في نوفمبر/تشرين الثاني، يستعيد الجزائريون ذكرى عيد الثورة، ويكتسي الفاتح من هذا الشهر قدسية كبيرة بالنسبة لهم. وعلى الرغم من مرور 63 عاماً، لم تفقد هذه الذكرى رمزيتها، حتى عند الجيل الجديد الذي تشرّب تاريخ الثورة وخبر كفاح المناضلين، من الكتب والأفلام.
ويعتبر الكثيرون، هذه المحطة مناسبة تاريخية للاحتفال واستعادة تضحيات الشهداء في سبيل الوطن، فيما يراها البعض عنوانا للتحدي والتذكير بالأمانة.
في حي بلكور الشعبي، الذي يحمل اسم "الشهيد محمد بلوزداد"، تزيّنت الشوارع بالعلم الوطني بالأحمر والأبيض والأخضر، وعلت أصوات الموسيقى والأغاني الثورية، لتذكير الجزائريين ببطولات الثوار والمجاهدين في معركة الكفاح والاستقلال.
ويقول فريد بلوانس، وهو شاب في العقد الثالث من عمره لـ "العربي الجديد": "في ذكرى الثورة نستعيد تضحية رجال شرفاء وشجعان من أجل الوطن، آمنوا بقضيتهم رغم الظروف وقوة المستعمر، ونحن كجيل جديد يمكن أن نستلهم من الثورة أن الإيمان بقضية ما يجعلها تتحقق رغم كل شيء، ولو آمنا بقضيتنا في مواصلة تحرير الجزائر وبنائها لتمكنا من ذلك شرط أن تكون النية صادقة في التغلب على الواقع".
أما الشاب بلحاج قادة، فلا يخفي ألمه واستياءه لفقدانه كغيره من شباب الجزائر النفس الثوري بعد الاستقلال، من أجل بناء وطن ودولة جامعة تحقق أهداف وغايات الثورة وأمنية الشهداء، ويقول لـ"العربي الجديد": "الثورة كانت عظيمة ضد إحدى أقوى الدول في ذلك الوقت ومن بين أكبر المستعمرين في التاريخ العالمي، وفي تلك الظروف البائسة للشعب والقومية الجزائرية ناضلوا وكافحوا بالمال والسلاح".
ويضيف "تكتسي صورة القادة الستة بعد أن قرروا القيام بالثورة دلالة عميقة، فيها تُظهر جوارب الشهيد القائد العربي بن مهيدي، مدى تواضع أحوالهم الاقتصادية، لكن بريق الأمل في أعينهم والعزيمة التي تسلحوا بها كانت طريق النجاة من العبودية"، ويتابع "حالنا اليوم بعد هذه العقود من الاستقلال، تقول للشهداء عودوا، لم نحسن صيانة أمانتكم وتحقيق ما طمحتم إليه في نضالكم الشريف".
بدوره، يشير الشاب حمزة بن زيان، إلى أنّ الشباب الجزائري ما زال برغم واقعه الصعب والمشكلات التي يعيشها يؤمن بتاريخ ثورته، ويقول "63 سنة بعد الثورة، ما زلنا نبحث عن أنفسنا، ورغم غياب مبدأ تكافؤ الفرص بالنسبة لنا، لكن ذلك لا ينسينا أسماء وصور ونضالات الشهداء".
أما نسيمة شنقية، المغتربة التي تعيش بين فرنسا ورومانيا، فإنها لم تنس هذا التاريخ وتقول "قد تحدث الغربة عن الوطن نوعا من اللاشعور بالانتماء، لكنني لم أنس هذه المناسبة، بل إنني أتساءل لو لم تحدث هذه الثورة كيف كان سينظر الجزائري لنفسه اليوم، لكن بفضل تضحية الشهداء يمكننا رفع رؤوسنا".
وتضيف "غادرت الجزائر في سن المراهقة، لكنني أتذكر جيدا كيف كنا نحيي العلم في أول الأسبوع ونهايته داخل مؤسستي التعليمية، وكم كنت مستاءة يوم أخبرني المعلم أنه لم يتم اختياري لرفع العلم أو تنزيله، فاشتكيت لأبي الذي تحدث مع مدير المدرسة فكان لي الشرف في تنزيل العلم".
شباب الجزائر ما زالوا يشعرون، أن ذلك الرصيد الثوري ما زال كافيا لأن يكون شرفا بالنسبة لهم، لكنهم يدركون جيدا أنه يتعين عليهم العمل أكثر لتصحيح الأوضاع وتحقيق بعض من أمنيات شهداء الثورة.