04 أكتوبر 2024
حاشية على أزمة "الديمقراطي الاجتماعي" في مصر
يشهد التيار الديمقراطي الاجتماعي موجات من التراجع، في العالم عموماً وفي أوروبا خصوصاً، في السنوات القليلة الماضية، بعد أن كان يمثل البديل الناجح، بعد عدة تجارب ناجحة في أميركا الجنوبية، ثم انتقل هذا النجاح إلى أوروبا في السنوات الأخيرة، بعد صعود أحزاب التيار الديمقراطي وأحزاب الخضر، في عدة دول أوروبية.
وقد كانت النجاحات، في السنوات الأخيرة، لأحزاب التيار الديمقراطي الاجتماعي واليسار الديمقراطي، نوعاً من الرد والمقاومة للسياسات الاقتصادية والنيوليبرالية التي طبقها المحافظون واليمين الليبرالي، منذ عهد رونالد ريغان ومارغريت تاتشر منذ أكثر من 30 عاما، وتتمثل في تقليل دور الدولة في التدخل في الاقتصاد، وفي زيادة حرية السوق والتبادل التجاري، وتشجيع الشركات متعددة الجنسيات، وكذلك في إجراءات الإعفاءات الجمركية التي تصب في صالح الدول الصناعية الكبرى، وفي تقليل الضرائب المفروضة على رؤوس الأموال ورجال الأعمال، بحجة تشجيع الاستثمار وزيادة النمو مع تقليل الالتزامات الاجتماعية للدولة، وتقليل الدعم أو إلغائه، مع تقليل وإلغاء المظلة التأمينية للفئات المهمشة. وتدعو هذه السياسات بشكل عام إلى تقليل دور الدولة، وهي بالمناسبة السياسات اليمينية النيوليبرالية نفسها التي طبقها جمال مبارك ولجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) في مصر، والتي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير 2011، وهي أيضاً بالمناسبة السياسات نفسها التي تطبقها الحكومات، التي يختارها عبد الفتاح السيسي، منذ توليه السلطة، بالحجج والذرائع نفسها. وبالتالي، تؤدي إلى النتائج المتوقعة نفسها، والتي تحدث حالياً، مثل زيادة المعاناة والأعباء على المواطن البسيط وزيادة الأسعار وزيادة العذاب.
هناك سؤال حول لماذا يعود اليمين المحافظ واليمين الرأسمالي إلى الحكم في العالم، بشكل عام وفي أوروبا خصوصاً، ولماذا عاد اليسار الديمقراطي والتيار الديمقراطي الاجتماعي الواسع إلى التراجع، بخلاف التوقعات وموجات التفاؤل، التي انتشرت في العالم كله في السنوات الماضية؟ هناك عدة آراء لدى المحللين والكتاب، فيرى بعضهم أن عودة صعود اليمين هي وضع مؤقت، بسبب الظروف والمستجدات والأزمات السياسية والاقتصادية في العالم، وهناك من يرى أنها دائرة مستمرة ومتتالية، صعود للتيار الديمقراطي الاجتماعي واليسار الديمقراطي بعد فشل اليمين، ثم عودة إلى اليمين بعد فشل اليسار وهكذا.
وهناك من رصد تحول الحكومات المحسوبة على التيار الديمقراطي الاجتماعي، أو يسار الوسط أو التيار الاشتراكي الديمقراطي، إلى تطبيق سياساتٍ أقرب إلى سياسات الأحزاب اليمينية والليبرالية التي كانوا ينتقدونها، عندما كانوا في المعارضة، وطبقوها عندما وصلوا إلى السلطة، مما أدى إلى ضعف شعبية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية وعودة الشعبية إلى اليمين الليبرالي بديلاً.
