حراك عربي ودولي في موسكو لبحث مصير الأسد

عدنان علي

avata
عدنان علي
13 ابريل 2017
070DD2C1-258A-4B34-B385-0970B49DAEAE
+ الخط -



لم يخرج النظام السوري ومعه روسيا، أمس الخميس، عن مسار الاستمرار في إنكار ارتكاب المجزرة الكيميائية في خان شيخون، والتي أعقبها القصف الجوي الأميركي على مطار الشعيرات التابع للنظام، على الرغم من المعطيات الجديدة التي تؤكد ارتكاب النظام هذا الهجوم. فيما صعّد الطرفان من انتقامهما من المدنيين عبر عمليات قصف بالأسلحة المحرمة دولياً والفوسفور الأبيض، على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يُنتظر فيه أن تتحول اللقاءات التي تستضيفها موسكو، بدءاً من اليوم الجمعة وطوال الأيام المقبلة، إلى محطة أساسية في بحث مصير رئيس النظام السوري، بشار الأسد. وفيما أعلنت موسكو، منذ أيام، عن الاجتماع الثلاثي بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، والسوري وليد المعلم، يُنتظر وصول مسؤولين عرب وإقليميين، بينهم وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى موسكو، بدعوة من روسيا.
وتأتي هذه اللقاءات المرتقبة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى موسكو، التي انتهت أول من أمس، بلقاء جمعه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي عرض على الوزير الأميركي وجهات نظره بشأن الوضع في سورية، وكيف يمكن أن يتطور على الأرجح، وفق المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الذي أشار إلى أن الاجتماع أسفر عن اتفاق عام على ضرورة إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن. ويبدو أن اللقاءات الروسية الأميركية قد فتحت باباً أمام عودة البحث في مصير الأسد، لا سيما في ظل وجود قناعة أميركية بأنه يمثل العائق الأساسي أمام التوصل إلى حل سياسي قابل للاستمرار في سورية، ويضمن الحفاظ على وحدتها.
في غضون ذلك، استكمل الأسد، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، محاولة التنصل من الهجوم الكيميائي على خان شيخون، واصفاً إياه بـ"المفبرك". ومما قاله في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، أجريت معه عقب الهجوم: "انطباعنا هو أن الغرب والولايات المتحدة بشكل رئيسي متواطئون مع الإرهابيين وقاموا بفبركة كل هذه القصة كي يكون لديهم ذريعة لشن الهجوم" على الشعيرات. وادعى الأسد أن "المعلومات الوحيدة التي بحوزة العالم، حتى هذه اللحظة، هي ما نشره فرع القاعدة"، في إشارة إلى "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً)، مضيفاً: "لا نمتلك أي أسلحة كيميائية، وفي العام 2013 تخلينا عن كل ترسانتنا (...) وحتى لو كان لدينا مثل تلك الأسلحة، فما كنا لنستخدمها". وأبدى الأسد استعداده للقبول بتحقيق دولي حول الهجوم، شرط أن يكون "غير منحاز".
لكن تصريحات الأسد تناقض المعطيات التي كُشف عنها حول هجوم خان شيخون، والتي كان آخرها ما كشفه مسؤول أميركي رفيع المستوى لشبكة "سي إن إن" من أن "الجيش الأميركي والاستخبارات الأميركية اعترضا اتصالات بين الجيش السوري وخبراء كيميائيين يتحدثون عن الاستعدادات لهجوم السارين الذي وقع في خان شيخون". وقال المسؤول، إن الولايات المتحدة لم تعرف أن الهجوم سيقع قبل تنفيذه، إذ تجمع الولايات المتحدة كمّاً هائلاً من الاتصالات في مناطق مثل سورية والعراق، وفي كثير من الأحيان لا يتم فحص تلك الاتصالات إلا إذا كان هناك حدث معين يتطلب من المحللين العودة إليه والبحث عن مواد استخباراتية لتثبت نظرية ما. ووفق "سي إن إن"، فحتى الآن لا توجد معلومات استخباراتية اعترضها الجانب الأميركي وتم العثور عليها مباشرة تؤكد أن مسؤولين عسكريين أو عناصر بالاستخبارات الروسية أبلغوا عن الهجوم. ورجّح المسؤول الأميركي أن الروس يمارسون الحذر البالغ في ما يتعلق باتصالاتهم لتجنب اعتراضها.
هذه التطورات جاءت بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى موسكو ولقائه المسؤولين الروس، والتي تخللها لقاء مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي عرض على الوزير الأميركي وجهات نظره بشأن الوضع في سورية، وكيف يمكن أن يتطور على الأرجح، وفق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي أشار إلى أن الاجتماع أسفر عن اتفاق عام على ضرورة إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن.
وفي المواقف، دان الائتلاف الوطني السوري اعتراض روسيا في مجلس الأمن على مشروع قرار يقضي بالتحقيق في استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي في خان شيخون. ورأى الائتلاف في بيانه، أن هذا الإجراء "يدعم المجرمين وإفلاتهم من العقاب، ويشير من دون مواربة إلى تخلي الطرف الروسي عن التزاماته في مجلس الأمن، إضافة إلى تراجعه عن تعهداته المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار في سورية، كما يهدد بشكل جاد أي دور لروسيا في العملية السياسية في جنيف".


