حتى أنت يا بيروت؟!

11 مايو 2016
من مدينة إدلب السورية (الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن تزايد دخان إعادة إعمار سورية، يؤكد على تأجج نيران تشتعل بغير مكان لإحماء رؤوس أصحاب رؤوس الأموال، ليتعاموا عن الواقع ويدخلوا في استثمارات شكلها مغر ورابح ومضمونها سياسي بامتياز.

لا يكاد يخلو أسبوع، دون إعادة فتح ملف إعمار سورية، فمن لندن أمس وبترويج قادة "الأسكوا" بعد أن غلفت طروحاتها بحجم الخسائر وأعداد المهجرين ونسب الفقر والبطالة، لتصرح علانية لحجم دمار الحجر وتقدر كلف إعادة الإعمار، إلى البنك الدولي الذي أشار غير مرة لارتفاع كلف إعادة إعمار سورية وعدم قدرة دول الجوار التي نالت أسعار النفط المتهاوية من قدرتها على تحمل الأعباء، وصولاً لما بدأ يرشح عن تأسيس شركات غلافها الخارجي سوري ومحتواها مستثمرون أوروبيون وعرب، استعداداً لاقتسام كعكة خراب سورية...أنّى سنحت فرصة توزيع الخراب.

بيد أن اللافت بالأمر هو تبني لبنان، جل مسؤولية الترويج وتجميل المشهد ليغدو الاستثمار دونما مخاطر، بل وفيه من نبل رأس المال ما يخلده التاريخ، لطالما الهدف إيواء السوريين المهجرين هنا والنازحين هناك، دونما أي إشارة للسبب والمسبب ولا حتى ما يحيق العمل الإعماري من مخاطر، بواقع حرب لم تطفئ هدن الكبار، بموسكو وواشنطن، ولو بعض أوارها.

قصارى القول: يؤثر لبنان على تسويق الخدعة، فبعد المؤتمر الصحافي عن إعادة إعمار سورية، الذي رعاه وزير الصناعة عن كتلة حزب الله، حسين حاج حسن الأسبوع الفائت، أعلن منتدى الاقتصاد العربي الذي تستضيفه بيروت، غدا الخميس، عن جلسة خاصة لإعادة إعمار سورية، وكأن "سورية الجريحة" لا ينقصها سوى إعادة الإعمار لتبلسم جراحات شعبها الموزع على دول العالم وأبواب اللئام.

ربما من الطبيعي طرح الموضوع على مستوى تجمع اقتصادي عربي، وإن لم يعرف لبنان طريقاً إلى جذب وحضور العرب أصحاب الملاءات والماضي الاستثماري، فاقتصر الحضور على بعض وزراء من السودان ومصر وموريتانيا، فإعادة الإعمار فيها من الإغراء ما ينسي ربما حقوق السوريين وأسباب دمار بلادهم التي يروّج لإعمارها، لكن الأهم، اقتصادياً وإنسانياً، بحث قضايا السوريين الاقتصادية الساخنة، كظروف معيشة اللاجئين وكيفية استثمار طاقات المهجرين على سبيل المثال، على اعتبار أن لبنان يأوي ثاني أكبر عدد مهجرين سوريين بعد تركيا.

نهاية القول: ربما الأمر أكبر من اختيار لبنان ليكون منصة لطرح وترويج إعادة الإعمار فقط، بل وليتوسع دوره لتأسيس شركات العرب والأوروبيين الذين تحول مواقف بلادهم السياسية، دون انخراطهم العلني باقتسام حقوق السوريين، فما يتمتع به لبنان من سطوة لحزب الله وحضور لإيران ومناخ استثماري "فري" فضلاً عن أنه خاصرة سورية الرخوة والأقرب، يزيد من التوافق العربي في منتداهم غداً، ومن توسيع أبعاد صدى المشروع، كما شهدنا في لندن أمس.

المساهمون