حكم اقتحام برلمان الكويت اليوم: الإدانة مرجّحة

08 يوليو 2018
الطبطبائي: الحكم في القضية سياسي وليس جنائيا(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

تصدر محكمة التمييز الكويتية اليوم حكمها النهائي في قضية دخول المعارضين لمجلس الأمة في العام 2011 وعبثهم بمحتوياته، إبان الاحتجاجات الشعبية ضد رئيس مجلس الوزراء آنذاك ناصر المحمد الصباح وحكومته التي اتهمت بالفساد. ويأتي موعد النطق بالحكم في القضية، التي يحاكم فيها 70 متهماً بينهم نواب حاليون وسابقون في البرلمان، بعد تأجيل استمر سنوات في أكبر قضية سياسية مست البلاد منذ الغزو العراقي في العام 1990.

وكانت المحكمة الابتدائية قد برأت المتهمين، لكن محكمة الاستئناف عادت لتدينهم وتوزع عليهم أحكاماً بالسجن تراوحت بين العام والـ 9 أعوام، فيما أمضى المتهمون شهرين كاملين في السجن، قبل أن تفرج عنهم نيابة التمييز مؤقتاً لحين النطق النهائي بالحكم والمقرر اليوم. وتنحصر التوقعات للحكم النهائي اليوم في ثلاثة اتجاهات، الأول هو الاتجاه الأقرب، وهو حكم الإدانة تأييداً لحكم محكمة الاستئناف مع تخفيف العقوبات، والثاني هو الإدانة مع وقف النفاذ، والثالث هو البراءة وهو أمر مستبعد في ظل إقرار فريق الدفاع عن المتهمين بصعوبة الموقف، وقيام الحكومة بحزمة إجراءات توضح وثوقها في أن الحكم لن يكون في صالح المتهمين، إذ قامت بالسماح لهم بمغادرة البلاد دون أن تصدر أحكاماً تقييدية بحقهم وتمنعهم من السفر. كما قامت بمنع دخول وفد بريطاني حقوقي، على رأسه المحامي البريطاني بيتي ويثربي الذي يشغل عضوية اللجنة الدولية لحقوق الإنسان. وتقول الحكومة الكويتية، على لسان متحدثين باسمها، إن منع ويثربي من دخول الكويت جاء بسبب تقرير كتبته لجنة حقوق الإنسان في بريطانيا وويلز قبل أيام يسيء فيه للقضاء الكويتي ويحاول ابتزازه من خلال تغيير الحقائق.

من جهة أخرى، قرر غالبية المتهمين السبعين الخروج من البلاد عشية ليلة النطق بالحكم، وذلك خوفاً من إيقاع أحكام قاسية بحقهم وإيداعهم السجن. وكان زعيم المعارضة والنائب السابق، مسلم البراك، على رأس المغادرين للبلاد، كما تبعه رموز المعارضة، مثل النائبين السابقين مبارك الوعلان وفيصل المسلم والحاليين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، الذين اختاروا الاستقرار في تركيا، فيما فضل النائب الحالي والمتهم في ذات القضية محمد براك المطير السفر للولايات المتحدة الأميركية. ويبلغ عدد النواب المتهمين في القضية والمعرضين للسجن حال صدور أحكام بحقهم ثلاثة نواب، وهي سابقة تاريخية في البرلمان الكويتي، أن يسجن النائب وهو على رأس عمله النيابي. كما أن عدد النواب السابقين المتهمين في ذات القضية يبلغ 5 نواب، ما يعني أنه في حال صدور حكم بالسجن ضد المتهمين فإن طبقة كاملة من السياسيين الكويتيين على وشك الدخول إلى السجن.




