حرارة الطقس تنشط تجارة الشواطئ التونسية

08 اغسطس 2015
السياحة الشاطئية تتلقى دعماً قوياً من التونسيين (Getty)
+ الخط -

على امتداد الطرق المؤدية للمدن الساحلية، تنشط هذه الأيام تجارة ما يعرف بمعدات البحر، حيث يختار التجار عادة مفترقات الطرق التي يسهل فيها توقف السيارات والمارة، لعرض سلعهم المتكونة أساسا من أطواق السباحة بمختلف أشكالها والمناشف وحافظات البرودة.

وتشهد هذه التجارة نشاطا كبيرا بسبب موجة الحرارة التي تجتاح البلاد منذ بداية شهر أغسطس/آب الجاري؛ وهو ما دفع التونسيين إلى الهجرة نحو الشواطئ.

ويقبل المصطافون عادة على هذه النوعية من السلع، بسبب تواضع أسعارها مقارنة بنظيراتها في المحالات والمركبات التجارية دون الخوض في نوعيتها.

ويعرض تجار البحر بضائعهم ذات الألوان الصيفية الزاهية بطريقة تجلب المارة، وخاصة الأطفال منهم نظراً لتنوع العرض من أطواق السباحة.

وتعد تجارة البحر صنفا من أصناف التجارة الموسمية التي تنتشر في تونس بشكل كبير، وتتلون بحسب المواسم، حيث توفر مواطن الشغل لمئات العائلات التي تعيش من تجارة الأرصفة على مدار السنة.

ويصف كريم هلال، التاجر المتجول بإحدى محافظات الساحل، تجارة البحر بالرائعة، داعياً أن ينعم على التونسيين بمزيد الحرارة حتى يتواصل موسم الاصطياف وينتفع من قوافل العابرين يوميا نحو الشاطئ. يمازح كريم زبائنه قائلا: "أدام الله علينا نعمة الحر"، مشيراً إلى أن إقبال المصطافين على البحر ومعدات البحر قياسي هذا العام، حتى إنه يضطر للتزود من تاجر الجملة مرتين في الأسبوع حسب ما أكده لـ "العربي الجديد".

يعتبر كريم التجارة الموسمية كلعبة الورق تخضع إلى ذكاء التاجر حينا وإلى الحظ أحيانا أخرى، غير أنه عبر عن رضاه عن مرابح هذا الموسم، حيث عائداته اليومية تصل إلى قرابة الـ 200 دينار أي ما يعادل الـ102 دولار، وهو مكسب يصفه بالجيد مقارنة بتجارة المواسم الأخرى.

يقول تاجر البحر إن تدفق السياح المغاربة مباشرة بعد عيد الفطر ولّد حركية تجارية كبرى في المدن الساحلية والطرق المؤدية إلى البحر.

اقرأ أيضاً: تونس: الملابس المستعملة تزاحم الجديدة

لكن يخشى كريم أن يؤدي تضييق الحكومة على السلع القادمة من وراء البحار والمهربة عبر المعابر البرية والبحرية من نقص في التزويد بالسلع، معتبراً أن بارونات السلع الصينية تأثروا بشكل كبير من التضييقات الجمركية؛ وهو ما ولّد شحاً في المواد التي تعتمد عليها تجارة الأرصفة، على غرار المواد الكهرومنزلية ولعب الأطفال ومعدات الشواطئ والمواد المدرسية.
 
ورغم أن وزارة التربية زفّت لكريم الحاصل على الإجازة في الآداب العربية منذ 11 سنة خبر انتدابه كمدرس تعليم ثانوي، إلا أن محدث "العربي الجديد" يؤكد أنه سيحافظ على نشاطه التجاري، مشيرا إلى أنه بصدد اختيار من سيخلفه في المهنة رغم المصاعب العديدة التي تعرض لها بسبب ملاحقة شرطة التراتيب للباعة المتجولين وتجار الأرصفة.

وتقوم شرطة البلدية بين الحين والآخر بعمليات مداهمة وملاحقة للتجار "المارقين على القانون"، وحجز تجارتهم بعلة أنها مجهولة المصدر ولا تخضع للجمارك أو الضرائب، غير أن هذه الملاحقات تبقى في إطار ما يسمى بـ "قرصة الأذن" لإعادة النظام للشوارع والمفترقات التي يستغلها التجار.

وتدرك الحكومات المتعاقبة الخدمات الاجتماعية التي تقدمها التجارة الموازية التي توفر آلاف فرص الشغل للعاطلين عن العمل بمختلف مستوياتهم الدراسية، وهو ما يجعلها تتغافل عن التجاوزات التي يرتكبها التجار مقابل استغلال الفضاءات التي يعملون فيها.

وبالتوازي مع استعداده لدخول عالم الوظيفة العمومية كمدرس ثانوي، يعمل كريم على توفير سلع الموسم المقبل، لافتاً إلى أن تجارة البحر تشرف على النهاية، وأن جل السياح سيغادرون بعد انقضاء النصف الأول من شهر آب/أغسطس، وهو ما سيضطره إلى التحول نحو الأسواق الأسبوعية، لتوفير مكان يعرض فيه مستلزمات العودة المدرسية من أدوات ومحافظ، متوقعا أن يحافظ خلال شهر سبتمبر/أيلول على نفس المستوى القياسي للإيرادات التي حققها على امتداد أشهر الصيف.

ورغم أن للمحفظة ومرتبة المربي مكانة لدى كريم طالما حلم بها، إلا أن التجارة وفق تعبيره أثرت تجربته في الحياة، وجعلته على احتكاك مباشر بكافة الشرائح الاجتماعية؛ وهو ما لّد بينه وبين الأرصفة التي اشتغل فيها نوعا من "العشرة"، حسب تعبيره، يصعب نسيانها بمجرد الارتقاء إلى مرتبة اجتماعية جديدة.


اقرأ أيضاً: موسم الأفراح ينعش مبيعات الورود في تونس

المساهمون