كسرت حدّة التنافس في الانتخابات العراقيّة الصورة النمطية لمصطلح "الجيوش الإلكترونية" الذي برز بعد مدة من انتشار منصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي. فعملية إنشاء عشرات أو مئات الحسابات الوهمية على تلك المنصات ومهاجمة شخصيات معينة وكيل المديح لأخرى لم تعد سوى مسألة بدائية بالنسبة للصراع الانتخابي في العراق وعملية التسقيط السياسية بين الكتل والأطراف.
إذ يكشف مسؤولون عراقيون في بغداد جانباً من ذلك حيث تشير التسريبات الى ارتفاع معدل الإنفاق السياسي من قبل الأحزاب على الترويج والدعاية أو مهاجمة الخصوم في العالم الافتراضي إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة بالعراق.
وتحدّث عضو في مجلس أمناء مفوضية الانتخابات لـ "العربي الجديد"، عن جانب من الحرب الإلكترونية التي لا يمكن إدانة أي مسؤول فيها لسبب بسيط، وهو أن لا شيء رسمياً مرتبطاً به من تلك الجيوش.
وأضاف "بلغ الإنفاق على الحسابات الإلكترونية وشركات المونتاج وشراء ذمم صحافيين ومقدمي برامج حوارية وكتاب على مواقع التواصل، أكثر من ربع مليون دولار شهرياً وبعضهم تجاوز هذا الحد بكثير"، مبيناً أن "الأحزاب الإسلامية أكثر المتورطين في تلك الحرب، والتسقيط يكون بينهم أكثر من مرشحي التيار المدني".
اقــرأ أيضاً
وتابع "هناك استعانة بشركات فيديو وبرمجة عالمية لصناعة صور أو أفلام فيديو ضد شخصيات مختلفة ومحاولة استئجار ساعة أو اثنتين من قنوات محلية، وهناك قنوات عربية سقطت بالفخ من دون أن تعلم. إذ تم شراء مراسليها ببغداد وقاموا بالترويج لمن اشتراهم من خلال قنواتهم" على حد قوله، معتبرًا أنّ الصراع الانتخابي هذه الدورة بلغ أشده منذ الاحتلال الأميركي للعراق حتى الآن.
"ومن أبرز الناشطين في الحرب الإلكترونية، نوري المالكي وحيدر العبادي وقيس الخزعلي وحنان الفتلاوي ومحمد الكربولي ومحمد الحلبوسي وهادي العامري، من خلال حملات تشويه وتسقيط للآخر أو عبر الترويج لصالحهم"، وفقاً للمسؤول ذاته.
من مكتب صغير في شارع الصناعة المقابل للجامعة التكنولوجية ببغداد يتحدث (س. ر.) البالغ من العمر 29 عاماً عن عمله، ويقول "أعمل حالياً لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي من خلال مجموعة حسابات على فيسبوك كونه الأكثر رواجًا بالعراق من المنصات الأخرى، كما أتولى التواصل مع صحافيين وناشطين لديهم متابعون، ليتم نشر تعليقات مؤيدة للمالكي مقابل مبالغ مالية".
ويضيف "كنت أعمل من داخل المنزل مع زميلين اثنين آخرين، لكن بسبب تردد موظفين بحملة المالكي، اتّخذت هذا المكتب مقراً". ويستخدم المكتب عنوان تصليح الحواسيب وكاميرات المراقبة كغطاء له في الشارع المكتظ بمثل هذه المحلات.
ومن عمل المكتب أيضاً استخراج مقاطع فيديو قديمة تعود لسنوات طويلة من خلال "يوتيوب" أو "فيسبوك" و"تويتر" للخصوم تحوي على مواقف سابقة لهم أو تصريحات صار يخالف بها نفسه اليوم.
ولفت (س. ر.) إلى أنّ مكتبهم واحد من بين 30 مكتباً آخر موجودة في بغداد اليوم، وتعمل على الموضوع نفسه، مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 80 و250 ألف دولار لقاء عقد شفهي يتم بين الطرفين، وينص على خدمات معينة يلتزم بها صاحب المكتب كون الاحتيال أو التملص يعني أنه يعرِّض نفسه لخطر الاعتقال أو حتى القتل كون نفس تلك الأحزاب هي من تمسك بالسلطة اليوم في البلاد.
بدوره، قال الناشط والمراقب على العملية الانتخابية أحمد حميد لـ "العربي الجديد" إنّ الحرب تحوّلت إلى "تكسير عظام" وتجاوزت الخطوط، وتناولت الأعراض، خصوصاً للمرشحات، وهذا كلّه من إعداد وصناعة مكاتب وشركات إلكترونية افتتحت مؤخرًا للربح بهذا الشكل.
