حقول النفط السوري... 8 سنوات من التغيرات على خريطة الهيمنة

04 نوفمبر 2019
7A227BE8-A081-442E-A088-B4D3CCADC17C
+ الخط -
أعاد تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول خريطة توزع السيطرة على مواقع إنتاج النفط والغاز بسورية، إلى تبدّل هذه الخريطة من جديد، بعد ما قيل عن عودة سيطرة نظام بشار الأسد على أهم حقول ومواقع الإنتاج، إثر الاتفاق الذي أبرمته قيادة قوات سورية الديمقراطية (قسد) مع نظام الأسد برعاية روسية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال ترامب في تصريحات، الأحد الماضي: "سنحاول التوصل لحل مع الأكراد يضمن لهم بعض التدفقات النقدية من النفط، وقد نسمح لواحدة من شركات النفط الكبرى بالدخول للمنطقة وأداء ذلك بشكل صحيح".

وبحسب مصادر محلية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، بدأت التعزيزات الأميركية تصل إلى محافظة الحسكة، مواقع أكبر آبار النفط والغاز، بالتزامن مع تصريح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية بأن "الولايات المتّحدة ملتزمة بتعزيز موقعها في شمال شرق سورية بالتنسيق مع شركائنا في قوات سورية الديموقراطية (قسد)، عبر إرسال دعم عسكري إضافي لمنع وقوع حقول النفط هناك مجددا بيَد تنظيم داعش أو لاعبين آخرين مزعزعين للاستقرار".

وأثار تصريح الرئيس الأميركي بأن تدير شركة إكسون موبيل أو شركة نفط أميركية أخرى حقول نفط سورية انتقادات من خبراء قانونيين وخبراء في مجال الطاقة، فيما رفضت شركتا إكسون موبيل وشيفرون، وهما أكبر شركتين نفطيتين تعملان في الشرق الأوسط، التعليق على تصريحات ترامب.


ويصف الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح الخطوة الأميركية بـ"السطو على ثروات سورية" وتشجيع القوات الكردية الانفصالية على التفرّد باستثمارها.

وقال بروس ريدل، مستشار الأمن القومي السابق والباحث الكبير في معهد بروكينجز البحثي: "هذه ليست مجرد خطوة قانونية مريبة، بل إنها ترسل كذلك رسالة إلى المنطقة بأسرها والعالم بأن أميركا تريد سرقة النفط".



تبدل الخريطة

بلغ إنتاج سورية من النفط مطلع عام 2011 نحو 385 ألف برميل نفط يوميا، تصدر منها نحو 150 ألف برميل، إلى مستوى إنتاج صفري عام 2015 قبل أن يصل الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد إلى نحو 10 آلاف برميل يوميا عام 2016 وتوقعات بأن يزيد عن 60 ألف برميل في نهاية العام الجاري.

وتمتلك سورية كميات كبيرة من احتياطيات النفط التي لم يتم اكتشافها تقدر بنحو 315 مليار برميل، بالإضافة إلى 69 مليار برميل من الاحتياطيات المكتشفة، وشكل إنتاج النفط فيها مطلع 2011، نحو 24% من الناتج المحلي الإجمالي و25% من عائدات الموازنة و40% من عائدات التصدير.

وبعد اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 تبدلت خريطة السيطرة على مواقع إنتاج النفط والغاز أكثر من مرة حتى الآن، حيث سيطر الثوار على مناطق إنتاج النفط، بعد انسحاب قوات بشار الأسد عام 2012 من مناطق شمال شرق سورية.

وسيطر تنظيم داعش أواسط عام 2013 على مناطق إنتاج الطاقة، وليتقاسم لاحقاً السيطرة والإنتاج مع "المليشيات الكردية" حتى سبتمبر/أيلول عام 2017 حينما سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" على مدن الحسكة والرقة بالكامل وشرقي دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقلاً للنفط في سورية.

وتابعت "قسد" مدعومة من الولايات المتحدة، السيطرة على معمل غاز "كونيكو"، أكبر مؤسسة لإنتاج الغاز الطبيعي في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، وحقل "الجفرة" النفطي، ثم حقل "العمر"، أكبر حقل في سورية، وبعده على حقول نفط التنك، والورد، وعفرا، وكوري، وجرنوف، وأزرق، وقهار، وشعيطاط، وغلبان، شرقي دير الزور، والتي تمثل ثلث مصادر الطاقة في سورية، ليبلغ الإنتاج الذي تسيطر عليه قوات سورية الديمقراطية في ذلك الوقت نحو 35 ألف برميل نفط يومياً.

