ولا يفصل التونسيين سوى أسبوعين عن موعد اختيار ممثليهم، في أول انتخابات بلدية بعد ثورة الحرية والكرامة، تتنافس فيها أكثر من 2070 قائمة انتخابية وافقت عليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تضمُّ ما يناهز الـ54 ألف مرشح في 350 دائرة بلدية، لانتخاب 7500 مستشار بلدي.
وتتوزّع القوائم الانتخابية بين الأحزاب والائتلافات الحزبية والمستقلين، فيما تقدّر هيئة الانتخابات أن نصف المرشحين تقريباً من النساء، وأكثر من 50 في المائة منهم تقلُّ أعمارهم عن 35 سنة.
واتسمت انطلاقة الحملة الانتخابية في 14 إبريل/ نيسان الحالي بكونها متواضعة، إذ اقتصرت على المدن الكبرى، مع ظهور خجول للقوائم المستقلة والأحزاب الصغرى والائتلافات.
ولرصد الحملة الانتخابية ومدى تقدمها ومقدار حضور الأحزاب والقوائم، تجوّل "العربي الجديد" في عدد من المدن التونسية، منها مدينة منزل بوزلفة التابعة لمحافظة نابل، ومدينة واد الليل التابعة لمحافظة منوبة، ومدينة هرقلة التابعة لمحافظة سوسة، ومدينة بئر مشارقة التابعة لمحافظة زغوان، ومدينة الزهراء التابعة لمحافظة بن عروس.
ويُلاحظ في هذه المدن، خلال الحملة الانتخابية البلدية، حضور واضح للأحزاب الكبرى، بمشاركة رؤساء أحزاب وقيادات حزبية مركزية ووزراء وكتاب دولة في الحكومة ونواب في البرلمان، انخرطوا جميعهم في الحملات الانتخابية دعماً لقوائمهم الحزبية، من خلال المشاركة في الاجتماعات العامة في المقاهي والأسواق الأسبوعية، مع ارتفاع نسبي في نشاط القوائم المستقلة.
وفي هذا الإطار، تمّ التركيز على أنشطة احتفالية، عبر نصب خيم اعتمدت على الموسيقى ومضخمات الصوت، لجذب الناخبين والسكان، فيما استعانت بعض القوائم بمواكب استعراضية غنائية، جابت المناطق والأحياء، مستخدمة الطبل والمزمار، وحتى الرقص.
وعوّلت بعض القوائم على الاتصال المباشر بالمواطنين، عبر توزيع المنشورات والبرامج الانتخابية.
من جهتها، ذكرت منظمة "مراقبون" المختصة بمتابعة الانتخابات أن الحملة تميّزت خلال أسبوعها الأول بوتيرة بطيئة، على الرغم من تنوع الأنشطة التي قامت بها القوائم المرشحة، خاصة القوائم الحزبية.
ورصدت "مراقبون" في تقريرٍ لها مجموعة من التجاوزات، من بينها على سبيل المثال سماح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لقائمة انتخابية بوضع صورة مرشح يرتدي زيّ شرطي ويعرف نفسه بأنه عقيد في قوات الأمن الداخلي، كذلك سمحت بتعليق قوائم تقتصر على صور الذكور وتحجب صور المرشحات، بالإضافة إلى السماح بتعليق قوائم نصّ فيها على صفة ذوي احتياجات خاصة لمرشح لديه إعاقة.
كذلك سجّلت "مراقبون" تفشي ظاهرة "التمزيق" في عدد من الدوائر الانتخابية. وذكرت في تقريرها بلديات أريانة، باجة المدينة، بنزرت، بني خلاد، بوجليدة، بورويس، توزر، تونس، جندوبة، حي النور القصرين، رواد، سكرة، سليانة، سليمان، سيدي بوزيد، الشيحية، طبرقة، قابس المدينة، كسرى، مطماطة القديمة، مكثر، النفيضة، وغيرها.
وتعوّل الأحزاب والقوائم المرشحة على مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لنشاطها الانتخابي وبرامجها، ولنشر حصيلة عملها الميداني.
ويحمل بعض المرشحين وعوداً أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، في محاولة لجذب الناخبين عبر إغرائهم ببرامج غير واقعية، لا تتلاءم مع صلاحيات البلديات المنتخبة ومهامها.
وبلغ الأمر ببعض المرشحين حدّ إطلاق وعود بإنجاز بناء مستشفيات ومراكز صحية وكليات وطرق عامة ومصانع ومطارات، في مناطق لا تتجاوز ميزانية البلدية فيها 500 ألف دينار.