حلقات دائريّة

10 أكتوبر 2015
يتشاركن أوجاعهن (باراث غاي/Getty)
+ الخط -

حين تبحث عن مجموعات الدعم على "غوغل"، تجد صوراً لأياد متشابكة أو ممدودة إلى آخرين. هذه الأيادي غالباً ما تكون آخر العنقود، أو أنها مجرد صورة نعكس فيها الدعم. وهنا، الدعم في الغالب ليس مادياً. قليلةٌ هي آلامنا التي تخرج إلى العلن. وفي النهاية، ستتحوّل إلى أمراض تنهش أجسادنا. وإن كنا أقل استحياء من البوح بها، تبقى في داخلنا تلك الأسرار التي إذا تجاوزت إثنين، شاعت، بحسب المثل.

أن نتألم أو نمرض، يعني أننا غدونا محور الكون. نردّد كثيراً أن وجعنا عميق، ولا أحد يشعر بنا أو يفهمنا. نلوم جميع الآخرين الذين لا يبذلون جهداً للتقرّب من مشاعرنا. هل نحتاج إلى الصراخ في كل مرة؟ وفي مشهد أكثر عبثية، أنرمي الأكواب والصحون أرضاً؟ أم نشدّ شعر رأسنا حتى نبدو وكأننا نضع غيمة، لكن قبيحة، فوقه؟ الخيارات كثيرة. الحاجة إلى نوبات كهذه هي بمثابة رسالة إلى الآخرين. نحن متعبون. نعم إلى هذه الدرجة، وإن لم تصنع مشهداً سينمائياً في كل مرة.

ثمّة من يقولون إننا مثلك. يتحلّقون حولك من دون معرفة مسبقة. يلتقون بك في ذلك الجانب المشترك، أو السر الذي تخفيه إلّا عن إثنين. وقد بدأ الأمر في القرن الثامن عشر. في ذلك الوقت، أدرك المسؤول في مستشفى "بيسياتر" للأمراض النفسية في فرنسا، جان بابتيست بوسين، أهمية الاستعانة بمرضى سابقين للعمل مع المرضى الحاليين، أو ما سمي بمجموعات الدعم. وأثنى كبير الأطباء في المستشفى فيليب بينيل على هؤلاء كونهم لطفاء وصادقين وإنسانيين. وكان التعاقد مع مرضى سابقين بمثابة تحوّل في فلسفة الرعاية الصحية، وقد بشّر بحقبة "العلاج الأخلاقي".

المرضى السابقون، وقد شُفوا، لن يقولوا إن الخوف من صعود الدرج أمر تافه، وإن الحاجة إلى تناول الطعام مجرّد شهية مفرطة أو حجّة. يعرفون تماماً ما تمرّ به. تلك الآه التي تطلقها اليوم، هي مجرد امتداد لصرخاتهم نفسها بالأمس. جاؤوا إليك حتى يسمعوا تفاصيلك التي يملّ منها الآخرون. في لحظات، قد يصبحون أقرب الناس إليك وإلى آلامك. إذا قلت إن جسدك يؤلمك، أو إنك تشعر بالعجز عن المشي، سيفهمون. وإن أبصرت صراصير في نومك (يقال إنها تعني مشاكل أو حسدا)، لن يصنفوك في خانة أي كان. فالليلُ خاتمة النهار. فيه تنبعث كل أوجاعك.

مجموعات الدعم ليست مجرّد صورة لأشخاص يجلسون بشكل دائري للاستماع إلى همومك أو أوجاعك. هم الأقدر على القول "إننا مثلك"، لأنهم حقاً مثلك. وهذا ليس انتقاصاً من آخرين يحبونك أو يبذلون كل شيء من أجلك. فالألم لا يمكن استيعابه. يمكن فقط عيشه. لكن السرّ إذا تجاوز إثنين شاع. والألم سرّ. ونحن نخاف الأسرار.

اقرأ أيضاً: نساء بالألوان
دلالات
المساهمون