حرب المدارس: فتيات الأردن تفوّقنَ على فتيانه

10 اغسطس 2015
تفوّق الإناث أثار حفيظة الذكور (رمزي حيدر/فرانس برس)
+ الخط -


هل غريب أن تتفوّق طالبة عراقية (هي مريم عبد الكريم صادق البياتي)، فتحصل على المركز الأول في امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" الأردني (الفرع العلمي)، وهي كما تقول، عراقية المولد أردنية الصبا والشباب "أدين بالحب والانتماء للأردن كما هو حبي وانتمائي للعراق. آمل بأن أكمل تعليمي الجامعي في جامعاته"؟ 

أسأل هذا في ضوء ما تشهده البلاد من "انقسام" في الرأي العام بين مؤيد لحق مريم في الحصول على مقعد في كليّة الطب، في الجامعة (أو الجامعات) الأردنية، وبين من ينكر عليها هذا الحق كونها لا تحمل الجنسية الأردنية، ولعدم امتلاكها لرقم وطني أردني يؤهلها للتقدم بطلب تنافس بناءً على معدلها المتميّز لتحقيق حلمها! 

والد مريم يعمل في أحد الأقسام في الجامعة الهاشمية (الأردنية!)، ويعيش مع عائلته منذ سنوات في الأردن، ولو كان في أي بلد أوروبي لكان طبيعيّاً جداً أن تحصل ابنته على ما تختار هي من تعليم ومن كليات وتخصصات علميّة. بينما في الأردن، الآن، يجري مثل هذا الانقسام في الرأي، وعلى صفحات الصحف، وتحتدم النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي.
 
هل نسي الأردنيّون أن رشيد طليع "اللبنانيّ الدرزيّ..."، قد دخل تاريخ الأردن المعاصر كأوّل رئيس لأول حكومة أردنية تشكّلت في عهد إمارة شرق الأردن في 11 أبريل/ نيسان 1921 مع بدايات تشكّل الإمارة، وكانت تلك البداية في التعامل مع الكفاءات "غير الأردنية"، تبعتها الكثير من المؤشرات على إمكانية منح غير الأردني ما للأردني من "حقوق وواجبات"؟ 

ليس هذا وحده موضوعنا هنا، فإذا كان هذا الحدث قد أثار هذا الضجيج كلّه، فإن ضجّة أكبر تتعلّق بنتائج العشر الأوائل في الثانوية العامة قد ثارت لأسباب أخرى، أسباب تتعلق بكون أغلبيّة الأوائل جاءت من بين الطالبات الإناث، حتى في تخصصات وفروع عُرفت بأنّها حكر على الذكور، ونذكر الفرع الزراعي مثلاً على ذلك. 

اقرأ أيضاً: هذا رأي الفتيات العربيات بالشاب اللبناني

البعض رأى في هذا الوضع شماتة بالطلبة الذكور ما بعدها شماتة، تمارسها المرأة تجاه الرجل منذ ظهور نتائج امتحانات المرحلة الثانوية، حيث بلغت نسبة الأوائل من الإناث (الطالبات) أكثر من تسعين في المائة من الحاصلين على هذه المرتبة. وتراوحت هذا الشماتة بين الجدّ والهزل، واحتشدت مواقع التواصل بصور من "السخرية" كثيرة من هذا الذي حدث، بل من "التوجيهي" كله، وما يجسّده من حالة رعب دائم للطلبة والأهل على حد سواء.

ولعلّ من أطرف ما قيل في هذا المجال هو أنّ "فرحة النجاح تعادل صعود قمة إيفرست، ومرارة الرسوب تعادل ألم سقوط بغداد". ولأن إعلان نتائج الامتحانات يرتبط عادة بإطلاق الرصاص ابتهاجاً، بلغ الأمر بأحد السّاخرين أن يقول "يتم إطلاق رصاص عقب ظهور النتائج بكميات تكفي لتحرير فلسطين"، أو القول "يتشارك في همّ النجاح كل من المدرسة، اﻷسرة، مراكز التقوية، أساتذة الدروس الخصوصية، البنوك، الصيّاغ، محالّ الشوكوﻻتة والكنافة والعطور، اﻷلعاب النارية، المستشفيات، وأخيراً الطالب". 

وفي المعارك المحتدمة، اعتبر أحد شعرائنا، في "بوست" فيسبوكيّ، أن ما جرى من طغيان لـ"الأنوثة" في النتائج "ينبئ بأن جيلاً من "الذكور" بحاجة إلى تأهيل من كل النواحي، أو فلندقّ أبواب القلق: نحن شعب في خطر محدق". 

وفيما تساءلت شاعرة "إذا استطاعت الإناث أن تتفوّق على الذكور (فكريّاً)، وذلك حسب نتائج الثانوية العامة لهذا العام، وهنّ كذلك متفوّقات (عاطفيّاً)، بحكم غريزة الأمومة التي تتشكل مع جيناتهنّ الأولى..

اقرأ أيضاً: الفتيات والتجميل.. وحكاية الغيرة من المغنيات

فلماذا لا يزال مجتمعنا حتى هذه اللحظة مجتمعاً ذكوريّاً بامتياز؟ وأين يذهب كل هذا الجيل من الإناث المتفوّقات؟ وكم سنة ضوئية يحتاج هذا (الذّكَر) ليدرك حقيقة تفوّق الأنثى عليه"، ردّت عليها كاتبة إنهنّ "يذهبن إلى مطحنة الحياة فتترهّل هممهن الفكرية.. ويخضعن للحتمية الاجتماعية.. ربّات بيوت ومربّيات، وكثيراً ما تستهلكهن حياة العمل خارج وداخل البيت معاً.. لأجل مساعدة الرجل". 
المساهمون