حقيقة صفقة تصدير الغاز لإسرائيل

09 ديسمبر 2015
حقل غاز إسرائيلي (Getty)
+ الخط -

 

تحكيم ضعيف ومنحاز ألزم الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغاز "ايجاس" بدفع تعويض كبير لشركة إسرائيلية بدعوي عدم تنفيذ عقد تصدير الغاز، وتناقلت الصحف والفضائيات نبأ صدور قرار لجنة تحكيم دولية غير محددة الاسم والاختصاص والمكان حيث ذكر بعضها (جريدة معاريف) أنها تابعة للمحكمة الجنائية الدولية، وأفاد بعضها الآخر بأن هيئة تحكيم في سويسرا هي التي قضت بإلزام مصر دفع مليار و76 مليون دولار تعويضاً لإسرائيل عن وقف تصدير الغاز المصري لها، ما تسبب بخسارة لشركة الكهرباء الإسرائيلية.

وفي تفاصيل الخبر ذكرت الصحف أن دعوى التحكيم رفعتها شركة شرق البحر المتوسط (حسين سالم ) EMG ضد شركة EGAS، وهي الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي التي تتبعها كل شركات الغاز المصرية، وأن إسرائيل تخطط لاستمرار احتكار الغاز المصري.

ووصفت صحيفة "هآريتس" الإسرائيلية الأمر بأنه فسخ للعقد المبرم بينما وصفته بإلغاء العقد، دون إلزام شركة شرق المتوسط المتعاقدة مع شركة الكهرباء الإسرائيلية بأي تعويضات للشركة الإسرائيلية.

ونقلت الصحف المصرية عن المستشار محمد عبد اللطيف أمين عام هيئة قضايا الدولة نفي ما تداولته وسائل الإعلام بصدور حكم بإلزام الدولة المصرية بهذا المبلغ.

وزعمت مصادر إسرائيلية أن مصر تعاقدت في 30 يوليو/تموز 2005 مع شركة شرق المتوسط وشركة IEC الإسرائيلية لتصدير سبعة مليارات متر مكعب من الغاز المصري سنوياً ولمدة 15 عاماً، وأن شركة "إيغاس" فسخت العقد من جانب واحد متعللة بتعثر شركة شرق المتوسط في سداد 100 مليون دولار مستحقة للجانب المصري.

ويبدو لنا أن هذا التحكيم الباطل، إن كان قد تم، يقصد منه تخويف مصر كما ذكر بعض كبار المسؤولين بوزارة البترول، خصوصاً أن بعض المصادر نقلت عن الوزارة أنها قررت وقف المفاوضات مع إسرائيل في شأن استيراد الغاز منها.

وحيث كان العبد الضعيف قد أقام دعوى الوقف والإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري وباشر طلب رد اثنين من أعضاء دائرة فحص الطعون لصلة أحدهما بوزارة البترول، والآخر برئاسة الجمهورية، وحيث قام بدحض كل دفوع وزارة البترول دفاعا عن مشروعية الصفقة، فإنه من المهم لفهم حقيقة الأمور أن نوجز المعطيات التالية:

كان دفاع وزارة البترول مستندا إلى أمرين:

*الأول: أن صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل تمت طبقاً لنصوص اتفاقية السلام الملزمة.
* الثاني: أن تصدير الغاز عمل من أعمال السيادة الذي يخرج عن ولاية القضاء.
وقد أوضحنا للمحكمة عدم وجود أي نص يلزمنا بتصدير الغاز لإسرائيل، خصوصا أن الغاز اكتشف بعد عشرين عاماً من توقيع الاتفاقيـــة، وأنه لا يمكن اعتبار تصدير أي سلعة عملاً من أعمال السيادة، مثل تصدير البصل والبطاطس مثلاً، وقد رفضت محكمة القضاء الإداري هذين الدفعين وقضت بوقف التصدير إلى حين إلغائه.

اقرأ أيضاً: تخبط مصري في أزمة الغاز مع إسرائيل

ورغم أن قانون مجلس الدولة يقضي بنفاذ أحكامه فور صدورها، إلا أن وزارة البترول واصلت تصدير الغاز بالمخالفة للحكم، وأقامت عدداً من إشكالات التنفيذ أمام محاكم غير مختصة، وأخيراً اضطرت إلى الطعن في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا لإلغاء الحكم.

وفي 27 فبراير/شباط 2010، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها الذي نصّ في منطوقه على "وقف تنفيذ قراري مجلس الوزراء ووزير البترول ببيع الغاز لإسرائيل، لعدم تضمينهما آلية للمراجعة الدورية لكمية الغاز المصدر وأسعاره خلال مدة التعاقد، مع إلغاء شرط الاسترشاد بسعر البترول الخام عند حد 35 دولارا".

ولفتت المحكمة إلى ضرورة قيام وزارة البترول بمراجعة الحد الأدنى والأقصى لسعر الغاز الصادر إلى إسرائيل تبعا لتطور أسعار الغاز في السوق العالمية، بما يتفق مع الصالح العام المصري.

وعلى ضوء هذا العرض الموجز لمراحل الدعوى التي نالت تأييدا مهنيا من كوكبة من كبار المحامين، وبمشاركة الشباب من الجنسين والنقابات المهنية، نصل إلى بطلان كامل لهذا التعاقد لأسباب عديدة نذكر منها:

• إن الصفقة في أساسها باطلة بطلانا مطلقا لعدم عرضها على البرلمان وفقا للدستور، ولمخالفتها لحكم المحكمة الإدارية العليا السابق الإشارة إلى نصه.

• إن التعاقد الذي تم بين شركة مصرية EMG نشأت تحت قانون الاستثمار، وبين شركة كهرباء إسرائيلية، وبالتالي فإن المنازعات بشأنه تخضع للقانون المصري، ولا يمنع القانون من اللجوء للتحكيم المحلي، وليس للتحكيم الدولي.

• إن العقد يتضمن غبنا بالغا يلحق بالجانب المصري، حيث حدد سعر الوحدة البريطانية بـ75 سنتا، وإن كان قد تدرج رفعه إلى ما يقارب ثلاثة دولارات، بينما كان سعره العالمي في تلك الفترة يبدأ من 12 دولارا.

• وهناك دفوع كثيرة يمكن طرحها مع الإشارة دائما إلى أن الدولة المصرية بعيدة عن النزاع ولا يشملها قرار التحكيم الذي ما زالت تفاصيله غامضة لعدم شفافية الجانب المصري رغم استمرار التحكيم ثلاث سنوات من دون أن يدري عنه المصريون شيئا، والاستغناء عن الاستعانة بالخبراء القانونيين والبتروليين الذين مارسوا القضية من 2007 حتي 2010.

 * نشر على صفحة الكاتب بموقع التواصل "فيسبوك"


اقرأ أيضاً: مصر تجمّد مفاوضات استيراد الغاز الإسرائيلي

دلالات
المساهمون