وبيّن أنّ المال السياسي يلعب دورًا في إبراز شخصيات والتقليل من شأن أخرى، لا سيما أنّ التركيز يتم على سكان القرى والأرياف والمجتمعات المغلقة أو الدينية من مكوّن معين.
إلى ذلك، قال النائب كاظم الشمري في حديث خاص مع "العربي الجديد" إنّ التسقيط السياسي هو أسلوب اعتدنا عليه بكل انتخابات، وهي وسيلة تعودت عليها الجهات التي لا تمتلك رصيداً من الإنجازات أو أنها عجزت عن تقديم شيء لجماهيرها ما يجعلها تعزف على الأوتار المستهلكة، وتبحث عن أساليب رخيصة لاستمالة الجماهير، ومن بينها التسقيط السياسي ونشر الأكاذيب والوعود الكاذبة. واعتبر أنّ ثقافة تمزيق صور المرشحين والطعن بالمرشحات كوسيلة ضمن السباق الانتخابي خلال الحملات الدعاية الأخيرة بأنها ثقافة دخيلة وخطيرة جداً على المجتمع العراقي.
اقــرأ أيضاً
ودعا الشمري مفوضية الانتخابات للتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات، "لإيجاد آليات لمتابعة الجيوش الإلكترونية التي تعمل على استهداف "الشرف العراقي" حتى لو استلزم الأمر الاستعانة بخبرات أجنبية بمجال مكافحة القرصنة وجرائم المعلومات وإيقاع أقصى العقوبات بأي جهة يثبت تورطها بتلك الأساليب الرخيصة"، على حد قوله.
وقال رئيس تحالف "سائرون"، حسن العاقولي، بعد انطلاق الدعاية الانتخابية للاستحقاق التشريعي، إنّ "هناك هجمة غير مسبوقة استهدفت تمزيق صور المرشحين والعبث التخريبي بكل وسائل الدعاية الانتخابية. ونرى في السلوك المنحرف إخلالاً بقواعد التنافس الانتخابي الطبيعي ورفضاً لجمهور الانتخابات كخطوة لا بد منها لضمان التداول السلمي للسلطة عبر نتائج صناديق الاقتراع".
ومن جهته، طالب عضو مجلس المفوضين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات حازم الرديني وزارة الداخلية بالتحقيق في الشوارع والأزقة مع الأشخاص الذين يقومون بتمزيق صور المرشحين للانتخابات القادمة وملاحقة الخروقات. وقال "أي شخص يعمل على تشويه وتخريب الدعاية الانتخابية للمرشحين في الشوارع أو الأزقة العامة يجب أن يُساءل ويعتقل وتتم محاسبته حسب قانون العقوبات".
إذ يكشف مسؤولون عراقيون في بغداد جانباً من ذلك حيث تشير التسريبات الى ارتفاع معدل الإنفاق السياسي من قبل الأحزاب على الترويج والدعاية أو مهاجمة الخصوم في العالم الافتراضي إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة بالعراق.
وتحدّث عضو في مجلس أمناء مفوضية الانتخابات لـ "العربي الجديد"، عن جانب من الحرب الإلكترونية التي لا يمكن إدانة أي مسؤول فيها لسبب بسيط، وهو أن لا شيء رسمياً مرتبطاً به من تلك الجيوش.
وأضاف "بلغ الإنفاق على الحسابات الإلكترونية وشركات المونتاج وشراء ذمم صحافيين ومقدمي برامج حوارية وكتاب على مواقع التواصل، أكثر من ربع مليون دولار شهرياً وبعضهم تجاوز هذا الحد بكثير"، مبيناً أن "الأحزاب الإسلامية أكثر المتورطين في تلك الحرب، والتسقيط يكون بينهم أكثر من مرشحي التيار المدني".
وتابع "هناك استعانة بشركات فيديو وبرمجة عالمية لصناعة صور أو أفلام فيديو ضد شخصيات مختلفة ومحاولة استئجار ساعة أو اثنتين من قنوات محلية، وهناك قنوات عربية سقطت بالفخ من دون أن تعلم. إذ تم شراء مراسليها ببغداد وقاموا بالترويج لمن اشتراهم من خلال قنواتهم" على حد قوله، معتبرًا أنّ الصراع الانتخابي هذه الدورة بلغ أشده منذ الاحتلال الأميركي للعراق حتى الآن.
"ومن أبرز الناشطين في الحرب الإلكترونية، نوري المالكي وحيدر العبادي وقيس الخزعلي وحنان الفتلاوي ومحمد الكربولي ومحمد الحلبوسي وهادي العامري، من خلال حملات تشويه وتسقيط للآخر أو عبر الترويج لصالحهم"، وفقاً للمسؤول ذاته.
