حرب إعلامية موازية في سيناء

13 فبراير 2018
(Getty)
+ الخط -
جاءت بيانات الجيش المصري لتحديث نتائج العملية الشاملة في محافظة شمال سيناء، خالية من أي مقاطع مصورة للاشتباكات التي وقعت مع تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش، فيما استدعت مقاطع من أرشيف عمليات الجيش بسيناء، والتي في غالبيتها تتعلق بتفجير منازل المواطنين أو اعتقال مدنيين لا علاقة لهم بالتنظيم، وفق ما تؤكد مصادر حقوقية. 

وبينما انشغل الجيش في نشر بياناته المصورة إلى أن وصل البيان الخامس بعد أربعة أيام من انطلاق العملية، نشر التنظيم إصداراً بعنوان "حماة الشريعة". وفي الإصدار إياه وثق عمليات وحشية ضد الجيش المصري، وقوات الأمن، والمتعاونين معها، حيث أظهر الفيديو الذي استمر نحو 23 دقيقة، تفجير آليات متنوعة، ودبابات تابعة للجيش المصري عبر زرع ألغام أرضية، وعبوات ناسفة، وهي عمليات نفذها على مدار الشهور الماضية.

وفي نهاية الإصدار، وهو في مجمله كان رسالةً موجهة للجيش المصري، كانت الرسالة واضحة وهي الترويج (الحقيقي أو المزيف) إلى أن التنظيم ما زال بعافية، وبإمكانه إيلام قوات الجيش بشتى الطرق. وفي الفيديو ذاته، هدد التنظيم الموالي لداعش باستهداف جميع مقرات الاقتراع للانتخابات الرئاسية المقبلة، داعيا المواطنين إلى الابتعاد عنها.

ويرى مراقبون للمشهد في سيناء أنه، "رغم إشارة السلطات المصرية، في مرات عدة إلى أن تنظيم ولاية سيناء يتكون من بضع مئات، وهو رقم يتطابق مع تقديرات استخبارية أميركية (600 - 1000)، إلا أنها أعلنت عن مقتل الآلاف من الإرهابيين في بيانات للجيش على مدار السنوات الأربع الماضية، ففي سياق التفاخر بإنجازات الجيش بعد الإعلان عن انطلاق "عملية حق الشهيد" في أيلول/ سبتمبر 2015، أشار الجيش المصري بعد مرور عام إلى أنه تمكن من قتل 2529 والقبض على 2481 آخرين، وتحدثت مصادر أخرى عن قتل 5000 واعتقال أكثر من 5500.



وفي مرات عدة كان التنظيم يكذب رواية الجيش المصري ليس بالرد على البيانات بمثلها، بل بنشر مقاطع مصورة وصور لما حدث على أرض الواقع، بعيدًا عن التهويل الذي يغلب على بيانات الجيش.

ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية فإن الكثير من الصور التي يبثها الجيش المصري لعملياته العسكرية الجارية في سيناء صور قديمة "مخزنة"، وفي أغلبها من عمليات سابقة، وقالت الصحيفة في تقرير لها، الأحد الماضي، بعد ثلاثة أيام من بدء العملية الشاملة، إن كثيرا من المحللين "يجدون صعوبة في فهم" الدوافع الحقيقية للعملية التي يقوم بها الجيش المصري، والتي يتفاخر بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سيناء.

ونقلت الصحيفة عن ميشيل دن، الباحثة بمركز كارنيغي للسلام الدولي، قولها إنه رغم حجم العملية العسكرية "فإنه من المستحيل معرفة ما إذا كان هذا الجهد سيحدث فارقا". وقالت ميشيل دان : "أعلنت مصر قيامها بتلك العملية الحاسمة ضد الإرهاب عدة مرات من قبل، لكن كل ما حدث هو أنَّ التمرد انتشر وأصبح أكثر فتكاً بكلٍّ من المواطنين والجنود. ومن المستحيل معرفة ما إن كانت هذه الجهود ستختلف عما سبقها".

وانتقدت نيويورك تايمز بيانات الجيش المصري المصورة حول العملية العسكرية، والتي أظهرت صور دبابات وطائرات وقوارب مسلحة تحتاج بحاراً، وأشارت إلى أن العملية تمثل نوعاً من الحرب التقليدية، مشيرةً إلى أن مسؤولين أميركيين حثوا الجيش المصري على تبني تكتيكات أصغر نطاقاً لمكافحة الإرهاب في سيناء، تُركز أيضاً على كسب دعم السكان المحليين.

وبدأت (العملية الشاملة سيناء 2018) قبل أسابيع من انتهاء مهلة ثلاثة أشهر حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتأمين شبه جزيرة سيناء، تنتهي آخر فبراير/شباط، فيما تشارك في العملية القوات الجوية والبحرية وقوات حرس الحدود والشرطة ضد من تصفهم بالعناصر الإرهابية والإجرامية في سيناء.

وفي التعقيب على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء إن تنظيم ولاية سيناء يحرص على توثيق عملياته ضد قوات الجيش منذ أربعة أعوام، حتى أن بعض العمليات بقيت في الأرشيف، ونشرها بعد أشهر طويلة من وقوعها، لتحقيق أهداف معينة يتطلع إليها التنظيم، مضيفاً أنه من المؤكد توثيق التنظيم تصديه لعملية الجيش الحالية، وهذا ما سيظهر على الإعلام خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأوضح الباحث أنه في مرات عدة سابقة نشر التنظيم صورا وفيديوهات لتصدي مجموعاته العسكرية لحملات شنها الجيش المصري ضد مناطق تواجده. وبناءً عليه، فإن التنظيم لن يسمح للجيش بالتفرد في الإعلام حول العملية، والظهور بلباس المنتصر ولو مؤقتا. وأشار إلى أن التنظيم بدأ رده الإعلامي على الحملة الإعلامية التي ترافق الحملة العسكرية في الوقت الحالي بنشر الإصدار المرئي الأخير، الذي تضمن مشاهد لعدة هجمات نوعية نفذها التنظيم كاستهداف وزيري الدفاع والداخلية في مطار العريش، واستهداف رتل الشرطة على طريق العريش بئر العبد قبل شهور وأدى لمقتل وإصابة عشرات أفراد الشرطة.

وأكد أن الإصدار المرئي حمل عدة رسائل مبطنة عن تطور عمليات التنظيم من خلال التصفية الميدانية من مسافة صفر، ونصب الكمائن وسط مدينة العريش التي تمثل عاصمة محافظ شمال سيناء، واستهداف الآليات العسكرية بطرق مزدوجة عبر تفجير أكثر من عبوة في ذات العملية، وكذلك التصدي لحملات الجيش التي تعمل على إنشاء المنطقة العازلة في مدينة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة.

المساهمون