وتمددت "قسد" بعد ذلك لتسيطر على حقول نفط الجبسة، وكببة، وتشرين في الحسكة، ومحطة الجبسة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الغاز الطبيعي، لتبلغ نسبة سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، بحسب مركز عمران للدراسات بدمشق، على أكثر من 70% من مصادر الطاقة في سورية، بسيطرتها على نحو 1400 بئر نفطية، بحسب مصادر في "هيئة الطاقة بمقاطعة الجزيرة" التي تتبع للإدارة الذاتية.

في حين يسيطر نظام بشار الأسد على حقل الشاعر للنفط وحقل جحر للغاز الطبيعي في دير الزور، وعدد من الحقول الصغيرة في غرب الفرات، ليصل الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد، بحسب بيانات وزارة النفط والثورة المعدنية بدمشق، إلى 5.560 مليارات م3 من مادة الغاز الطبيعي، و42340 طناً من الغاز المنزلي، و51866 مليون م3 من الغاز النظيف.

ويرتفع إنتاج النفط من أقل من 10 آلاف برميل نفط يوميا عام 2016 لنحو 25 ألف برميل نفط يوميا حالياً، مع توقعات بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط السوري علي غانم، إلى نحو 60 ألف برميل يومياً من النفط و19 مليون م3 من الغاز في نهاية العام الجاري.

حقول رئيسية

تتوزع أهم حقول النفط والغاز في سورية على ثلاث مدن هي: الحسكة ودير الزور والرقة، إضافة إلى شرق مدينة حمص، وسط سورية، وبعض آبار النفط والغاز التي تم اكتشافها أخيراً في ريف العاصمة السورية دمشق، أو ما يعرف بجبال القلون "قارة ودير عطية".

وتحتوي محافظة دير الزور على أكبر الحقول النفطية في سورية، وهو "حقل العمر" الذي يقع على بعد 15 كيلومترا شرقي بلدة البصيرة بريف دير الزور، وهو الحقل الذي أعلنت قوات قسد المدعومة من قبل الولايات المتحدة يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2017 سيطرتها عليه.

كما تسيطر قوات سورية الديمقراطية على "حقل التنك"، وهو من أكبر الحقول في سورية بعد "حقل العمر"، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي.

كما تحوي محافظة دير الزور حقل الورد، والتيم، والجفرة، وكونيكو، ومحطة الـ"تي تو" (T2)، وهي محطة تقع على خط النفط العراقي السوري. 



وجميع آبار وحقول محافظة دير الزور تقع تحت سيطرة قوات "قسد"، والتي كانت حتى عام 2017 تحت سيطرة تنظيم داعش.

وتأتي محافظة الحسكة بالمرتبة الثانية لجهة احتوائها على آبار النفط والغاز والتي خرجت حقولها من سيطرة "داعش" إلى سيطرة "قسد" اليوم، وأهم مواقع إنتاج النفط والغاز في حقول ومصفاة رميلان (أقصى شمال شرق سورية).

ويقدر بعض الخبراء عدد الآبار النفطية التابعة لحقول رميلان بقرابة 1322 بئرا، إضافة إلى وجود قرابة 25 بئرا من الغاز في حقول السويدية بالقرب من حقل رميلان.

كما تسطير "قسد" على الحقول الواقعة في مناطق الشدادي والجبسة والهول، والحقول الواقعة بالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي.

أما محافظة الرقة، فهي الأقل بمدن "الجزيرة السورية"، إذ تحوي بعض النقاط النفطية الصغيرة، وجميعها باتت تحت سيطرة قسد.

أما مناطق إنتاج النفط والغاز التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد، فتقع في ريف حمص الشرقي، وأهمها "حقل شاعر" الذي استعاد النظام السوري السيطرة عليه بعد معارك مع تنظيم داعش عام 2017.

كما يسيطر نظام بشار الأسد على حقول تدمر (بادية الشام)، حيث توجد حقول نفطية، منها: جحار والمهر وجزل والتي سيطرت عليها القوات الروسية مع الفيلق الخامس التابع للنظام السوري في مارس/آذار 2017، بعد انسحاب تنظيم داعش منها.

