24 يناير 2019
حرية الرأي
محمود البازي (سورية)
دائماً ما كنا نبدأ مقالاتنا بمقولة "تتسارع الأحداث"، أو "تتوالى الأحداث على الساحة الدولية بوتيرة متسارعة"، إلا أنّ الوضع اختلف مع الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، فالأحداث لم تتسارع ولم تتوال. كذلك انتظرنا كثيراً، وكلنا أمل أن يكون الصحافي قد خطف فحسب، مع أنّ كل الأدلة تشير إلى مقتله.
حطت رحال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في العربية السعودية، وعلى ما يبدو بدأ الرجل بالتحضير للتسوية السياسية، لحفظ ماء الوجه السعودي، خصوصاً أنّ الرجل ذو خبرة عالية حيث شغل سابقاً منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويبدو أنّ لبومبيو دور محوري بين الدول الثلاث المعنية بالقضية، أقصد تركيا، السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
يبدو أنّ التسوية تتمحور حول الاعتراف بقتل خاشقجي بالخطأ، متضمنةً تبرئة ولي العهد السعودي من دمه والتضحية بأشخاصٍ غير مهمين للحكومة السعودية، خصوصاً أنّ القنصل السعودي غادر تركيا متجهاً إلى السعودية قبيل ساعات من تفتيش مقر إقامته.
يتساءل كثيرون: لماذا كان الرئيس دونالد ترامب متذبذباً بالتعامل مع القضية، فمرة يهدّد، ومرة يعطي الحل للعربية السعودية، بقوله إنه يعتقد أنّ من قام بعملية القتل هم "مارقون"؟
تنتظر الولايات المتحدة استحقاقاتٍ مهمة بعد أسابيع معدودة، وهي الانتخابات النصفية التي ستحدد مصير الأغلبية لكل من مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأميركي. ولعل مراقبين يصفون هذه الانتخابات بأنها الأهم على مرّ تاريخ الولايات المتحدة، حيث يتهيأ الديمقراطيون بقوة لهذه الانتخابات، لرد الاعتبار لهم بعد الهزيمة التي تعرّضوا لها نتيجة صعود الرئيس دونالد ترامب إلى سدّة الحكم وإقصاء هيلاري كلينتون من الانتخابات الرئاسية قبل عامين. ويعوّل الديمقراطيون على الانقسامات الحادّة التي تعيشها الولايات المتحدة، كما يعولون اليوم على صعود ما يسمّى الجناح اليساري المتطرف في الحزب الديمقراطي، وكانت أبرز معالم هذا الصعود تمثلت في تغلّب الناشطة اليسارية المتطرفة إليكساندريا كورتس (28 عاما)، على النائب جو كرولي، وفوزها بترشيح الحزب عن مقاطعة كوين في ولاية نيويورك.
إلا أنّ الرئيس دونالد ترامب وحزبه الجمهوري يعيشان أفضل أيامهم على ما يبدو، وخصوصاً أنّ الرئيس أوفى بجميع وعوده الانتخابية، حيث قلّل نسب البطالة إلى مستويات قياسية لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، وزاد الإنتاج القومي وتحسّن الاقتصاد الأميركي بشكل ملحوظ. يرافق هذه الإنجازات للرئيس قوله المتكرر عن مطالبة العربية السعودية بالدفع مقابل الحماية، وهو ما يساهم برص صفوف قاعدة الرئيس الانتخابية خلفه.
بالإضافة إلى كل ما سبق، شكّل تحرير القس الأميركي، أندرو برونسون، نصراً انتخابيا مهما للرئيس ولحزبه الجمهوري، خصوصاً أنه كانت لما تعرف بالطائفة الإنجيلية شروط محدّدة للوقوف بصف الرئيس، وهي نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما تمّ إنجازه مبكرا جداً ومن ثم إطلاق سراح برونسون، وهو ما استطاع الرئيس الأميركي استغلاله بشكل كامل. وبالتالي فإن كان انتصار الرئيس في الانتخابات الرئاسية السابقة نتيجة الضعف وفقدان القيادة القوية للحزب الديمقراطي، يبدو أن الانتصار المستقبلي الذي أتوقعه للحزب الجمهوري بهذه الانتخابات نتيجة وجود الرئيس واستراتيجيته البراغماتية تجاه القضايا التي تعتبر مهمة للقاعدة الانتخابية.
يبدو أنّ الولايات المتحدة تخلّت عن قيادة العالم الحر، بحسب تعبيراتها السابقة، فلم تعد الولايات المتحدة شرطي العالم، فاليوم يُنظر إلى منطقتنا وإلى قضايا حرية الإعلام والصحافة وغيرها مكسبا انتخابيا ودعايات انتخابية، فدفع السعودية مقابل الحماية يشكل نصرا انتخابيا ترافقه هتافات من جمهور الرئيس ترامب، أما متابعة وفرض عقوبات ضد العربية السعودية نتيجة ارتكاب جريمة قتل لصحافي بارز (إذا تمّ تأكيدها رسميا ونهائيا)، لا تشكل أولوية لا للرئيس ولا للجهمور والقاعدة الانتخابية للرئيس. وهو ما ظهر بشكل جلي عندما هدّد الرئيس بمعاقبة السعودية إذا ما تمّ تأكيد قتل خاشقجي، وعندما سئل الرئيس عن صفقات السلاح والعلاقات الاقتصادية، أجاب الرئيس: لا، لا نستطيع التخلي عن 110 مليارات من الدولارات، نستطيع معاقبتهم بوسائل أخرى؟
انتهت القضية، إلا أن الأتراك غير راضين عن هذه التسوية، ولننتظر لنرى ما ستؤول إليه الأحداث.
