حكومة عبد المهدي... "لا تربية ولا عدل" سوى العدس!

05 مايو 2019
+ الخط -
قد يكون العنوان غريباً لبعضهم؛ لكنه لن يكون أشد غرابة مما يحدث في أرض الرافدين؛ التي علمت البشرية الإنسانية والعدل وسنّت القوانين منذ أول دستور حملته مسلة "حمورابي". هذه البلاد مرت عليها النوائب والكوارث تباعاً، ولم تمر عليه سنون، إلا وحدث يؤخّر تقدمه، وقد تأتي تارة بفعل فاعل وأخرى بخطأ أهلها.

لن نعود كثيراً إلى الوراء؛ وما حدث من دمار وخراب للإنسان العراقي وللبنى التحتية، لكن نتطرق تحديداً، لما حدث بعد ما يسمى بـ "التحرير"، ودخول العراق عهدا جديدا من "الديمقراطية"؛ وتبادل السلطة التي حددها الحاكم المدني، بول بريمر؛ وفصّلها على القادمين معه، وقد تبين أنهم إما جهلاء بالسياسة أو أدوات لتدمير ما تبقى من "الدولة" وهيبتها.

فكلما انتهت ولاية حكومة تعسرت ولادة ما بعدها؛ لتستمر مفاوضات تشكيلها شهوراً بأفضل الحالات أو تتجاوز السنة وهو ما بات أشبه بالعرف وعدم اكتمال الكابينة الوزارية اليوم هو شاهد للقول!

إن ما يثير الاستغراب والاشمئزاز أحيانا أن الحكومة الآتية تلعن سابقتها؛ وتعد بالجديد وربما أبرز الوعود القضاء على المحسوبية ومحاربة الفاسدين والانتهاء من العهد التسلطي الاستبدادي والمحاصصة المقيتة.


كل تلك الوعود لا تتأخر كثيرا حتى يؤكد الزمن فشلها وكذبها وزيف مدعيها، مؤكدة بتخبطها أنها أضعف من سابقاتها ولا سبب غير توزيع المناصب الطائفي والعرقي معا.

حال حكومة عبد المهدي المشكوك في أمرها لن تكون بمنأى عن كلامنا، فهو ذاته لا يعلم كيف وصل للسلطة إذ لم يرشح، والكتل السياسية نفت دعمها؛ بل تقاذفت الكتل الاتهامات متسائلة كيف وصل؟ لكنهم يتبنون دعمه عندما يكون في موقف قوي.

العراق وبعد قرابة العام من انتهاء الانتخابات؛ وسبعة أشهر من تشكيل الحكومة المشوهة ولادياً لا يزال يعاني من هشاشة التكوين وخلل التركيب؛ ليبقى العراق "العظيم" بلا تربية ولا عدل ولا أمن ولا دفاع.

فوزارة الداخلية كانت المعضلة الأقوى والقشة التي قصمت ظهر البعير، لتدخل بعدها التربية على خط النار؛ وتستمر المناكفات السياسية بمحاولة لانتزاعها من "المشروع العربي".

فمحال أن تدار وزارة حيوية بحجم التربية التي تلامس قضايا الملايين من الطلبة والهيئات التدريسية بل من الصعوبة بمكان تخيل حجم الضرر الذي سيلحق بالعملية التربوية جراء إدارتها بالوكالة.

ووزارتي العدل والدفاع بحاجة لحسمهما كون قضايا الشعب تحتاج لحلول سريعة؛ وربما وزارة العدل هنا الأولى والتي من شأنها إدخال البهجة والسرور على الآلاف من ذوي المعتقلين الأبرياء فربما توقيع أو إصدار عفو من الحكومة هو جل اهتمامها.

وسيبقى السؤال الذي يشغل بال الكثيرين؛ هل ستتمكن الحكومة من استكمال ملف الكابينة الوزارية؟ أم أنها ستنهي سنتها الأولى بإنجازها الوحيد نصف الكيلو من "العدس"؟ أم ستبقى متخبطة لا تبالي لمآسي أبنائها.
07D307A2-B830-4C46-8993-BF50EB79F3A1
عبد اللطيف الزيدي

ماجستير إذاعة وتلفزيون، عملت في عدد من القنوات الفضائية والصحف.يقول: لا ترتجي خيرا ممن يعتبر رفع الصوت وسيلة للإقناع.