تحاول المملكة العربية السعودية من خلال ماكينة دعائية واسعة تصوير خطوات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أنها خطوات إصلاحية، هدفها انفتاح السعودية بعد سنوات طويلة من الرقابة المشددة على كل جوانب الثقافة والفن وغيرها، وتنجح هذه الماكينة جيداً في الترويج والتسويق لكل هذه الخطوات.
لكن بعيداً عن التسويق المبهرج للحريات والانفتاح السعودي، تدور على مواقع التواصل الاجتماعي معارك عنيفة، ليس في السياسة فقط، بل في الفن أيضاً، تحديداً منذ بدء حصار قطر، قبل أكثر من ستة أشهر. إذ بالتزامن مع انطلاق الحفلات الغنائية في المملكة العربية السعودية، تبرز على تويتر تحديداً، حملات تشويه وتحريض ضد فنانين، إما رفضوا التطبيل لدول الحصار، أو رفضوا مقاطعة قطر فنياً.
دعوات مقاطعة
قبل أيام طالب ناشطون سعوديون سكان دول الحصار ومنظمي الحفلات فيها، مقاطعة أغاني الفنان مروان خوري والفنانة اللبنانية يارا والفنان جوزف عطية، لأنهم، أحيوا حفلات في قطر، ولم ينضموا إلى موجة الفنانين الذين ضغطت عليهم السعودية وشركات إنتاجها لمقاطعة الدوحة.
مروان خوري، ويارا وجوزف عطية، هم قلة من الفنانين الذين لم يتخذوا موقفاً سياسيًا علنياً بأي قضية أو شأن وتحديداً في موضوع حصار قطر. ويكتسب خوري تقديراً جماهيرياً واضحاً في سوق الخليج العربي، خصوصاً بعد النجاح الذي حققه برنامجه "طرب" الذي يعرض على شاشة تلفزيون العربي.
أما يارا فاستطاعت أن تتقدم جيداً في السنوات الأخيرة، وتصبح الفنانة اللبنانية الوحيدة التي تنافس الفنانات الخليجيات في المناسبات التي تقام في جميع أنحاء الخليج. يارا التي عُرفت بإتقانها اللهجة الخليجية والتي اختارها الفنان السعودي راشد الماجد للديو الغنائي "الموعد الضائع" الذي لاقى رواجاً كبيراً، وكذلك غنت مع الفنان العراقي السعودي ماجد المهندس "إنت نصيبي"، تواجه اليوم الدعوة إلى المقاطعة، عن طريق ناشطين في المملكة العربية السعودية، دعوا قبل أيام إلى منعها من إحياء حفلات الزفاف وإيقاف بث أغنياتها عبر الإذاعات التابعة للمملكة.
يطرح هذا علامات استفهام كبيرة حول المغزى من وراء شن حملات، وتشويه سمعة بعض الفنانين الذين يعتبرون أنهم بمنأى عن الصراعات، خصوصاً أنهم ينتمون إلى دولة قررت الوقوف على الحياد في الصراع الخليجي. وتلقى هذه الدعوات تفاعلاً إعلامياً، مُستغرَباً، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسأل ردود الفعل حولها عن علاقة الفنانين بالشأن السياسي والخلافات السياسية.
أحلام وكاظم
تفتح هذه الدعوات باب النقاش مجدداً حول الفنانين الذين وقعوا ضحايا للحصار الذي فرضته الدول الأربع (الإمارات، السعودية، البحرين ومصر" على دولة قطر. إذ قامت السلطات السعودية والإماراتية بخطوات هجومية عدة تجاه عدد من الفنانين العرب، أبرزهم النجمة الإماراتية أحلام. فبعدما انتقدت هذه الأخيرة أغنية إماراتية هاجمت قطر، تمّ إبعادها عن قناة mbc وعن لجنة تحكيم برنامج "ذا فويس" وتمّ استبدالها بالفنانة نوال الكويتية.
أما الفنان كاظم الساهر الذي رفض الصيف الماضي الانسحاب من حفلات كان قد تعاقد عليها في قطر، فذهب إلى الدوحة وغنى هناك، رغم ذلك لم تخرج دعوات عنيفة لمنعه من الغناء في السعودية، وبقي ضمن لجنة التحكيم في برنامج "ذا فويس كيدز". وهو ما يرجّح الفرضية التي تقول إنّ الانتقام من أحلام جاء بسبب زواجها من قطريّ، ورفضها الدخول في موجة التحريض على الدوحة.