حرق أسهم أرامكو... بن سلمان يُطلق خطة بيع عملاق النفط

03 نوفمبر 2019
الهجمات أفقدت أرامكو نصف إنتاجها لفترة (Getty)
+ الخط -

أعلنت السعودية اليوم الأحد عن الطرح العام الأولي لشركة أرامكو المملوكة للدولة، وسط قلق متزايد من حرق أسهم عملاق النفط السعودي، مصدر الدخل الرئيسي للمملكة، ولا سيما مع عزوف صناديق الاستثمار العالمية عن الطرح، ومواجهة الاقتصاد السعودي ضغوطاً كبيرة، زجت بأغلب الشركات الكبرى في أتون الخسائر منذ أشهر طويلة من دون القدرة على الخروج من الهاوية.

ويصر ولي العهد محمد بن سلمان، على المضي قدما في طرح حصة من أسهم أرامكو في أسواق المال، وذلك في إطار رؤيته 2030، التي جرى الكشف عنها قبل نحو ثلاث سنوات، بينما لم تحقق نتائج إيجابية للاقتصاد حتى الآن، بل دخلت المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم في دائرة الدول المديونة، فضلا عن تآكل احتياطيها الضخم من النقد الأجنبي الذي كونته على مدار عقود.


وقالت خمسة مصادر وصفتهم وكالة رويترز بالمطلعة، إن بن سلمان وافق، يوم الجمعة، على أن يصدر الإعلان عن الطرح العام الأولي لأرامكو في البورصة السعودية، يوم الأحد.

ووفقا لمصادر، فإن مسؤولين ومستشارين من الشركة، عقدوا اجتماعات مع مستثمرين على مدار الأيام القليلة الماضية في محاولة للوصول إلى تقييم أقرب ما يمكن إلى تريليوني دولار قبيل إطلاق الإدراج في البورصة.

ولبلوغ تريليوني دولار، وهو التقييم الذي سيجعله أضخم طرح أولي عام في التاريخ، تحتاج الرياض إلى أن يجمع الإدراج الأولي لحصة تتراوح من 1 إلى 2 في المائة من الشركة في البورصة السعودية لجمع ما بين 20 ملياراً إلى 40 مليار دولار على الأقل.

ويريد بن سلمان، أن يتم في نهاية المطاف إدراج ما إجماليه 5 في المائة من الشركة. ومن المتوقع أن يكون هناك بيع دولي يعقب الطرح العام الأولي المحلي.

ومن شأن الإخفاق في الوصول إلى الهدف المبتغى بتقييم أرامكو، أن يسبب معضلة لولي العهد، فإما أن يبتلع الدواء المر بالمضي قدما في الطرح عند تقييم أقل أو يؤجل الطرح العام الأولي مرة أخرى، وفق المصادر، مشيرين إلى أن تقييما أقرب إلى 1.5 مليار دولار مرجح بشكل أكبر، وإن عائلات سعودية ثرية ستكون المستثمر الرئيسي في الطرح العام الأولي.

لكن الضغوط التي يتعرض لها كبار المستثمرين في السعودية تحول دون تحقيق الهدف المرجو من الطرح، فقد أظهرت بيانات رصدتها " العربي الجديد" من خلال نتائج أعمال الشركات المدرجة في البورصة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، والتي جرى الإعلان عنها خلال الأيام الماضية، تسجيل ما يقرب من نصف الشركات خسائر وتراجعاً كبيراً في الأرباح في استمرار للضغوط التي تتعرض لها منذ أكثر من عامين.

فقد أعلنت حتى الآن 82 شركة عن نتائج أعمالها، من إجمالي 175 شركة، حيث تراجعت أرباح 38 شركة مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي 2018، وسجلت 17 شركة خسائر، بينما حققت 44 شركة أرباحاً.

وتكبدت شركات كبرى خسائر فادحة منها مجموعة الحكير، التي سجلت خسائر بنسبة 1785.9 في المائة، والزامل الصناعية بنسبة 166.9 في المائة.

والأسبوع الماضي، هبط المؤشر العام للبورصة السعودية بنسبة 2.14 في المائة، فيما خسرت الأسهم نحو 39.89 مليار ريال (10.6 مليارات دولار) من قيمتها السوقية، لتصل إلى 1.82 تريليون ريال (485.3 مليار دولار).

ولتفادي التعرض لمأزق محلي، قالت مصادر لرويترز، يوم الجمعة، إن أرامكو خاطبت حكومات في الخليج وآسيا، بما في ذلك الصين، لمحاولة ضمان الحصول على الجانب الأكبر من الاستثمارات من دول تربطها علاقات ودية مع السعودية، إذ إن الاستقبال في دول أخرى أكثر فتوراً.

يأتي هذا بعد أن أعربت صناديق استثمار عالمية عن عزوفها عن المشاركة في طرح أرامكو، منها صندوق الثروة السيادي النرويجي، البالغ حجمه 1.1 تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم، وفق ما أعلنه ينفا سلينجستاد، الرئيس التنفيذي للصندوق مؤخرا.

وتقل جاذبية الاستثمار في أرامكو مقارنة مع شركات نفط عالمية أخرى. وتقول أرامكو إنها ستدفع توزيعات أرباح بقيمة 75 مليار دولار، وهو ما سيعني عائدا للأسهم قدره 3.75 بالمائة في حال تقييم الشركة عند تريليوني دولار، وهو أقل من ذلك الذي يعرضه بالفعل منافسون مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل.

وبحسب بيانات رفينيتيف لأبحاث سوق النفط، فإن توزيعات الأرباح في شل تزيد على 6 بالمائة وفي إكسون أكثر من 5 في المائة.

وحققت أرامكو، في الأشهر التسعة الأولى من 2019، أرباحاً بقيمة 68 مليار دولار، وفقاً لما نقلته "بلومبيرغ" عن مصادر مطلعة نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقابل 111 مليار دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي.

ومن المقرر أن يستخدم صندوق الاستثمارات العامة حصيلة الطرح العام الأولي، لتنفيذ خطط اقتصادية لولي العهد، بينما تشهد المملكة صعوبات مالية في ظل تراجع عائدات النفط وارتفاع كلفة الحرب في اليمن والصراعات السياسية التي خاضتها المملكة في السنوات الأخيرة.

فقد أظهرت بيانات حديثة صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، أن الأصول الاحتياطية للمملكة بلغت بنهاية الشهر الماضي 1.904 تريليون ريال (507 مليارات دولار)، مقابل 1.910 تريليون ريال في نفس الشهر من العام الماضي 2018، ونحو 2.746 تريليون ريال نهاية عام 2014، ما يشير إلى أن البلد الغني بالنفط خسر ما يقرب من ثلث احتياطياته خلال هذه الفترة.

كما أظهر تقرير لوزارة المالية، اطلعت عليه "العربي الجديد"، أن الديون الحكومية قفزت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتصل بنهاية يونيو/ حزيران 2019 إلى 627.8 مليار ريال (167.4 مليار دولار)، مقابل 44.3 مليار ريال (11.8 مليار دولار) بنهاية عام 2014.

المساهمون