خدع كشفتها الثورة .. والانقلاب
بات يقينياً لدى بعضنا، استحالة أن تنتهي ثورة وتحقق أحلامها وأهدافها خلال ثمانية عشر يوما. فالواقع أشد ألماً ووجعاً، فقد أثبت الواقع سذاجة لا حدود لها في تفكيرنا، فكيف لنظام عسكري ديكتاتوري، تغلغل في مفاصل الدولة العميقة أكثر من ستين عاماً، أن يسقط في ثمانية عشر يوما؟ كيف لداخلية الأنظمة المستبدة أن تسقط في ثمانية عشر يوماً؟ وكيف لقضاء دنشواي وأحكام الظلم والجور أن يسقط في ثمانية عشر يوماً؟ وكيف لإعلام العار والخزي والكذب والخداع، إعلام هزيمة 67، أن يسقط في ثمانية عشر يوما؟
لم يعد بعد الثورة والانقلاب رمزٌ إلا وكسر، ولا تابوه إلا وسقط، ولا شيخ إلا ووقع، وما يزال تيار السقوط جارياً سريعاً، بحيث لا يترك للنفس فرصة للتفكير فيما يحدث! وسقط تابو الجيش المصري العظيم عند ناسٍ كثيرين، بعد أن رأوا جنوده ينتهكون ست البنات، ويقومون بكشوف العذرية، ويطلقون الرصاص ليقصفوا به مستقبل الشباب، ويسرقوا الأوطان والأموال والأرواح.
وسقط تابو جهاز مخابرات رأفت الهجان وأسطورته، بعد أن اجتهد في ثلاثة أعوام في سرقة الثورة، وخطفها وتشويهها، وكان، وبلا شك، الطرف الثالث صاحب الثلاثمائة ألف بلطجي، والذين سعوا في الأرض فساداً وإفساداً، قتلوا فيها الأرواح، وسرقوا فيها أحلام شباب آمن بمستقبل وطنه وأمته. وسقط تابو مفهوم الدولة وصورتها في تصور الحركة الإسلامية، فلم يعد هناك تصور حقيقي لماهية الدولة وحقيقتها وشكلها في فكر الحركة الإسلامية، بعد أن فشلت أكبر حركة إسلامية في العصر الحديث في تقديم نموذجٍ يحتذى به سياسياً واقتصادياً وإعلامياً.
وسقط تابو مشايخ صدّعوا رؤوسنا، وسقط تابو التيار الإسلامي وعلاقته بالناس ووجوده في الشارع، والذي طالما طرب بأعداد مؤيديه في الشرعية والشريعة، ومدى صدق ما ينادي به من أفكار يوتوبية. وسقط تابو الشعب المصري العظيم الذي تحول بعضه إلى مسوخ بشرية، وكائنات زومبية تفوض القاتل ليسفك الدماء، وتفرح في استئصال فصيل وطني وقتل أفراده واعتقال أبنائه وسرقة أمواله وهتك أعراضه. شعب هلل للطاغوت، ورضي بالذل والسكوت، واستأنس للمتغلب السارق السافك للدماء، واطمأن له.