ويقول الكاتب السياسي والمحلل الكويتي المقيم في الخارج، طارق المطيري، لـ"العربي الجديد"، إنه في ظل تضارب أقوال رجال الشرطة والمتهمين في المحاضر القانونية فإن كل الاحتمالات تبدو مفتوحة من البراءة حتى السجن المشدد. لكن المطيري يشير إلى نقطة مهمة، وهي أن الحالة السياسية في الكويت قبل الحكم النهائي لن تكون مثل الحالة السياسية بعده، موضحاً "هناك طبقة سياسية كاملة قد تقصى من المشهد السياسي للأبد. هذه الطبقة لا تقتصر على تيار سياسي أو طائفة واحدة، إذ إنها تشمل البرلمانيين المستقلين والإسلاميين والليبراليين والتجار والطبقة الوسطى، وإصدار حكم بالسجن ضد هؤلاء يفتح أبواباً لن تغلق على البلاد، وهو ما انتبه له المتهمون أنفسهم فصاروا يساومون الحكومة عليه ويلوحون بهذه الورقة لها".

وحاول نواب في البرلمان استصدار عفو خاص لقضية دخول المجلس عبر قانون يمرر في البرلمان، على غرار أحكام العفو التي صدرت للمتظاهرين الفرنسيين في الثورة الطلابية في العام 1968، وفق تصريحات مقدم الاقتراح عادل الدمخي، لكن الحكومة رفضت هذا المقترح رفضاً قاطعاً، وأوعزت إلى وزرائها ونوابها المؤيدين لها بإفشال التصويت عليه وهو ما حدث فعلاً. ويقول النائب في مجلس الأمة (البرلمان) وأحد المتهمين في القضية، وليد الطبطبائي، لـ"العربي الجديد"، إن السماء تبدو ملبدة بالغيوم السوداء فعلاً، ولا حل يلوح في الأفق إذا حكمت المحكمة بالسجن ضد المتهمين اليوم الأحد. وأضاف الطبطبائي، الذي قرر الخروج من البلاد، "قلناها وسنكرر قولها، الحكم في هذه القضية حكم سياسي وليس جنائيا، لأن المتهمين، وفق اعترافاتهم واعتراف الحكومة نفسها، دخلوا إلى المجلس لا بغرض السرقة أو التخريب بل بغرض الاحتجاج وهو فعل لا يٌعاقب عليه وفق الدستور الكويتي".

وتبدو الحكومة الكويتية الرابح الأكبر من كل السيناريوهات المطروحة حال إصدار حكم بالإدانة أو البراءة أو وقف النفاذ. إذ في حال صدور حكم الإدانة فإن الحكومة ستنجح في إبعاد المعارضة نهائياً عن المشهد السياسي وتتحكم في عودتها أو عدمها عبر التلويح بورقة العفو السياسي، سواء عن طريق عفو أميري، أو عفو في البرلمان، وفق قانون تصوت عليه الحكومة التي تملك الأغلبية اللازمة. وفي حال صدور حكم بالبراءة، فإن ذلك يعني انتهاء أزمة تسببت في دخول البلاد نفقاً سياسياً مظلماً منذ نحو 7 سنوات، وتعني أن الفرصة باتت مؤاتية للحكومة لتفاوض المعارضة من جديد وتستميلها وفق صفقة معينة يتم من خلالها تمرير القوانين التي تسعى للانتهاء منها، وهي قوانين الضريبة ورفع بعض الدعم. أما في حال صدور حكم بوقف النفاذ، فإن ذلك يعني عودة كافة المتهمين إلى البلاد، وعدم دخولهم السجن، وفي الوقت ذاته حرمانهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية أو أية انتخابات أخرى إلى الأبد، وذلك بسبب فقد شرط من شروط الترشح وهو حسن السير والسلوك، ما يعني أن الحكومة بضربة واحدة قد أنهت أحد أشرس الطبقات السياسية المعارضة منذ تأسيس البلاد.
وبرغم جو التشاؤم العام الذي يحيط بالمتهمين، فإن الكاتب السياسي والمحلل، علي الفضالة، يقول لـ"العربي الجديد"، "أعتقد أن القضية لن تستمر حتى في حال صدور إدانة ضد المتهمين. هناك توجه عام من الحكومة بإصدار عفو عن الجميع، في قضية المجلس أو قضية خلية العبدلي التابعة لحزب الله والتي تعد مضادة لقضية المجلس من ناحية التوجهات الشعبية، وستفتح صفحة جديدة في البلاد، لكن الحكومة تريد للأمور أن تسوء قليلاً على الجميع حتى تٌحل".

دلالات