حالما أعود إلى الأرض

21 ابريل 2020
(بامبوس كوزاليس)
+ الخط -

شيخوخة

تنكمش باستمرار
سيكون عمرُها مطلعَ العام ثمانين سنةً
لا تُغنّي لها ترنيمات السرير
سيسارع النعاس إليها
في الصباحات والظهيرات القصيرة

إنها تنكمش باستمرار
حالما تَعدّ التسعين
بملء جسدها المشدود المتصلّب
تقبض في يدك على الغياب
ووسيلة إيجاد إطار
يحتوي هذه الذاكرة البحر.


■ ■ ■


فيشة الأمان

فيما أحمل اليوم حذائي الأول في يدي
سأصطحب والدَيَّ في نزهة
ممسكاً يديهما بيدي الصغيرة
نتقدّم ببطء
بعد أن تمرّنا الآن على النسيان
ببطء
ينبغي أن أذكّرهما كيف علّماني المشي
على امتداد الطريق
سأقدّم لهما بعض المثلّجات
باقةً من الأغاني
وفيشة
حتى يتعلّما عند الحاجة
أنّ اللعب يتواصل حتى النهاية.


■ ■ ■


طين

بيتي من الطين
فليكُن.
زخّات مطري المرتقَب
تُحيله إلى ركام
فأعيد تشكيله من جديد
متسربلاً بالطين حتى عيوني
لأصير منزلي
حالما أعود إلى الأرض
غريقاً مع النمل المهاجر
في المتاهات
ريثما يؤوب مطري المرتقَب
لإغراق كل المفردات التي لم أنقلها
مفسحاً للضوء
للقطرات المتعجّلة
التي لم أعجنها.


■ ■ ■


واحد من اثنين

بعنايةٍ تُصفِّف شعرَها كلَّ يوم
مطيلةً الوقوف بأكبر قدر ممكن
الصالة ابتسامة الشقّة المغلقة
بمساحةِ مترٍ في مترَين
ترتدي طقم ثياب نظيفة
تتوقّف كلَّ خطوة من اثنتين
لإلقاء التحية على العابرين
في حياتها
بمرور الزمن
تتوقّف عن الخروج
ثمّة رياح لا تني تعصف أيامها
ينتابها دوار، تتناول منديلاً أزرقَ
برفق تمرّره على جبينها
ثم تلوّح به للبحار
التي لم تفتح لها أعماقها وملوحتها
تُعدّ قهوةً مزدوجة على الجمرات
الرمال حارقة وشفاهها محترقة
لعلّها بشائر الطريق
سريعاً ينبغي قطع البحر ذهاباً أو إياباً
بكليتك
غداً ترسو سفينة الجسد في الميناء
مقدار ساعة كلَّ ليلة من اثنتين
وتفتح صالتها في وقت متأخّر للمتفرّجين
القادمين لزيارة الأماكن الشاغرة
في ظلال قلبها.


■ ■ ■


فرار

سبعة قنّاصين يستهدفونني
بأصابع مستعدّة للضغط على الزناد
برؤوسهم المائلة إلى الأمام قليلاً
أنحني مقبّلاً المدافع
مُشعِلاً فوّهاتها
ألتصق ببطون الأغنام
متخفّياً أتجاوز خطّ الضحايا
فيما أرى حياتي ينكتب عمرُها من جديد.


■ ■ ■


ترنيمة سرير

تعال أيها النوم لتأخذ
الليل الحالك
بعيداً عن عيونها
أعطِها خيطاً ذهبياً
متيناً يخيط
أحلامها الأولى
إلى صوف وشاحها الثمل.

تعال أيها الصباح لتأخذ
بعيداً عن عيونها
نوماً متزلّفاً
وتزوّدني بنظّارة ذهبية
لأرى أولى ضحكاتها الرائقة.


■ ■ ■


نقصان

تثير غيرتي مراياك المتقابلة
بأجنحتها المتعانقة
التي تتناظر دائماً
فأركض
منادياً باسمك على كتفي
أركض
دون إيجاد أحد لتسليمه مشعلي
أركض
صارخاً عليك في رأسي
حتى يجيبني صوتك
هل يصل مسامعك ندائي؟
في عالم مليء بالأزواج
جسدي المبتور
يحتمي بأحضانك
طالبَ لجوء عشقِ.


■ ■ ■


صموتات

أرجو من الملقّن المسرحي
ألّا يوشوش باستمرار
في آذان الممثّلين
أدواراً رئيسية قادمة
يحفظونها عن ظهر قلب سلفاً
لا حاجة لتذكيرهم سوى بالصموتات
الصموتات وحدها.


* شاعر من قبرص

** ترجمة ميشرافي عبد الودود

المساهمون