ولدينا هنا أمثلة قريبة، مثل توني بلير الذي كان يمثل حزب العمال البريطاني، لكنه طبق سياسات يمينية، عندما تولى السلطة، وكذلك فرانسوا هولاند الرئيس الحالي لفرنسا الذي تخلى عن كل وعوده الاشتراكية، واستخدم السياسات الأقرب لليمين الرأسمالي، فيما اعتبره بعضهم انقلابا على التيار الاشتراكي الفرنسي الذي يمثله، مما أدى إلى انقسامات كبيرة بين مؤيديه، وكذلك صعود أسهم نيكولا ساركوزي، الذي يمثل اليمين المحافظ، وأسهم ماري لوبان، التي تمثل اليمين المتطرف.
وهناك الأسباب الأبرز التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والتي تصب في مصلحة أحزاب
اليمين الأوروبي، المحافظ والمتطرف، وهو الفشل أو "الإفشال المتعمد" للثورات العربية من الأنظمة الحاكمة وبعض القوى الإقليمية، مما أدى إلى صعود الإسلاميين أو أسلمة الثورات العربية (بشكل متعمد من وجهة نظري)، وكذلك انتشار الجماعات المتطرفة، وما نتج عن ذلك من زيادة موجات الهجرة إلى أوروبا، وما تبع ذلك من أزمات لاجئين، وزيادة الخطاب اليميني الذي يستخدم فزاعة أسلمة أوروبا، أو أن العرب والمسلمين لا يصلحون للديمقراطية ولا يتقبلونها، أو ذلك الخطاب الذي يردّده اليمين الأوروبي، وتدعمه الأنظمة المستبدة التي تحكمنا أن دعم أوروبا للاستبداد أفضل من ديمقراطيةٍ قد تؤدي إلى الفوضى وتدفق للاجئين أو غزو إسلامي لأوروبا، إنها الفزاعة نفسها التي يستخدمها اليمين في أوروبا، ويستخدمها ببراعة الحكام المستبدون الذين يحكمون بلادنا.
ما سبق كان عن التيار الديمقراطي بشكل عام. لكن، ماذا عن تأثير تلك التيارات على مصر؟ وهل يوجد في مصر والمنطقة تيار ديمقراطي اجتماعي أو يسار وسط؟ لديّ رأي سيختلف معي فيه بعضهم، وهو أنه ليس لدينا في مصر تيار ديمقراطي اجتماعي أو يسار وسط أو يسار ديمقراطي، وأن اليسار لدينا لا يزال يعيش في خطاب الاتحاد السوفييتي وتجاربه، مع تجاهل تام لكل الأحداث والتطورات التي طرأت على العالم كله بشكل عام، وعلى فكر اليسار خصوصاً.
ربما يكون لدينا أفراد لديهم قناعات وأفكار قريبة، أو تنتمي إلى التيار الديمقراطي الاجتماعي. ولكن، لا تيار منظماً ولا حزب يعبر عن هذا التيار. ففي مصر، لا يزال التصنيف السياسي يتم على تصنيفات القرن الماضي والستينيات والسبعينيات، فإن كان ذلك اهتماماً سياسياً أو بعض الاهتمام العام، فمن الطبيعي أن تجد من يحاول تصنيفك ليسألك: هل أنت ليبرالي أم اشتراكي أم إسلامي أم قومي؟ وهناك من لا يعرف، أو لا يعترف بالتغيرات والتحولات والمشتقات العديدة التي طرأت على هذه الاتجاهات الأربعة الرئيسية، وستجد من لا يعترف بأفكار قديمة في الغرب مستحدثة عندنا، مثل اليسار الديمقراطي أو يسار الوسط أو ديمقراطي اجتماعي أو اشتراكي ديمقراطي أو ليبرالي اجتماعي، وإن كانت معظم هذه المسميات تعبر عن التطورات التي حدثت وتحدث للاشتراكية والليبرالية مع الوقت. حتى كلمة اشتراكي تختلف في أوروبا عنها في أميركا الجنوبية، كما تختلف داخل أوروبا من دولة إلى دولة، وكذلك كلمة ليبرالي، وعندنا أيضا يتم تصنيف التيار القومي يساراً، مع أن القومية تصنف في العالم كله يميناً.
