حياة روبوتات

28 مايو 2019
+ الخط -
صدق غاريث بيل حين قال إن لاعبي كرة القدم مثل "الروبوتات"، الجميع يرى الأمور من أمام الشاشة، يُشاهد تألق النجوم في أكبر الملاعب العالمية وأمام مئات الملايين من المشاهدين، جميعنا يتمنى أن يعيش حياتهم ويكون مكانهم.

كنت أتمنى أن أكون لاعب كرة قدم محترفاً كأي طفل في هذا العالم، ومثلي كثرٌ ساروا على الدرب عينه في مخيلتهم، صحيحٌ أن أحلامنا كانت أكبر من أن تتحقق، لكننا كنا نظن أن كرة القدم، مجرد كرة تُدفع بالقدم لتصل في نهاية الأمر إلى الشبكة، ومن بعدها يأتي الاحتفال ويُخلّد على إثرها المصورون تلك اللحظات، لتُصبح ذكرى ننظر إليها ونقول في نفسنا "يا ليتنا نحن كنّا هناك".


لنترك الأحلام جانباً الآن، ماذا يعني أن تكون لاعب كرة قدم محترفاً؟ لا أقصد طبعاً اللاعب في العديد من البلدان العربية، على غرار لبنان، الذي يمتاز "نجوم" بتدخين النرجيلة والسجائر وأكل الوجبات السريعة في أوقات الليل المتأخرة والسهر على ألعاب الفيديو وغيرها من الأمور التي لا تُشبه الاحتراف أبداً.

بيل طبعاً كان صادقاً إلى أبعد الحدود، فلاعبو كرة القدم كالرجال الآليين، لا يُمكنهم التصرف من تلقاء نفسهم، ويُمنع عنهم الكثير من الأمور التي قد لا نشعر بقيمتها حتى نفقدها.

هل فكرت يوماً أنك جائع وتريد تناول وجبة مليئة بالدهون أو أن تكون غير صحية مثلاً كالبرغر أو البيتزا؟ طبعاً ستختار أكلها، وهذا الأمر ممنوع على لاعبي كرة القدم بنسبة 80 إلى 90% طيلة أيام السنة، باستثناء فترة الراحة التي تأتي بعد نهاية الموسم.

خلال فترة المنافسات، لا يُمكن للاعبين القيام بأي خطوة من دون علم النادي، بطبيعة الحال السفر وحتى المقابلات مع الصحافة، إضافة لحقوق الصورة التي يذهب جزء من عائداتها لأطرف أخرى وغيرها من الأمور.

في الحقيقة لاعبُ كرة القدم مثل السلعة التي تُباع وتشترى، مستواه يُشكل قيمة مالية، كلّما كان أفضل كلّما ازداد المنتوج والربح، وهذا الأمر هو السائد حالياً.


بالتالي نعرف هنا أن حياة نجوم اللعبة ليست سهلة، هي أكثر من مجرد شهرة وجماهير، فالعديد من الأسماء بعد الاعتزال يتجهون بشراهة إلى الحياة الطبيعية التي نعيشها نحن، لتعويض ما فاتهم خلال سنوات الاحتراف، كلٌ منا لديه حياة يظنّها الأصعب، لكن في الحقيقة حين تخسر شيئاً ما تشعر بقيمته.