من مكتب صغير في شارع الصناعة المقابل للجامعة التكنولوجية ببغداد يتحدث (س. ر.) البالغ من العمر 29 عاماً عن عمله، ويقول "أعمل حالياً لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي من خلال مجموعة حسابات على فيسبوك كونه الأكثر رواجًا بالعراق من المنصات الأخرى، كما أتولى التواصل مع صحافيين وناشطين لديهم متابعون، ليتم نشر تعليقات مؤيدة للمالكي مقابل مبالغ مالية".
ويضيف "كنت أعمل من داخل المنزل مع زميلين اثنين آخرين، لكن بسبب تردد موظفين بحملة المالكي، اتّخذت هذا المكتب مقراً". ويستخدم المكتب عنوان تصليح الحواسيب وكاميرات المراقبة كغطاء له في الشارع المكتظ بمثل هذه المحلات.
ومن عمل المكتب أيضاً استخراج مقاطع فيديو قديمة تعود لسنوات طويلة من خلال "يوتيوب" أو "فيسبوك" و"تويتر" للخصوم تحوي على مواقف سابقة لهم أو تصريحات صار يخالف بها نفسه اليوم.
ولفت (س. ر.) إلى أنّ مكتبهم واحد من بين 30 مكتباً آخر موجودة في بغداد اليوم، وتعمل على الموضوع نفسه، مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 80 و250 ألف دولار لقاء عقد شفهي يتم بين الطرفين، وينص على خدمات معينة يلتزم بها صاحب المكتب كون الاحتيال أو التملص يعني أنه يعرِّض نفسه لخطر الاعتقال أو حتى القتل كون نفس تلك الأحزاب هي من تمسك بالسلطة اليوم في البلاد.
بدوره، قال الناشط والمراقب على العملية الانتخابية أحمد حميد لـ "العربي الجديد" إنّ الحرب تحوّلت إلى "تكسير عظام" وتجاوزت الخطوط، وتناولت الأعراض، خصوصاً للمرشحات، وهذا كلّه من إعداد وصناعة مكاتب وشركات إلكترونية افتتحت مؤخرًا للربح بهذا الشكل.
وبيّن أنّ المال السياسي يلعب دورًا في إبراز شخصيات والتقليل من شأن أخرى، لا سيما أنّ التركيز يتم على سكان القرى والأرياف والمجتمعات المغلقة أو الدينية من مكوّن معين.
إلى ذلك، قال النائب كاظم الشمري في حديث خاص مع "العربي الجديد" إنّ التسقيط السياسي هو أسلوب اعتدنا عليه بكل انتخابات، وهي وسيلة تعودت عليها الجهات التي لا تمتلك رصيداً من الإنجازات أو أنها عجزت عن تقديم شيء لجماهيرها ما يجعلها تعزف على الأوتار المستهلكة، وتبحث عن أساليب رخيصة لاستمالة الجماهير، ومن بينها التسقيط السياسي ونشر الأكاذيب والوعود الكاذبة. واعتبر أنّ ثقافة تمزيق صور المرشحين والطعن بالمرشحات كوسيلة ضمن السباق الانتخابي خلال الحملات الدعاية الأخيرة بأنها ثقافة دخيلة وخطيرة جداً على المجتمع العراقي.
ودعا الشمري مفوضية الانتخابات للتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات، "لإيجاد آليات لمتابعة الجيوش الإلكترونية التي تعمل على استهداف "الشرف العراقي" حتى لو استلزم الأمر الاستعانة بخبرات أجنبية بمجال مكافحة القرصنة وجرائم المعلومات وإيقاع أقصى العقوبات بأي جهة يثبت تورطها بتلك الأساليب الرخيصة"، على حد قوله.
وقال رئيس تحالف "سائرون"، حسن العاقولي، بعد انطلاق الدعاية الانتخابية للاستحقاق التشريعي، إنّ "هناك هجمة غير مسبوقة استهدفت تمزيق صور المرشحين والعبث التخريبي بكل وسائل الدعاية الانتخابية. ونرى في السلوك المنحرف إخلالاً بقواعد التنافس الانتخابي الطبيعي ورفضاً لجمهور الانتخابات كخطوة لا بد منها لضمان التداول السلمي للسلطة عبر نتائج صناديق الاقتراع".
ومن جهته، طالب عضو مجلس المفوضين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات حازم الرديني وزارة الداخلية بالتحقيق في الشوارع والأزقة مع الأشخاص الذين يقومون بتمزيق صور المرشحين للانتخابات القادمة وملاحقة الخروقات. وقال "أي شخص يعمل على تشويه وتخريب الدعاية الانتخابية للمرشحين في الشوارع أو الأزقة العامة يجب أن يُساءل ويعتقل وتتم محاسبته حسب قانون العقوبات".