وفي رأيي أنه لا توجد في مصر أحزاب ليبرالية. ولكن، ربما يوجد أفراد ليبراليون في بعض الأحزاب المحافظة ذات التوجه اليميني الرأسمالي، وبعض القيم العلمانية. لكن توصيفها أحزاباً ليبرالية غير دقيق، فكيف يتّسق أن يكون هناك حزب يزعم أنه ليبرالي، وفي الوقت نفسه، يتخذ مواقف تساند انتهاكات حقوق الإنسان، أو تقف موقفا عدوانياً من الديمقراطية؟ وكيف يمكن أن يكون هناك حزب يزعم أنه ليبرالي، وفي الوقت نفسه، يهاجم قيم الليبرالية، مثل التسامح والتعايش واحترام الآخر واحترام الاختلاف؟
وعن التيار الديمقراطي الاجتماعي، مرة أخرى، لا يوجد حزب في مصر يعبر عن هذا الفكر، فقد يكون في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مثلاً، مؤسسون ذوو أفكار ديمقراطية اجتماعية، لكن الحزب بشكل عام يغلب عليه الطابع اليميني المحافظ، مثل باقي الأحزاب التي تطلق على نفسها مدنية أو ليبرالية في مصر، وربما يكون الطابع الثوري والظرف الثوري، الذي كان وقت تأسيس الحزب، وجمعه كوادر شابة كثيرة للجمعية الوطنية للتغيير هو الذي دعم مواقف ثورية كثيرة للحزب، بعد ثورة 25 يناير، لكن الأزمات داخل الحزب وتضارب المواقف بعد 30 يونيو 2013 تدل على أن هناك تياراً قويّاً داخل الحزب أقرب إلى اليمين المحافظ، وليس الفكر الديمقراطي الاجتماعي، مما يفسر هجوم بعض كوادر الحزب على الديمقراطية وحقوق الإنسان، قبل الاستقالة والانضمام لأحزاب وتحالفات السلطة، وهو كذلك ما يفسر الخطاب المتذبذب والتخويني والإقصائي الذي استخدمه رئيس الحزب السابق، وله كل الاحترام.
ولا تنفصل الأزمة الحالية في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن أزماتٍ وآفات عديدة موجودة في مصر والحياة السياسية منذ زمن بعيد، ولا أستثني أحداً، ولا أستثني نفسي من هذه الآفات، أو التربية السياسية الخاطئة. فنحن في مصر، والوطن العربي عموماً، لم نتعلم ثقافة العمل الجماعي والعمل المنظم وتوزيع الأدوار، كما أن الجميع يعاني من غياب ثقافة الحوار واحترام الاختلاف بشكل سلمي أو متحضر أو هادئ، فالصراع موجود منذ بدء الخليقة، واختلاف الآراء أو تضارب المصالح أو تعارض الرؤى أمر طبيعي، لكن الخطأ أنه يتم تحويل الصراع البارد إلى ساخن، والخلاف إلى صراع صفري ومعركة بقاء، وهذه هي الآفة في مصر والمنطقة العربية. وهذا سبب كل المشكلات التي نعاني منها، ولن ينصلح حالنا، اجتماعياً أو سياسياً، إلا عندما ندرك كيف ندير خلافاتنا بشكل متحضر، بعيدا عن الصوت العالي، وبعيدا عن التخوين والإقصاء والكراهية.
ولذلك، أتمنى أن يتم تدارك المشكلة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وأن يصبح الحزب فعلاً معبراً عن التيار الديمقراطي الاجتماعي الواسع، وأن يكون جاذباً للحركات والأفراد التي تنتمي إلى ذلك الفكر الذي أعتقد أن فيه حلولاً لمشكلاتٍ عديدة في مصر والمنطقة.
