حجم التهريب في تونس 3.6 مليارات دولار.. والحكومة تتحرّك

19 يناير 2015
الاقتصاد التونسي منكوب بالسوق الموازية (فتحي بلايد/فرانس برس)
+ الخط -
وصلت نسبة الاقتصاد الموازي في تونس، اليوم، إلى حدود 54%، وتقدّر نسبة التجارة الموازية بـ30%. وتحوّل نظام التهريب في تونس إلى واقع مفزع تؤكده الأرقام وتثبته الوقائع اليومية، خاصة بعد أن دخل تجار التهريب أيضاً منظومة الحراك الاحتجاجي الثوري، شأنهم شأن أي موظف عادي. 
وشهدت مدينة بنقردان، معقل المهربين، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، احتجاجات من قبل رجال التهريب، حيث جرى إغلاق الطريق المؤدي للمدخل الجنوبي للمدينة نتيجة لإشعال الإطارات المطاطية، وذلك احتجاجاً على ما وصفوه بالاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها تجار المحروقات المهربة عبر الحدود التونسية ـ الليبية، من طرف الوحدات العسكرية الموجودة عند الشريط الحدودي.

تطويع المهربين
ويقول المحلل الاقتصادي ووزير المالية الأسبق، حسين الديماسي، بأنّ القضاء على ظاهرة التهريب قد أصبح حلماً صعب المنال في تونس بعد الثورة. ويؤكد الديماسي بأنّه من الضروري البحث عن آليات أخرى لمحاولة الحد من الظاهرة، وتطويعها قدر الإمكان لخدمة الاقتصاد الوطني إيجاباً، ولو نسبياً.
وتشير إحصائيات أخيرة، نشرتها وزارة التجارة التونسية، إلى أنَّ التهريب يكبّد تونس سنوياً خسائر تقدّر بـ3.6 مليارات دولار.
ويؤكد وزير المالية الحالي، حكيم بن حمودة، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن ميزانية عام 2015 ستشمل العديد من القرارات والقوانين العملية، "للترفيع في نسق" الواجب الجبائي ومحاربة التهريب.
وستضع حكومة مهدي جمعة، قبل رحيلها في فبراير/ شباط المقبل، وفق معلومات "العربي الجديد"، مجموعة توصيات للحكومة المقبلة، خاصة في المجال الاقتصادي وفي باب مكافحة التهريب. وستتضمن التوصيات مشروع قانون مالي ستفعّله الحكومة المقبلة. وسيتضمن القانون المالي تشجيع الأشخاص الناشطين بصفة مباشرة في التهريب، من أجل إدماجهم بصفة تلقائية في دورة الاقتصاد المنظّم، ورفع مبالغ العقوبات كي تكتسب طابعاً ردعياً. وستعمل الحكومة المقبلة، منذ بداية السنة المقبلة، على تنفيذ إجراءات جديدة، تقضي بحجز المبالغ النقدية التي تساوي أو تفوق 5000 دولار أميركي، والتي لم يثبت مصدرها من قبل مأموري الضابطة العدلية وأعوان "الديوانة" وأعوان وزارة المالية، الذين يمتلكون الصفة التي تؤهلهم لذلك.
وسيتم بإذن من وكيل الجمهورية، وفي أجل أقصاه 72 ساعة، إيداع المبالغ المحجوزة لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية، أو لدى أمانة المال الجهوية المؤهلة.

أبواب التهريب مشرعة
وستصادر المحكمة المختصة بجرائم التهرب والتجارة الموازية، جميع المكاسب المنقولة والعقارات والأرصدة المالية للأشخاص المعنيين، وذلك إذا ثبت حصول هذه المكاسب أو الأموال من الجرائم المذكورة.
ويؤكد الوزير المكلف بالملفات الاقتصادية، نضال الورفلي، تعليقاً على هذا البرنامج المستقبلي، بأن مثل هذه البرامج مهمة جداً ومن الضروري تفعيلها ودعمها وعدم التراجع عنها. ويشير الورفلي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هذه البرامج قادرة على تطويع الناشطين في مجال التهريب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في خدمة الاقتصاد، وذلك بلغة القانون والعقوبات الردعية التي لا يمكن لأي مهرب تجنّبها. ويقول الورفلي بأنَّ الاقتصاد الوطني بات يعاني انحباساً وركوداً واضحاً للعيان في الفترة الحالية، وذلك بعدما فتحت أبواب التهريب على أبوابها الثلاثة، براً وبحراً وجواً، حيث تدخل المواد المهربة عبر الموانئ والمطارات والمنافذ الحدودية مع القطرين الليبي والجزائري. وتشمل عمليات التهرب كل المواد الاستهلاكية تقريباً والوقود والسجائر، ما يؤثر سلباً على الموازنات الوطنية.
دلالات
المساهمون