حكاية مجد شربجي.. أول معتقلة في داريا

17 مايو 2014
زاد إيمان مجد بأحقية الثورة السورية (العربي الجديد)
+ الخط -

بدت ذكرى زواجهما الحادية عشر حزينة هذا العام. لم تستطع مجد شربجي الاحتفال مع زوجها أسامة بهذه المناسبة، لكونه معتقلاً في أحد السجون السورية بتهمة "الخوف عليها". فمجد أيضاً كانت معتقلة، حتى أنها نالت لقب "أول معتقلة في مدينة داريا".

منذ بداية الثورة السورية، آمنت مجد بسلميّتها. كانت على يقين أن النهج اللاعنفي الذي سلكته سيؤدي إلى تغيير ما. حُوربت من قبل أهالي مدينتها بسبب أفكارها السلمية. لم تأبه. نظمت اعتصامات أمام المحاكم للمطالبة بتحرير المعتقلين. شاركت في برامج الدعم النفسي للأطفال، وورشات عمل لتعليم النساء المقاومة المدنية، والعدالة الانتقالية والمصالحة والسلم الأهلي. تقول: "أردنا من خلال عملنا نشر مفهوم الشعب الواحد. نريد سورية حرة ديموقراطية للجميع".

استدعيت مجد إلى فرع الاستخبارات الجوية للتحقيق خلال بداية الثورة السورية عام 2011، وخرجت بتعهد ينصّ على عدم مشاركتها بأي نشاط مناهض للنظام. لكن ذلك لم يثنها عن المتابعة. أوقفت مجدداً عند حاجز الأربعين التابع لقوات النظام، بسبب كتاب كانت تحمله في سيارتها للشيخ يوسف القرضاوي، الذي كانت قد اشترته من مكتبة الأسد!

وتضيف مجد: "خلال توقيفي في غرفة الحاجز، تقدّم الجيش الحر لتحريره، فظنّ الضابط أنني من أخبر الجيش الحر بالمجيء. أخرجوني أثناء الاشتباكات إلى جبال الفرقة الرابعة. هناك ضربوني وشتموني. علم زوجي بأنني موقوفة، فحاول إنقاذي من خلال دفع مبلغٍ من المال، فاعتُقل هو الآخر".

تنقلت مجد بين فروع أمنية عدة في محافظة دمشق. عُذّبت وضربت وشتمت أثناء التحقيق معها لتدلي بمعلومات عن الجيش الحر، إلى أن اقتنع المعنيون أنها ناشطة سلمية. لكن ذلك أيضاً لم يشفع لها، فقد اتّهمت وغيرها من الناشطين السلميين بتفجير الثورة وإثارة الفتن. بعدها، نُقلت إلى مطار "المزة"، ثم إلى سجن "عدرا" المركزي. تقول: "منذ أن دخلت الزنزانة شعرت بأنها مغامرة، وقررت أن أعيشها وأستفيد منها بكل تفاصيلها الحلوة والمرة". وتضيف "فوجئت بجهل بعض المعتقلات. منهنّ من كنّ ينقلن السلاح من دون أي إدراك لتأثير ذلك على الثورة. فيما حُجزت حرية أخريات لأكثر من سنة بانتظار أن يقابلهن القاضي".

لم يقض السجن على عزيمتها. تابعت نشاطاتها داخل الزنزانة. نظمت دورات توعية عن المواطنة والعدالة الانتقالية والدعم النفسي، إلى أن وصل الخبر إلى عميد السجن، فاضطرت إلى التوقّف.

وتقول مجد: "بعد 5 أشهر في عدرا من دون البت بأمرنا، نظمنا إضراباً سلمياً صامتاً. أرسلنا الخبر للأصدقاء في الخارج للحصول على دعم إعلامي".

بدأ الإضراب وذاع صيته في الخارج. توضّح مجد "أننا حاولنا إقناع السجانين بأن مشكلتنا ليست معهم. نريد إيصال صوتنا إلى محكمة الإرهاب، ونحتاج إلى مساعدتهم، فأبدوا تعاطفهم". استمر الإضراب ثلاثة أيام من دون أن يتحقق شيء من مطالبهن، إلى أن وصل الخبر إلى الجيش الحر، فهاجموا السجن، وقُتِل أحد عناصره.

وتتابع مجد: "في اليوم التالي، هاجمَنا العناصر وبدأوا بضربنا ظناً منهم بأننا من أخبر الجيش الحر، إلى أن وصلت أخبار الإضراب وقصف السجن إلى محكمة الإرهاب". قدمت لجنة لمقابلة المعتقلات، وأفرج عن قسم كبير منهن، بينهن مجد. وتمت تبرئتها بتاريخ 15/7/2013، وتحويلها إلى فرع أمن الدولة لمبادلتها.

خرجت إلى الحياة بعد 7 أشهر من الاعتقال، لتجدها وقد اختلفت تماماً. تسللت خلسة إلى لبنان مع أطفالها، كونها ممنوعة من مغادرة الأراضي السورية. وافتتحت مركز "النساء الآن" الذي يعمل على توعية النساء وتمكينهنّ اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً.

حوّلت مجد المأساة التي عاشتها إلى حافز للاستمرار من خلال نشاطها الثوري. وزاد اقتناعها بأحقية القضية التي خرج الشعب السوري من أجلها على مدار الأعوام الثلاثة الماضية.  

دلالات