هناك سؤال حول لماذا يعود اليمين المحافظ واليمين الرأسمالي إلى الحكم في العالم، بشكل عام وفي أوروبا خصوصاً، ولماذا عاد اليسار الديمقراطي والتيار الديمقراطي الاجتماعي الواسع إلى التراجع، بخلاف التوقعات وموجات التفاؤل، التي انتشرت في العالم كله في السنوات الماضية؟ هناك عدة آراء لدى المحللين والكتاب، فيرى بعضهم أن عودة صعود اليمين هي وضع مؤقت، بسبب الظروف والمستجدات والأزمات السياسية والاقتصادية في العالم، وهناك من يرى أنها دائرة مستمرة ومتتالية، صعود للتيار الديمقراطي الاجتماعي واليسار الديمقراطي بعد فشل اليمين، ثم عودة إلى اليمين بعد فشل اليسار وهكذا.
وهناك من رصد تحول الحكومات المحسوبة على التيار الديمقراطي الاجتماعي، أو يسار الوسط أو التيار الاشتراكي الديمقراطي، إلى تطبيق سياساتٍ أقرب إلى سياسات الأحزاب اليمينية والليبرالية التي كانوا ينتقدونها، عندما كانوا في المعارضة، وطبقوها عندما وصلوا إلى السلطة، مما أدى إلى ضعف شعبية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية وعودة الشعبية إلى اليمين الليبرالي بديلاً.
ولدينا هنا أمثلة قريبة، مثل توني بلير الذي كان يمثل حزب العمال البريطاني، لكنه طبق سياسات يمينية، عندما تولى السلطة، وكذلك فرانسوا هولاند الرئيس الحالي لفرنسا الذي تخلى عن كل وعوده الاشتراكية، واستخدم السياسات الأقرب لليمين الرأسمالي، فيما اعتبره بعضهم انقلابا على التيار الاشتراكي الفرنسي الذي يمثله، مما أدى إلى انقسامات كبيرة بين مؤيديه، وكذلك صعود أسهم نيكولا ساركوزي، الذي يمثل اليمين المحافظ، وأسهم ماري لوبان، التي تمثل اليمين المتطرف.
وهناك الأسباب الأبرز التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والتي تصب في مصلحة أحزاب
ما سبق كان عن التيار الديمقراطي بشكل عام. لكن، ماذا عن تأثير تلك التيارات على مصر؟ وهل يوجد في مصر والمنطقة تيار ديمقراطي اجتماعي أو يسار وسط؟ لديّ رأي سيختلف معي فيه بعضهم، وهو أنه ليس لدينا في مصر تيار ديمقراطي اجتماعي أو يسار وسط أو يسار ديمقراطي، وأن اليسار لدينا لا يزال يعيش في خطاب الاتحاد السوفييتي وتجاربه، مع تجاهل تام لكل الأحداث والتطورات التي طرأت على العالم كله بشكل عام، وعلى فكر اليسار خصوصاً.
ربما يكون لدينا أفراد لديهم قناعات وأفكار قريبة، أو تنتمي إلى التيار الديمقراطي الاجتماعي. ولكن، لا تيار منظماً ولا حزب يعبر عن هذا التيار. ففي مصر، لا يزال التصنيف السياسي يتم على تصنيفات القرن الماضي والستينيات والسبعينيات، فإن كان ذلك اهتماماً سياسياً أو بعض الاهتمام العام، فمن الطبيعي أن تجد من يحاول تصنيفك ليسألك: هل أنت ليبرالي أم اشتراكي أم إسلامي أم قومي؟ وهناك من لا يعرف، أو لا يعترف بالتغيرات والتحولات والمشتقات العديدة التي طرأت على هذه الاتجاهات الأربعة الرئيسية، وستجد من لا يعترف بأفكار قديمة في الغرب مستحدثة عندنا، مثل اليسار الديمقراطي أو يسار الوسط أو ديمقراطي اجتماعي أو اشتراكي ديمقراطي أو ليبرالي اجتماعي، وإن كانت معظم هذه المسميات تعبر عن التطورات التي حدثت وتحدث للاشتراكية والليبرالية مع الوقت. حتى كلمة اشتراكي تختلف في أوروبا عنها في أميركا الجنوبية، كما تختلف داخل أوروبا من دولة إلى دولة، وكذلك كلمة ليبرالي، وعندنا أيضا يتم تصنيف التيار القومي يساراً، مع أن القومية تصنف في العالم كله يميناً.
