حين كان أبي يربّي الضفاف

19 نوفمبر 2016
ضياء الحموي/ سورية
+ الخط -

حدث بعيداً

لم أشأ أن أكون
أمي سقطت في النهر حين كان أبي يربّي الضفاف
لم أشأ أن أكون
جدّي وافق سريعاً
وأمي فرحت قليلاً
وأبي راح يجفّف ثوبه
لم أشأ أن أكون
كل الحكاية أني شممت الحقل
فخرجت في السابع
وأعددت قلبي لقصيدة من بذور القمح
لم أشأ شيئاً
تبعت ظلّ قبرة فتعلّمت الهجاء
ولحقت نحلة
فسقطت في العسل
ونمت على همس السّدر مثل جبل
لم أشأ
محوت ظلّي فنبت لي قلب جديد
وراح ينبض في البياض مثل قطرة حبر
فلا أنا عشت
ولا تركت ذاكرتي تتقد
فصار العمر كلاماً يجري
وأنا ألحق المفردات فيه وأغرق
لم
قلت ذلك ونسيت ما تبقّى
فسمعت القربة تقرأ سرّها عند الرخام
وأنا نمت بهدوء الأبد

قلادة الشامات

لو كنت قادراً على إعادة توزيع الشامات في جسمك
لجمعتها حول العنق
مثل قلادة من كواكب
وتركت ثلاثة يتقاسمنّ ابتسامتك
وواحدة كنت سأحفظها في كتابِ قديم
لأنك حتماً سترحلين
سترحلين ولن يبقى سوى شامتكِ الوحيدة.


وزن البكاء

يرافق سقوط الدمعة مني
أغنية تجرح الورد في أصيص الغرفة
المغني لم يغنِ يوماً
إنه يبكي مصحوباً باللحن
يرافقه
موجة
ترتطم بصخرة وتئن
تتناثر كصوت الرصاص في أذن الفرح
يرافقه
نافذة يؤرجحها الهواء
فتدنو من البحر حيناً
وحيناً تبتعد
حتى أرى الأزرق يهدر في الزجاج
يرافقه
صوتكِ يمرّ في البال
ويدنو منّي كأمي
يوقظني بكفّ تنادي
كفاك نحيباً كفاك
فأمسح دمعي
وأغلق النافذة
وأطفئ الغناء
ويبقى صوتكِ
يعيد البكاء
تلو البكاء.

* شاعر فلسطيني أردني

المساهمون