حتى لا يأكل الكنيست البوصلة

11 ابريل 2015
دعوات لعدم "الانتشاء" بالقوة البرلمانية الثالثة (أحمد غرابيلي/فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال تجربة تحالف الأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني المحتل في مهدها، مع ذلك انطلقت إشارات ومؤشرات خطيرة تهدد مستقبل هذا التحالف، والأخطر من ذلك تهدد مجمل العمل السياسي الفلسطيني في الداخل في حال "غطت نشوة وصول القائمة المشتركة للمكانة الثالثة من حيث حجمها في الكنيست" على كل ما عداها. وعلى الرغم من أن التجربة لا تزال وليدة، فهناك من يحاول تجييرها لصالح موقف دون غيره، وبديلاً وعنواناً وحيداً للفلسطينيين في الداخل عبر "حشر" كل شيء في هذا الإطار وجعل سقف الكنيست سقفاً أعلى لفلسطينيي الداخل.

وفي هذا السياق، جاء مقال للنائب باسل غطاس عن التجمع الوطني الديمقراطي، يطرح بصراحة مخاوف داخل الحركة الوطنية الفلسطينية، ويحدد معالم المهام الرئيسية للمرحلة الجديدة التي يعيشها فلسطينيو الداخل. وقد أصاب غطاس في مقالته التي نشرها موقع عرب 48، منبر التيار القومي، الحقيقة عندما أشار إلى محاذير يجب الانتباه لها. فهو يؤكد أن هناك خطر أن تتحول "القائمة المشتركة" أي عملياً النضال السياسي عبر الكنيست إلى العنوان الأساسي بما يبعد ويهمّش أو يقضي على العمق الشعبي والوطني للعمل الفلسطيني في الداخل، والذي يفترض فيه أن يكون أشمل من "العمل البرلماني". ويوجب هذا التحذير، حقاً، ضرورة المسارعة إلى بناء لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي الداخل، التي تشمل أيضاً الحركات السياسية التي لا تنشط عبر الكنيست.

وفي هذا السياق، يبرِز غطاس ضرورة الانتباه إلى عدم "الانتشاء" بالقوة البرلمانية الثالثة، محدداً أنه لا مجال للتنازل عن البوصلة الحقيقية والموقف الأساسي المتفق عليه فلسطيناً بأن الكنيست، في حال اعتماده والمشاركة فيه يبقى رافداً أو أداة لمقارعة الصهيونية وتحدي كل مخططاتها مروراً إلى السعي لتثبيت الرؤية الفلسطينية في الداخل في تحويل إسرائيل لدولة "لكل مواطنيها" وفق المعادلة التي اجترحها ووضع ضوابطها الوطنية والأخلاقية عزمي بشارة.

وبالمجمل، فإنه في ظل ما قد يبدو مراهنة أو تعويل فلسطيني على تحميل "القائمة المشتركة" للأحزاب العربية أكثر مما تحتمل، من قبل أطراف عربية وفلسطينية لجهة جعلها شاهد زور أو "مبيض" لكل موبقات أوسلو، أو ما سيأتي، فإن دعوة غطاس لمؤتمر فلسطيني شامل، في الداخل لجهة وضع بدائل لتكريس الاحتلال وتكريس دولة أبرتهايد بعد دفن وتشييع حل الدولتين، كإطلاق مبادرة لحل الدولة الواحدة جديرة بأن تؤخذ مأخذ الجد، حتى لا يبقى التلويح "بخطر الأبرتهايد" سلاحاً إسرائيليا مسلطاً على الفلسطينيين وطريقاً لفرض إملاءات نتنياهو بحل هزيل يصفي القضية الفلسطينية نهائياً محولاً فلسطين إلى "محميات وبانتستونات" في خدمة إسرائيل.