خلال أقل من ثلاثة أشهر، شهدنا أحداثاً متتالية تشير إلى تراجع حاد في حقوق النساء عالمياً. في الأمس القريب، تظاهرت مئات آلاف النساء في الولايات المتحدة الأميركية لرفض ما يعتبرنه تهديداً حقيقياً لحقوقهنّ. وقبل أيام قليلة، خفّض مجلس الدوما الروسي (البرلمان) العقوبات في ما يتعلق بجرائم العنف المنزلي. قبل ذلك، ناقش البرلمان التركي قانوناً يسمح بإعفاء المغتصب من العقاب إذا تزوّج الضحية.
ثلاثة أحداث متتالية في دولتَين تقودان العالم حالياً، وثالثة تسعى إلى أن تكون رائدة في قيادة الإقليم.
بعد ستين عاماً تقريباً، عادت النساء إلى الشارع في الولايات المتحدة للمطالبة بالحقوق نفسها التي كانت تطالب بها حركة تحرير النساء في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. لا نتوهّم أنّ النساء في الولايات المتحدة هنّ على قدم المساواة مع الرجال. النساء لا يحصلنَ على أجور متكافئة، ونسبة تمثيلهنّ في السياسة لم تصل إلى حدّ المناصفة ولا حتى الكتلة الحرجة (نسبة ملحوظة). ولعلّ من السخرية أن تكون الولايات المتحدة هي الدولة التي تستضيف، في مارس/آذار من كلّ عام، الاجتماعات الدولية للجنة أوضاع النساء، للبحث في التقدّم الذي تحرزه الدول في تحقيق اتفاقية "سيداو"، علماً أنّها من الدول السبع التي لم توقع بعدُ على الاتفاقية.
رفضت المسيرة النسائية بحزم مجاهرة رئيس البلاد، دونالد ترامب، بالتراجع عن الحقوق التي لم تتساوَ أصلاً بعد، في سوق العمل والصحة الإنجابية والجنسية.
قبل المسيرة بأيام قليلة، فوجئت النساء في روسيا بمصادقة مجلس النواب على مشروع قانون بتعديل عقوبة "العنف الأسري"، وذلك بتبديله من عقوبة جرمية إلى عقوبة إدارية. بمعنى آخر، يكفي أن يدفع المعنّف غرامة مالية، أو يقدّم عدد ساعات معينة في الخدمة الاجتماعية لترفع عنه العقوبة. فلسفة هذا القانون أنّ "من غير المنطقي أن يُجرَّم الرجل من أجل صفعة!".
قبل ذلك بشهر تقريباً، أقدم البرلمان التركي على خطوة مشابهة عبر نقاش قانون يعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوّج الضحية حتى ولو كانت قاصراً. ثم سحبت الحكومة المشروع لدراسته بشكل معمّق، كما قال رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم، بعد ارتفاع أصوات الاعتراض المحلية والدولية عليه.
هذه الأحداث المتقاربة زمنياً، والمتقاربة في أثرها على حقوق النساء، تشير إلى أنّنا قد نكون أمام مرحلة تدفع النساء فيها ثمناً باهظاً على حساب حقوقهنّ في سياق التحوّلات العالمية. بذلك، يستحق هذا الأمر أكثر من مجرّد لفت نظر من قبل الحركات النسوية والجماعات المدافعة عن حقوق النساء.
*ناشطة نسوية
اقــرأ أيضاً
ثلاثة أحداث متتالية في دولتَين تقودان العالم حالياً، وثالثة تسعى إلى أن تكون رائدة في قيادة الإقليم.
بعد ستين عاماً تقريباً، عادت النساء إلى الشارع في الولايات المتحدة للمطالبة بالحقوق نفسها التي كانت تطالب بها حركة تحرير النساء في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. لا نتوهّم أنّ النساء في الولايات المتحدة هنّ على قدم المساواة مع الرجال. النساء لا يحصلنَ على أجور متكافئة، ونسبة تمثيلهنّ في السياسة لم تصل إلى حدّ المناصفة ولا حتى الكتلة الحرجة (نسبة ملحوظة). ولعلّ من السخرية أن تكون الولايات المتحدة هي الدولة التي تستضيف، في مارس/آذار من كلّ عام، الاجتماعات الدولية للجنة أوضاع النساء، للبحث في التقدّم الذي تحرزه الدول في تحقيق اتفاقية "سيداو"، علماً أنّها من الدول السبع التي لم توقع بعدُ على الاتفاقية.
رفضت المسيرة النسائية بحزم مجاهرة رئيس البلاد، دونالد ترامب، بالتراجع عن الحقوق التي لم تتساوَ أصلاً بعد، في سوق العمل والصحة الإنجابية والجنسية.
قبل المسيرة بأيام قليلة، فوجئت النساء في روسيا بمصادقة مجلس النواب على مشروع قانون بتعديل عقوبة "العنف الأسري"، وذلك بتبديله من عقوبة جرمية إلى عقوبة إدارية. بمعنى آخر، يكفي أن يدفع المعنّف غرامة مالية، أو يقدّم عدد ساعات معينة في الخدمة الاجتماعية لترفع عنه العقوبة. فلسفة هذا القانون أنّ "من غير المنطقي أن يُجرَّم الرجل من أجل صفعة!".
قبل ذلك بشهر تقريباً، أقدم البرلمان التركي على خطوة مشابهة عبر نقاش قانون يعفي المغتصب من العقوبة في حال تزوّج الضحية حتى ولو كانت قاصراً. ثم سحبت الحكومة المشروع لدراسته بشكل معمّق، كما قال رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم، بعد ارتفاع أصوات الاعتراض المحلية والدولية عليه.
هذه الأحداث المتقاربة زمنياً، والمتقاربة في أثرها على حقوق النساء، تشير إلى أنّنا قد نكون أمام مرحلة تدفع النساء فيها ثمناً باهظاً على حساب حقوقهنّ في سياق التحوّلات العالمية. بذلك، يستحق هذا الأمر أكثر من مجرّد لفت نظر من قبل الحركات النسوية والجماعات المدافعة عن حقوق النساء.
*ناشطة نسوية