في هذه الأجواء، تجد المعارضة السورية نفسها أمام معطيات جديدة تستدعي اتخاذ مواقف وقرارات حاسمة. وفي هذا الإطار، قال الرئيس السابق لوفد المعارضة التفاوضي، العميد أسعد الزعبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الحد الأدنى المطلوب من المعارضة السورية هو الانسحاب من عملية أستانة، والتمسك بمبادئ جنيف واحد". وطالب الزعبي المعارضة بالتحرك الفعال بما يتناسب مع الوضع الدولي الجديد، معرباً عن اعتقاده، أن هناك تقصيراً من الجميع في هذا المجال، إذ إن "هناك تقصيراً إعلامياً بعد مجزرة الكيميائي وما تلاها من ضربات كلور وفوسفور أبيض، وإن هناك تقصيراً عسكرياً على جميع الجبهات، إضافة إلى التقصير السياسي في عدم استغلال التحرك العالمي، على نحو يُذكّر بما حصل بعد مجازر حلب، إذ سلّمنا المدينة عندما تحرك العالم لنصرتنا".
ورفض الزعبي حجة أنه لم يكن أمام المعارضة في المرحلة السابقة خيارات كثيرة بسبب التفرد الروسي والانكفاء الأميركي، قائلاً، إن "الثورة السورية حين انطلقت لم تكن تنتظر دعماً أميركياً أو أوروبياً، بل اعتمدت على نفسها وكانت صادقة ونظيفة موحدة، لكن ظهور ما يسمى بالطبقة السياسية أو السياسيين هو ما فتح باب الاتكال على تصريحات هذا ومؤشرات من ذاك".
أما عضو القيادة العسكرية للمنطقة الجنوبية، أيمن العاسمي، فرأى أن قوى المعارضة استطاعت التمسك بمواقفها المبدئية حتى عندما كان المجتمع الدولي كله مع نظام الأسد وأنتج أستانة وجنيف، مضيفاً: "اليوم حين تلوح مؤشرات على تبدّل المزاج الدولي ضد نظام الأسد فهذا وضع مواتٍ تماماً لتحرك المعارضة كي تطرح نفسها كبديل سياسي وعسكري عن النظام".
وشدد العاسمي في حديث لـ"العربي الجديد" على ضرورة أن تتشبث المعارضة بأهدافها الأصلية، وأن تطرح "مشاريع وطنية لإقامة دولة مدنية في سورية مقبولة داخلياً ودولياً، تجمع السوريين ولا يستأثر فيها فصيل واحد، أو توجه معين، بل يلتف حولها جميع أبناء الشعب السوري". ورأى العاسمي أن مسار أستانة انتهى عملياً لأنه أخفق في تحقيق أهدافه، أما مسار جنيف فهو باقٍ لأنه إنتاج دولي سابق للتفرد الروسي بالملف السوري، "لكن نقطة ضعفه كانت غياب الفاعلية الأميركية، ومع ظهور بوادر لتصحيح هذه النقطة في عهد الإدارة الأميركية الحالية، فهناك فرصة لإعادة الاعتبار إلى مسار جنيف عبر التركيز على عملية الانتقال السياسي. أما على المستوى العسكري، فاعتبر العاسمي، أن المطلوب من المعارضة الحصول على دعم لفصائل الجيش الحر بعد العمل على توحيدها ومحاولة تأطيرها في كيان تنظيمي واحد.
من جهته، رأى مستشار وفد التفاوض التابع للمعارضة، يحيى العريضي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المطلوب من المعارضة السورية هو "بداية التواصل مع الأمم المتحدة عن طريق المبعوث الدولي الخاص، أو مباشرة لرعاية مؤتمر وطني سوري موسع خلال مدة لا تزيد على أربعين يوماً وبدعم دولي إقليمي عربي". وأضاف أنه يجب بعد ذلك "انتخاب هيئة تأسيسية من مئتي سوري وسورية ينتخبون بدورهم مجلساً قيادياً عسكرياً وسياسياً وهيئة دستورية لصوغ دستور جديد ولجنة أخرى للتخطيط لانتخابات، وثالثة للقضايا الإنسانية ورابعة لإعادة المهجرين، وخامسة لإعادة الإعمار، وكل تواصلها وإعداداتها وعملها يجب أن يكون منجزاً في أول سبتمبر/أيلول المقبل". وختم: "ربما أحلم، لكن هذا ما أفكر به".

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
سفينة تنتظر شحن البضائع في مقاطعة شاندونغ الصينية، 29 سبتمبر 2023 (Getty)

اقتصاد

يتصاعد جنون الارتياب عالمياً حيال سلاسل التوريد، بعد تفجير الاحتلال الإسرائيلي أجهزة النداء الآلي المحمولة "البيجر" في لبنان، ما يؤرخ لمرحلة تجارية جديدة.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة

سياسة

أعرب المشتبه به في محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رايان ويسلي روث عن رغبته في القتال والموت في أوكرانيا.