنات المصرية المتجهة إلى الأراضي الليبية، اعتبارا من الأربعاء الماضي، وحتى نهاية عطلة عيد الأضحى، بناءً على طلب السلطات الليبية بسبب توقف العمل بمنفذ مساعد البري.
وأشار مدير التجارة الداخلية بوزارة الاقتصاد في طرابلس محمد الزايدي، إلى أن الوزارة عقدت مجموعة من الاجتماعات مع رجال الأعمال، بشأن فتح باب التوريدات للمناطق المسموح بها مثل رومانيا وتركيا، لتغطية مُتطلبات السوق، ومحاولة خفض الأسعار الجنونية للأغنام المحلية.
وأكد الزايدي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن السعر المتفق عليه يراوح بين 300 و450 ديناراً لرأس الغنم الواحد.
وتقول مصادر من الغرفة التجارية، إن عمليات استيراد الأغنام المستوردة حتى نهاية سبتمبر/أيلول تقدر بـ 15 ألف رأس معظمها من رومانيا وتركيا.
وفي مقابل انتقادات المواطنين في طرابلس لارتفاع الأسعار، وتأخر الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها ومساعدة محدودي الدخل للحصول على الأضاحي بأسعار مناسبة، انتشرت فتاوى تسمح بشراء الأضاحي بالتقسيط.
وأصدرت دار الإفتاء الليبية أخيراً، فتوى تجيز شراء الأضحية بطريقة التقسيط، والشراء بالأجل، وذلك ردا على سؤال من شركة لتربية الأغنام، داعية التجار إلى مساعدة المواطنين.
وتعكس هذه الفتوى حسب محللين اقتصاديين الظروف المعيشية التي يعاني منها الليبيون في ظل الصراع السياسي والمسلح في عدة مناطق بالبلاد.
وأعلنت مؤسسات أهلية خيرية عن حملة لتوفير الأضاحي للمناطق المنكوبة وللأسر النازحة، جراء الاقتتال خصوصا غرب طرابلس وجنوبها.
وحسب تصريحات سابقة للخبير الاقتصادي أحمد أبولسين لـ"العربي الجديد"، فإن الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد في ظل حكومتين في الشرق والغرب، سيتسبب في ارتباك كبير بالوضع الاقتصادي وإصابته بالشلل.
وحسب جولة لمراسل "العربي الجديد" في أسواق العاصمة طرابلس، فإن أسعار سلع عدة ارتفعت إلى الضعف، كما تعاني المصارف التجارية في غرب ليبيا وجنوبها نقصاً حاداً في السيولة.
ودخلت معركة الاقتصاد وتأجيج الأزمات المعيشية على خط الصراع بين الجهات المتناحرة في ليبيا، حيث أشار مجلس شورى ثوار مدينة بنغازي (تجمع لكتائب الثوار الإسلامية) إلى أن هناك منعاً للسفن من دخول ميناء بنغازي لشل الحركة الاقتصادية للمدينة.
وهدد المجلس حسب بيان له يوم الأربعاء بأنه "سيضرب بيد من حديد كل مَن يثبت تورطه في العمل على شل حركة المدينة الاقتصادية".
وقال المجلس إنه "تم منع السفن من دخول ميناء بنغازي البحري، وتم تهديده بالقصف تحت ذرائع باطلة مع توجيه كل السفن إلى ميناء طبرق"، في إشارة إلى تهديدات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بقصف أي سفينة تدخل الميناء، بدعوى جلب سلاح وذخيرة للثوار المناهضين له.
وأضاف البيان أن "بعض الشركات العامة، كشركات الأدوية، تعمل على الانتقال خارج بنغازي، بالإضافة إلى المبالغ الضخمة التي يتم تحويلها لمدينتي البيضاء وطبرق (شرقي ليبيا)".
وتكبدت ليبيا عضو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) خسائر باهظة على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث انخفض إنتاجها عام 2010 قبل الثورة من 1.6 مليون برميل يومياً، إلى أقل نحو من 900 ألف برميل يوميا الأسبوع الحالي، وهي معدلات مرتفعة مقارنة بالأشهر الأولى من العام.
المساهمون