24 نوفمبر 2014
حكومة الحلول الجاهزة
ينصح رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، المغاربة باللجوء إلى "الرايب" (اللبن) لتفادي الزيادة الأخيرة في "دانون"، موضحا أنه غير مسؤول عن هذه الزيادة، وأنه سيكون أول من سينضم إلى الدعوة الفيسبوكية التي أطلقها نشطاء مغاربة لمقاطعة "دانون". المؤكد أن كلام بنكيران يصدر من مسؤول حزبي محسوب على صفوف المعارضة، وليس من رئيس حكومة لديه صلاحيات عديدة لمعرفة كيف تمت الزيادة في تلك المادة الغذائية، ومن دون علم الحكومة، كما قال رئيس الحكومة.
ذكرني كلام بن كيران بملك ملوك إفريقيا، معمر القدافي الذي قال، في إحدى خرجاته المثيرة، قبيل وصول الربيع العربي إلى ليبيا، بأنه سيكون أول من سيخرج للاحتجاج في الشوارع. وصلت رياح الربيع العربي إلى ليبيا، وفعلا خرج القذافي إلى الشارع، ليس إلى جانب الثوار، وإنما إلى جابب من احترفوا التصفيق له في كل المناسبات والأعياد. ولنفترض أن المغاربة سيستجيبون للنداء البنكيراني، المتمثل في مقاطعة "دانون"، ألا يشكل هذا خطراً على شركات تشغل آلاف الأيدي العاملة؟
كان كلام بن كيران مطبوعا بالتلقائية، ومغلفا بروح الدعابة، لكنه، في الوقت نفسه، يقول الكثير عن حكومة العدالة والتنمية، أهمها أنها عاجزة عن إبداع الحلول، وهذا ما يجعلها دائما تلجأ إلى الحلول السهلة والجاهزة، والتي لا تخدم في الغالب مصالح الفئات المقهورة اجتماعيا، بقدر ما تجعلها تتحمل تكاليف الإصلاحات التي أعلنتها إلى حد الآن الحكومة.
وهكذا، فحل مشكل صندوق المقاصة يكمن في سحب الدعم عن مواد أساسية عديدة، بدعوى أن الدعم يذهب إلى جيوب الأغنياء، من دون التفكير في تقديم بديل عن حرمان الفقراء أيضا من صندوق خُلق أساسا من أجلهم؛ وحل مشكل صندوق التقاعد يكمن، في نظر الحكومة، في الرفع من سن واقتطاعات التقاعد، على الرغم من أن المنتظر كان هو أن تُخضع الحكومة صندوق المتقاعدين للمساءلة والمحاسبة، لمعرفة أين ذهبت أمواله؛ وحل الزيادة في ثمن "دانون" يكمن في مقاطعة الشركات المنتجة، من دون التفكير في أن هذا الحل قد يؤدي إلى العبث بمصدر عيش أسر مغربية عديدة.
ما نخشاه أن يأتي يوم يقول لنا فيه عبد الإله بن كيران إنه سيكون من بين الخارجين إلى الشارع للاحتجاج ضد "التماسيح والعفاريت" الذين يشعلون النار في الأسعار، في تحد صارخ لحكومة تقول إنها جاءت مع رياح الربيع المغربي.
انحدرت السياسة في المغرب إلى حضيض غير مسبوق، حتى بتنا نرى رئيس حكومة يتبنى خطاب المعارضة بشكل ومضمون يثيران الضحك.. ضحك كالبكاء!
ذكرني كلام بن كيران بملك ملوك إفريقيا، معمر القدافي الذي قال، في إحدى خرجاته المثيرة، قبيل وصول الربيع العربي إلى ليبيا، بأنه سيكون أول من سيخرج للاحتجاج في الشوارع. وصلت رياح الربيع العربي إلى ليبيا، وفعلا خرج القذافي إلى الشارع، ليس إلى جانب الثوار، وإنما إلى جابب من احترفوا التصفيق له في كل المناسبات والأعياد. ولنفترض أن المغاربة سيستجيبون للنداء البنكيراني، المتمثل في مقاطعة "دانون"، ألا يشكل هذا خطراً على شركات تشغل آلاف الأيدي العاملة؟
كان كلام بن كيران مطبوعا بالتلقائية، ومغلفا بروح الدعابة، لكنه، في الوقت نفسه، يقول الكثير عن حكومة العدالة والتنمية، أهمها أنها عاجزة عن إبداع الحلول، وهذا ما يجعلها دائما تلجأ إلى الحلول السهلة والجاهزة، والتي لا تخدم في الغالب مصالح الفئات المقهورة اجتماعيا، بقدر ما تجعلها تتحمل تكاليف الإصلاحات التي أعلنتها إلى حد الآن الحكومة.
وهكذا، فحل مشكل صندوق المقاصة يكمن في سحب الدعم عن مواد أساسية عديدة، بدعوى أن الدعم يذهب إلى جيوب الأغنياء، من دون التفكير في تقديم بديل عن حرمان الفقراء أيضا من صندوق خُلق أساسا من أجلهم؛ وحل مشكل صندوق التقاعد يكمن، في نظر الحكومة، في الرفع من سن واقتطاعات التقاعد، على الرغم من أن المنتظر كان هو أن تُخضع الحكومة صندوق المتقاعدين للمساءلة والمحاسبة، لمعرفة أين ذهبت أمواله؛ وحل الزيادة في ثمن "دانون" يكمن في مقاطعة الشركات المنتجة، من دون التفكير في أن هذا الحل قد يؤدي إلى العبث بمصدر عيش أسر مغربية عديدة.
ما نخشاه أن يأتي يوم يقول لنا فيه عبد الإله بن كيران إنه سيكون من بين الخارجين إلى الشارع للاحتجاج ضد "التماسيح والعفاريت" الذين يشعلون النار في الأسعار، في تحد صارخ لحكومة تقول إنها جاءت مع رياح الربيع المغربي.
انحدرت السياسة في المغرب إلى حضيض غير مسبوق، حتى بتنا نرى رئيس حكومة يتبنى خطاب المعارضة بشكل ومضمون يثيران الضحك.. ضحك كالبكاء!
جمال العبيد (المغرب)