وفي رأيي أنه لا توجد في مصر أحزاب ليبرالية. ولكن، ربما يوجد أفراد ليبراليون في بعض الأحزاب المحافظة ذات التوجه اليميني الرأسمالي، وبعض القيم العلمانية. لكن توصيفها أحزاباً ليبرالية غير دقيق، فكيف يتّسق أن يكون هناك حزب يزعم أنه ليبرالي، وفي الوقت نفسه، يتخذ مواقف تساند انتهاكات حقوق الإنسان، أو تقف موقفا عدوانياً من الديمقراطية؟ وكيف يمكن أن يكون هناك حزب يزعم أنه ليبرالي، وفي الوقت نفسه، يهاجم قيم الليبرالية، مثل التسامح والتعايش واحترام الآخر واحترام الاختلاف؟
وعن التيار الديمقراطي الاجتماعي، مرة أخرى، لا يوجد حزب في مصر يعبر عن هذا الفكر، فقد يكون في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مثلاً، مؤسسون ذوو أفكار ديمقراطية اجتماعية، لكن الحزب بشكل عام يغلب عليه الطابع اليميني المحافظ، مثل باقي الأحزاب التي تطلق على نفسها مدنية أو ليبرالية في مصر، وربما يكون الطابع الثوري والظرف الثوري، الذي كان وقت تأسيس الحزب، وجمعه كوادر شابة كثيرة للجمعية الوطنية للتغيير هو الذي دعم مواقف ثورية كثيرة للحزب، بعد ثورة 25 يناير، لكن الأزمات داخل الحزب وتضارب المواقف بعد 30 يونيو 2013 تدل على أن هناك تياراً قويّاً داخل الحزب أقرب إلى اليمين المحافظ، وليس الفكر الديمقراطي الاجتماعي، مما يفسر هجوم بعض كوادر الحزب على الديمقراطية وحقوق الإنسان، قبل الاستقالة والانضمام لأحزاب وتحالفات السلطة، وهو كذلك ما يفسر الخطاب المتذبذب والتخويني والإقصائي الذي استخدمه رئيس الحزب السابق، وله كل الاحترام.
ولا تنفصل الأزمة الحالية في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن أزماتٍ وآفات عديدة موجودة في مصر والحياة السياسية منذ زمن بعيد، ولا أستثني أحداً، ولا أستثني نفسي من هذه الآفات، أو التربية السياسية الخاطئة. فنحن في مصر، والوطن العربي عموماً، لم نتعلم ثقافة العمل الجماعي والعمل المنظم وتوزيع الأدوار، كما أن الجميع يعاني من غياب ثقافة الحوار واحترام الاختلاف بشكل سلمي أو متحضر أو هادئ، فالصراع موجود منذ بدء الخليقة، واختلاف الآراء أو تضارب المصالح أو تعارض الرؤى أمر طبيعي، لكن الخطأ أنه يتم تحويل الصراع البارد إلى ساخن، والخلاف إلى صراع صفري ومعركة بقاء، وهذه هي الآفة في مصر والمنطقة العربية. وهذا سبب كل المشكلات التي نعاني منها، ولن ينصلح حالنا، اجتماعياً أو سياسياً، إلا عندما ندرك كيف ندير خلافاتنا بشكل متحضر، بعيدا عن الصوت العالي، وبعيدا عن التخوين والإقصاء والكراهية.
ولذلك، أتمنى أن يتم تدارك المشكلة داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وأن يصبح الحزب فعلاً معبراً عن التيار الديمقراطي الاجتماعي الواسع، وأن يكون جاذباً للحركات والأفراد التي تنتمي إلى ذلك الفكر الذي أعتقد أن فيه حلولاً لمشكلاتٍ عديدة في مصر والمنطقة.