اتفاق الأسد وقسد

يوجد اتفاق سابق بين نظام بشار الأسد وقوات سورية الديمقراطية (قسد)، رعاه العام الماضي، عضو "مجلس الشعب" حسام القاطرجي، مالك "مجموعة القاطرجي" لنقل النفط.

وينص الاتفاق على مقايضة النفط المستخرج من حقل العمر النفطي الأكبر في سورية، مقابل المازوت المكرر، إضافة إلى حصول "قسد" على الكهرباء والخدمات في مناطق سيطرتها، إلى جانب حاجتها النفطية.

وينص الاتفاق على أن تحصل "قسد" من النظام على 75 برميلا من المازوت مقابل 100 برميل من النفط الخام، وسيكون نقل النفط من حقلي العمر والتنك الخاضعين لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية إلى حقل التيم الخاضع لسيطرة النظام جنوب دير الزور، ومنه إلى مصفاة حمص، وسط سورية.

أما خط نقل الغاز، فسيكون من حقول العمر والتنك والجفرة، إلى معمل "كونيكو" في دير الزور الخاضع لسيطرة الوحدات الكردية، ومنه إلى حقل التيم، وبعدها إلى محطة "جندر" الحرارية في حمص.

وسيحصل نظام الأسد على نسبة 65 في المئة من إيرادات النفط، بينما تحصل "قسد" على نسبة 35 في المئة فقط، إلى جانب إعادة تفعيل الدوائر الرسمية في الحسكة والرقة كمرحلة أولى، ودير الزور والضفة الشرقية للفرات لاحقا.

نفوذ روسي

دخلت روسيا على خط السيطرة على "النفط السوري" بعد تدخلها العسكري إلى جانب نظام الأسد عام 2015، لتنال عقود تنقيب في البر والبحر وتتعهد بإعادة تأهيل بعض آبار النفط والغاز.


ووقعت الشركات الروسية (زاروبيج نفط، زاروبيج جيولوجيا، أس تي غه انجينيرينغ، تيخنوبروم أكسبورت) عقودا للتنقيب وإعادة تأهيل حقول نفط وغاز وصيانة مصافي نفط متضررة، وتبعتها اليوم شركتا (فيلادا اوليك كيريلوف، ميركوري وديمتري غرين كييف).

وكانت شركة "سويوز نفتا غاز" الروسية أول شركة أبرمت اتفاقاً مع نظام الأسد عام 2013، للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية. وشمل العقد وقتذاك، عمليات تنقيب في مساحة 2190 كلم مربع لمدة 25 عاما.

تبعتها شركة "ستروي ترانس غاز" عام 2017 بعقود التنقيب عن الغاز والنفط في شواطئ طرطوس وبانياس، بالإضافة إلى حقل قارة بريف حمص، فضلاً عن حق استخراج الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر.

ذات صلة

الصورة

سياسة

ليست هي المرة الأولى التي يتعرض فيها قائد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي لمحاولة اغتيال، فالرجل يعد من أبرز المطلوبين لأنقرة التي تعتبر قواته تهديداً لأمنها القومي، وتجهد للحد من خطرها من خلال "تحييد" قيادييها.
الصورة
استهداف قوات النظام السوري وقسد سوقًا شعبيًا في مدينة الباب (العربي الجديد)

سياسة

قتل 14 مدنيًا وأصيب 42 آخرون بينهم نساء وأطفال، اليوم الجمعة، إثر قصف صاروخي مشترك من قبل قوات النظام السوري و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) استهدف سوقاً شعبياً وعدة أحياء ضمن مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، شمالي سورية.
الصورة

مجتمع

يتطلع النازحون من منطقة تل رفعت، في ريف حلب الغربي، بترقب، للعملية العسكرية التي تلوح تركيا بها ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، والتي ستكون تل رفعت نقطة انطلاق لها.

الصورة
الجيش التركي في سورية-عارف تماوي/فرانس برس

سياسة

العملية العسكرية التركية المرتقبة شمالي سورية، والتي تعتزم تركيا شنها بالمشاركة مع حليفها "الجيش الوطني" المعارض ضد "قوات سورية الديمقراطية – قسد"، لا تزال محط جدل ونقاش بين مؤيد ومعارض في أوساط السوريين.
المساهمون