حراك بيروت ينتقل إلى العصيان المدني

بيروت

نادر فوز

avata
نادر فوز
02 سبتمبر 2015
2BB24680-80A4-4294-9445-8D7A15ADB752
+ الخط -
نقل ناشطو حملة "طلعت ريحتكم" المعركة مع السلطة اللبنانية إلى داخل المقار الرسمية، فتمكّن العشرات منهم أمس من التسلل بشكل فردي إلى داخل وزارة البيئة واحتلالها وإعلان اعتصام مفتوح فيها لحين استقالة وزير البيئة محمد المشنوق. الأخير، لم يخل مكتبه إلا بعد ساعات من هذه الخطوة، فبقي صامداً فيه يتلقى اتصالات من معظم المراجع الحكومية، أهمها رئيس الحكومة، تمام سلام، ووزير الداخلية، نهاد المشنوق. بذلك، تكون الحملات المدنية والتجمعات الشبابية الرافضة للسلطة والطبقة السياسية مجتمعة (المكونة من فريقي 8 آذار و14 آذار وما بينهما من وسطيين)، قد نجحت في الانتقال من مرحلة الاعتصامات الدورية والشعبية إلى مرحلة العصيان المدني "الأبيض" والضغط المباشر على الوزراء. وترافقت هذه الخطوة أيضاً مع قرصنة عدد من الناشطين الإلكترونيين للموقع الرسمي لوزارة الداخلية. من المتوقع أن تستكمل الحملات المدنية ضرباتها السريعة والمفاجئة هذه، من خلال محاولات لاحقة لتنفيذ ضربات مماثلة في وزارات أخرى، وهو الأمر الذي أقلق السلطة أساساً وتحوّل إلى مادة للنقاش بين الوزراء.

اقرأ أيضاً: إجهاض حراك بيروت... كل شيء مُباح لدى السلطة

وتزامنت خطوة احتلال وزارة البيئة مع انتهاء المهلة التي حدّدها الناشطون المدنيون منذ يوم السبت لتنفيذ مطالبهم من قبل السلطة، والتي كان أولها استقالة وزير البيئة. في حين من المفترض أن يستجيب وزير الداخلية الأربعاء لمطلب محاسبة القوى الأمنية وعناصرها التي لجأت إلى استخدام العنف المفرط لمواجهة المتظاهرين خلال الاعتصامات السابقة. ليبقى المطلبان الآخران المتمثلان بإعادة ملف النفايات إلى السلطات المحلية (المجالس البلدية) وتنظيم انتخابات نيابية معلّقين.

وحاولت القوى الأمنية التضييق قدر الإمكان على المعتصمين في الوزارة، فقطعت الكهرباء عن المبنى، الأمر الذي وضع من فيها في موقف حرج نتيجة غياب التهوئة وقطع الاتصالات، كما تم تسجيل حالات إغماء في صفوف الناشطين نتيجة الحر الشديد. وتتابعت هذه الضغوط في منع إيصال المؤن الغذائية والمياه إلى المعتصمين دخل الوزارة، في محاولة إضافية لكسر احتلال هذا المقرّ الرسمي.

اقرأ أيضاً لبنان: السلطة مرعوبة من الشارع وضغوط دبلوماسية لمنع "الفراغ"  

وخارج المبنى الواقع في العازارية في رياض الصلح (وسط بيروت، بين مقرّي رئاسة الحكومة والبرلمان)، احتشد العشرات من مؤيدي الحراك الذين منعتهم القوى الأمنية من الاقتراب من مدخل الوزارة. وطوّقت أفواج من مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي المجمّع حيث الاعتصامات، كما عمدت إلى قطع كل الطرق المؤدية إلى هذا المكان. إلا أنّ الحملات المدنية المشاركة في الحراك، وأبرزها "بدنا نحاسب"، "عالشارع" و"شباب 22 آب" انضمّت إلى المعتصمين خارج مبنى وزارة البيئة وفي ساحة رياض الصلح وعزّزت هذه الخطوة على الصعيدين المطلبيين والشعبيين.

اقرأ أيضاً: السلطة اللبنانية ترتّب بيتها لمواجهة الحراك بـ"حكومة" زعماء طوائف 

وأكدت أوساط رئيس الحكومة، تمام سلام، لـ"العربي الجديد" أنّ الأخير كان يتابع بشكل حثيث ما يحصل في وزارة البيئة، وكان الهدف الرئيسي "معالجة هذا الأمر بسلاسة حفاظاً على سلامة المتظاهرين وسلامة الأملاك العامة والمقار الرسمية في الوقت نفسه". في حين أصدر وزير الداخلية تهديدات مبطّنة للمعتصمين إذ أشار في بيان صدر عنه إلى اعتماد لغة الحوار، ثم أعطى الحملة مهلة نصف ساعة للخروج من الوزارة مذيلاً موقفه بعبارة "بعدها لكل حادث حديث". كما رفض المعتصمون دعوة وزير البيئة إلى الحوار في مكتبه وطالبوه بالتوجه إلى مكان اعتصامهم داخل الوزارة، فرفض بدوره هذا الاقتراح. لتعود السلطة وترسل وفداً من حزب الخضر للتفاوض مع المعتصمين الذين رفضوا هذه المبادرة أيضاً متمسكين بالدعوة إلى استقالة محمد المشنوق.

وعلّقت أوساط رئيس الحكومة، تمام سلام على عبارة "لكل حادث حديث"، فأشارت لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "لدى وزير الداخلية ما يكفي من حكمة للتعامل مع هذه الأحداث"، مضيفة أنّ القوى الأمنية تمتعت بالتساهل وضبط النفس خلال المظاهرة الشعبية الأخيرة التي نظمتها الحملات المدنية في وسط بيروت يوم السبت الماضي. لتضيف هذه الأوساط في الوقت نفسه أنّ "نهاد المشنوق في منصب أمني وعليه التعامل مع هذه الأحداث وفق ما تقتضي الأمور"، وهي مقدمة للجوء القوى الأمنية إلى استخدام العنف لإخلاء مبنى الوزارة من المعتصمين. وكان لافتاً جداً أنّ الناشطين اكتفوا، خلال احتلالهم لمكاتب وزارة البيئة، بالجلوس على الأرض ورددوا الشعارات المطلبية بعيداً عن أي عمل تخريبي.

*الفيديو (تصوير عبدالرحمن عرابي)

ذات صلة

الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
الصورة
شارك العديد من الشبان في مبادرة الحلاقة (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار المبادرات والمساعدات المقدمة للنازحين، رحب النازحون في مدينة صيدا بمبادرة الحلاقة في ظل ظروفهم الصعبة والبطالة
الصورة
آثار القصف في منطقة البقاع في لبنان (حسين بيضون)

سياسة

تعدّدت جرائم الحرب ومنفذها واحد، وهو احتلال باتت مجازره يومية بحق المدنيين في لبنان وسلوكه مركَّز على التهجير، والتدمير، مستغلاً الصمت الدولي على انتهاكاته.
المساهمون