جنيف... طيف الديكتاتور السوري في مدينة روسو

24 فبراير 2017
السويسريون لا يعرفون أشياء كثيرة عن محادثات سورية(العربي الجديد)
+ الخط -

بينما تشرق الشمس في مدينة جنيف السويسرية وسط أجواء ربيعية، تبدو الأجواء فيما يخص المفاوضات السورية ملبدة للغاية، وسط خلافات شديدة بين الوفد المعارض والمبعوث الأممي أو "السمسار الروسي"، كما سماه أحد المعارضين السوريين ساخراً.

وتنفست المدينة الفرانكوفونية مع الصباح، هدوء البحيرة الجميلة التي تفصلها عن فرنسا، بينما انطلق سكانها مختلفي الأعراق والأديان إلى أعمالهم كأي يوم اعتيادي، لتستمع إلى أحاديثهم المتواصلة في محطة القطار الرئيسية في المدينة.

على خلاف المدن السويسرية الناطقة بالألمانية، تبدو جنيف مدينة حية للغاية بكل تفاصيلها. وبينما يظهر الطابع الفرانكوفوني جليا على الأبنية في وسط المدينة، تعود الرتابة السويسرية الدقيقة لتظهر في تفاصيل الأبنية الحديثة عند الأطراف.

 تسمع في جنيف جميع لغات العالم: من شرق آسيا، وإنكليزية بلهجة بريطانية قاسية، وألمانية سويسرية مثقلة، وفرنسية جنيفية، وأخرى أفريقية، والكثير من اللهجات العربية، مغربية وتونسية، والقليل من المصرية، وفي حين تنتشر اللهجة اللبنانية الجنوبية في كل مكان بدأت اللهجات السورية تشق طريقها في الآونة الأخيرة.

لا تعرف مدينة الإصلاحي الكبير والفيلسوف جان جاك روسو، الكثير عما يفعله الديكتاتور السوري، إذ يؤكد رينيه، الذي يعمل في أحد مكاتب خطوط السكك الحديدية، أن هناك أشياء أخرى تؤرقه أكثر مما يحصل في سورية، ويقول لـ"العربي الجديد" "كل ما أعرفه عن سورية والعراق هو مجانين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).. من أذِن لهؤلاء للخروج من كتب التاريخ". 

وعن المحادثات السورية التي تجري في جنيف، يقول "هناك الكثير من الاجتماعات التي تحصل هنا.. قرأت في الصحف صباحا أن اجتماعات تحصل في المدينة لوقف الحرب الأهلية السورية. لا أعرف الكثير من التفاصيل، لكن يبدو أن من شأن نجاح هذه المحادثات إيقاف زحف اللاجئين"، مستدركاً "ولكن ما علاقة هذا بـ"داعش"؟

محمد، مواطن سويسري من أصول تعود إلى النبطية في لبنان، قدم وأسرته إلى جنيف في الثمانينيات إبان الحرب الأهلية اللبنانية، يضع قلادة عليها علم "حزب الله"، ويقول "لماذا يريد العالم أن يجعل للإرهابيين دورا في حكم سورية. لقد كان السوريون سعداء في عهد بشار الأسد، التعليم والخدمات الصحية المجانية. أنظر إلى حال لبنان". ليقاطعه أحد الفلسطينيين السوريين، بالقول "مادمت ترى سورية الأسد جنة، لمَ ما زلت تعيش هنا، ولمَ غادرت عائلتك إلى سويسرا بدل سورية، ولمََ لا يقوم أحباؤك بالتركيز على إصلاح لبنان بدل القتال في سورية".

أما الشرطي جان، الذي كان يتجول في المحطة الرئيسية برفقة 3 آخرين، فلم يكن يعلم هو الآخر أي شيء عما يحصل في سورية أو المحادثات في جنيف، رغم اهتمامه كأي مواطن سويسري عادي بأزمة اللاجئين وصعود اليمين الذي يرعبه. ويقول "أنا شرطي يعود إلى منزله في السادسة مساء. لدي الكثير لأعلمه عما يحصل في سويسرا، ولا أهتم كثيرا بما يجري خارج أوروبا. لدينا هنا الكثير من الاستفتاءات التي لا تنتهي، لا أستطيع أن أقول إن الأجانب يخيفونني، اقتصاد مدينتنا قائم على وجودهم".

في فندق كراون بلازا المتواضع مقارنة بالفندق الذي نزل فيه الوفد في جنيف 3، بعيدا عن البحيرة الشهيرة وبقرب المطار، ينزل وفد المعارضة السورية. الصحفيون يملأون صالة الاستقبال، وكذلك الدبلوماسيون والمبعوثون من مختلف العواصم، والذين يعقدون اجتماعات لا تنتهي.




خلال الأحاديث الجانبية، لا يتوقف أحد المعارضين السوريين عن التعبير عن غضبه بالسخرية من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، مطلقا عليه وصف "السمسار الروسي"، بالقول "في كل مرة يصنع دي ميستورا لنا مشاكل دون جدوى، وبالطريقة المبتذلة نفسها: يضع نظارتيه الارستقراطيتين الأوروبيتين ليتحدث بعقل روسي".

ويضيف ضاحكاً "بالمناسبة، ليس على أحد أن يستهين بالإشارات التي ترسلها نظارات دي ميستورا، إنه يحاول أن يعبر عن أوروبا المتعالية بكل تحركاته، لكنه يسقط دوما بكل ثقله في الفخ الروسي"، مستدركاً "بطبيعة الحال علينا ألا ننسى أن دي ميستورا ليس عدونا، بل النظام. "السمسار الروسي" يريد أن يقول للعالم إنه يعمل بجدية كي يحافظ على منصبه، رغم أن الجميع يعرف أن هذه المفاوضات لن تؤدي إلى شيء طالما أن الأميركيين غائبون".