تذكروا ذلك، إنّ الرئيس ترامب ليس "الخليفة العادل" الذي قال يوما عندما اجتمعت عصبة وقتلت رجلا في اليمن: "والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين".
حطت رحال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في العربية السعودية، وعلى ما يبدو بدأ الرجل بالتحضير للتسوية السياسية، لحفظ ماء الوجه السعودي، خصوصاً أنّ الرجل ذو خبرة عالية حيث شغل سابقاً منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويبدو أنّ لبومبيو دور محوري بين الدول الثلاث المعنية بالقضية، أقصد تركيا، السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
يبدو أنّ التسوية تتمحور حول الاعتراف بقتل خاشقجي بالخطأ، متضمنةً تبرئة ولي العهد السعودي من دمه والتضحية بأشخاصٍ غير مهمين للحكومة السعودية، خصوصاً أنّ القنصل السعودي غادر تركيا متجهاً إلى السعودية قبيل ساعات من تفتيش مقر إقامته.
يتساءل كثيرون: لماذا كان الرئيس دونالد ترامب متذبذباً بالتعامل مع القضية، فمرة يهدّد، ومرة يعطي الحل للعربية السعودية، بقوله إنه يعتقد أنّ من قام بعملية القتل هم "مارقون"؟
تنتظر الولايات المتحدة استحقاقاتٍ مهمة بعد أسابيع معدودة، وهي الانتخابات النصفية التي ستحدد مصير الأغلبية لكل من مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأميركي. ولعل مراقبين يصفون هذه الانتخابات بأنها الأهم على مرّ تاريخ الولايات المتحدة، حيث يتهيأ الديمقراطيون بقوة لهذه الانتخابات، لرد الاعتبار لهم بعد الهزيمة التي تعرّضوا لها نتيجة صعود الرئيس دونالد ترامب إلى سدّة الحكم وإقصاء هيلاري كلينتون من الانتخابات الرئاسية قبل عامين. ويعوّل الديمقراطيون على الانقسامات الحادّة التي تعيشها الولايات المتحدة، كما يعولون اليوم على صعود ما يسمّى الجناح اليساري المتطرف في الحزب الديمقراطي، وكانت أبرز معالم هذا الصعود تمثلت في تغلّب الناشطة اليسارية المتطرفة إليكساندريا كورتس (28 عاما)، على النائب جو كرولي، وفوزها بترشيح الحزب عن مقاطعة كوين في ولاية نيويورك.
إلا أنّ الرئيس دونالد ترامب وحزبه الجمهوري يعيشان أفضل أيامهم على ما يبدو، وخصوصاً أنّ الرئيس أوفى بجميع وعوده الانتخابية، حيث قلّل نسب البطالة إلى مستويات قياسية لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، وزاد الإنتاج القومي وتحسّن الاقتصاد الأميركي بشكل ملحوظ. يرافق هذه الإنجازات للرئيس قوله المتكرر عن مطالبة العربية السعودية بالدفع مقابل الحماية، وهو ما يساهم برص صفوف قاعدة الرئيس الانتخابية خلفه.
بالإضافة إلى كل ما سبق، شكّل تحرير القس الأميركي، أندرو برونسون، نصراً انتخابيا مهما للرئيس ولحزبه الجمهوري، خصوصاً أنه كانت لما تعرف بالطائفة الإنجيلية شروط محدّدة للوقوف بصف الرئيس، وهي نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما تمّ إنجازه مبكرا جداً ومن ثم إطلاق سراح برونسون، وهو ما استطاع الرئيس الأميركي استغلاله بشكل كامل. وبالتالي فإن كان انتصار الرئيس في الانتخابات الرئاسية السابقة نتيجة الضعف وفقدان القيادة القوية للحزب الديمقراطي، يبدو أن الانتصار المستقبلي الذي أتوقعه للحزب الجمهوري بهذه الانتخابات نتيجة وجود الرئيس واستراتيجيته البراغماتية تجاه القضايا التي تعتبر مهمة للقاعدة الانتخابية.
يبدو أنّ الولايات المتحدة تخلّت عن قيادة العالم الحر، بحسب تعبيراتها السابقة، فلم تعد الولايات المتحدة شرطي العالم، فاليوم يُنظر إلى منطقتنا وإلى قضايا حرية الإعلام والصحافة وغيرها مكسبا انتخابيا ودعايات انتخابية، فدفع السعودية مقابل الحماية يشكل نصرا انتخابيا ترافقه هتافات من جمهور الرئيس ترامب، أما متابعة وفرض عقوبات ضد العربية السعودية نتيجة ارتكاب جريمة قتل لصحافي بارز (إذا تمّ تأكيدها رسميا ونهائيا)، لا تشكل أولوية لا للرئيس ولا للجهمور والقاعدة الانتخابية للرئيس. وهو ما ظهر بشكل جلي عندما هدّد الرئيس بمعاقبة السعودية إذا ما تمّ تأكيد قتل خاشقجي، وعندما سئل الرئيس عن صفقات السلاح والعلاقات الاقتصادية، أجاب الرئيس: لا، لا نستطيع التخلي عن 110 مليارات من الدولارات، نستطيع معاقبتهم بوسائل أخرى؟
انتهت القضية، إلا أن الأتراك غير راضين عن هذه التسوية، ولننتظر لنرى ما ستؤول إليه الأحداث.
تذكروا ذلك، إنّ الرئيس ترامب ليس "الخليفة العادل" الذي قال يوما عندما اجتمعت عصبة وقتلت رجلا في اليمن: "والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين".
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2018
30 يوليو 2018
13 يوليو 2018