جنيف السوري: دي ميستورا يطمح للقاء من أجل الصورة

11 ديسمبر 2017
CDB82956-E3C8-4939-9B12-8AE4DDF981E6
+ الخط -

تبدأ اليوم (الإثنين) المرحلة الثانية من الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بين المعارضة السورية والنظام، بعد أن رضخ الأخير لضغوط روسية، فأعاد وفده مرة أخرى إلى المدينة السويسرية، وسط انخفاض سقف الآمال بتحقيق أي اختراق في هذه الجولة من شأنه أن يعيد الاعتبار لهذه المفاوضات التي تبدو بمثابة مضيعة للوقت مع استمرار تمترس النظام خلف مواقف تقفز فوق قرارات الشرعية الدولية.

وتدرك المعارضة السورية أن النظام لن يعطي على طاولة التفاوض ما يدفع باتجاه إنجاز حلّ سياسي، متمسكاً بموقف يدعو المعارضة إلى تغيير خطابها ونهجها السياسي، وهو ما تعتبره الأخيرة استسلاماً لم يستطع النظام الوصول إليه في ميادين القتال طيلة سنوات. ومن المتوقّع أن يواصل وفد النظام نهجه في خلق الذرائع من أجل إفراغ مسار جنيف من مضامينه، إذ تصف المعارضة هذا النهج بـ"الخبيث"، مشيرةً إلى أن النظام قادر على فبركة الحجج والذرائع. وكان وفد النظام قد غادر جنيف، يوم السبت الماضي، معترضاً على بيان الرياض 2 الذي أصدرته المعارضة أخيراً وشدّد على "عدم القبول ببقاء الأسد وزمرته في المرحلة الانتقالية". واعتبر النظام هذا البيان بمثابة "عودة إلى المربع الأول"، مطالباً المعارضة بـ"قراءة ما يجري في البلاد بشكل واقعي".

وأشارت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، أمس الأحد، إلى أنّ رئيس وفد النظام بشار الجعفري "عبّر للمبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، وبشكل مباشر، عن امتعاض بلاده من تصرفاته الأخيرة، لا سيما موافقته على ما جاء في بيان مؤتمر الرياض 2، الذي يتضمّن شروطاً مسبقة، وعودة إلى المربع الأول من المفاوضات، الأمر الذي كان على المبعوث الأممي تجنبه أو رفضه في حال كان جاداً في تقدم المفاوضات إلى الأمام". وأشارت الصحيفة إلى أنّ المبعوث الأممي طرح خلال الجزء الأول من الجولة الثامنة ورقة مبادئ جديدة من دون استشارة وفد النظام "الأمر الذي اعتبره الجعفري تجاوزاً من دي ميستورا لدوره كوسيط وميسّر، وبات يعتبر نفسه مفاوضاً نيابة عن السوريين"، وفق الصحيفة.  وفي إشارة إلى نيّة وفد النظام تمييع التفاوض، وتعطيله، قالت "الوطن" إنه من غير المتوقع أن تشهد المرحلة الثانية من جولة جنيف الثامنة "اختراقات أو تقدماً، ما دام وفد الرياض متمسكاً بشروطه المسبقة ويدعمه بذلك دي ميستورا".

من جانبها، تدرك المعارضة السورية أن النظام ليس بوارد الانخراط بتفاوض حقيقي يفضي إلى حل سياسي نهائي، وهي أبقت وفدها في جنيف للتأكيد على جديتها في حلّ القضية السورية وفق قرارات الشرعية الدولية. وفي هذا الصدد، أكد عضو وفد المعارضة، والمتحدث الرسمي باسمه، يحيى العريضي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "لا أمل بتفاوض جدي وحقيقي مع وفد النظام وما يمثله"، مشيراً إلى أنه "لا يتوقّع إعلان المبعوث الأممي أن النظام مسؤول عن تعطيل مسار جنيف، لأن ألاعيب النظام وقدرته الخبيثة على فبركة الحجج والذرائع كفيلة بإيهام العالم بأنه لا يعطل". وأشار العريضي إلى أنّ إقدام دي ميستورا على الإعلان عن الطرف المسؤول عن عدم تحقيق تقدم في مفاوضات جنيف "يعتمد على قدرتنا في دفع المبعوث الأممي لتسمية الأمور بمسمياتها"، موضحاً أن جلسة الإثنين التفاوضية ستكون متابعة ما تمّ في الأسبوع الفائت من نقاش حول الحكم، والدستور، والانتخابات".

ومن المقرر أن تستمرّ المرحلة الثانية من جولة جنيف الثامنة حتى يوم الجمعة المقبل، إذ من المفترض أن يحاول المبعوث الأممي دفع الوفدين إلى مفاوضات مباشرة، ولكن المعطيات المتوفرة لا تشير الى إمكانية نجاح دي ميستورا في مسعاه الذي بدأه في الجولة السابقة وفشل، لأن النظام لا يعترف بوجود معارضة له، بل يرى المعارضين مجرّد "عصابات إرهابية مسلحة" يريد القضاء عليها عسكرياً.

وأشارت مصادر مطلعة مواكبة للتفاوض في جنيف إلى أن دي ميستورا "يأمل في عقد جلسة واحدة بين الوفدين في محاولة منه لتأسيس نجاح يمكن أن يُبنى عليه في الجولة المقبلة"، موضحةً أنه من المقرر أن يحمل وفد النظام معه ردّ الأخير على "ورقة المبادئ" التي قدمها الموفد الأممي للوفدين في بداية الجولة الثامنة، وأبدى وفد النظام تحفظاً عليها، متخذاً منها ذريعة للانسحاب من المفاوضات، كي لا يواجه استحقاقاتها، وفي مقدمتها الانتقال السياسي الذي يرفضه.

ورجحت المصادر ذاتها في حديث مع "العربي الجديد" أن يجري دي ميستورا تقييماً للجولة الثامنة لتحديد مسؤولية كل طرف في عدم إحراز الجولة أيّ تقدم يذكر، مشيرةً إلى أن تمديد الجولة لتعويض الأيام التي تخلّف فيها النظام عنها "ليس وارداً"، مضيفةً أن "سقف الآمال بتحقيق اختراق حقيقي منخفض للغاية".

وتضمّنت الورقة التي سلّمها المبعوث الأممي إلى الوفدين في بداية الجولة الثامنة 12 سؤالاً تتعلّق بمستقبل سورية، لتمهيد الطريق أمام التفاوض بين النظام والمعارضة. وأكّد وفد المعارضة، في رده على أسئلة دي ميستورا، التزامه الكامل بسيادة الدولة السورية واستقلالها وسلامة حدودها ووحدتها "أرضاً وشعباً"، مشيراً إلى أنّ سورية يجب أن تكون "دولة ديمقراطية غير طائفية تقوم على المواطنة المتساوية، كما ينبغي أن تلتزم الدولة بالوحدة الوطنية واللامركزية الإدارية، مع التركيز على التنمية الشاملة، والمتوازنة. كذلك، قالت المعارضة في ردها أن على الجيش الالتزام بالحياد السياسي، وضرورة "إعادة هيكلة وتشكيل المؤسسات الأمنية بحيث تكون مهمتها الحصرية صيانة الأمن الوطني وأمن المواطن، وتخضع للقانون وفق معايير احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان وعدم تدخلها في حياة المواطنات والمواطنين اليومية، وحصر حق حيازة السلاح بأيدي مؤسسات الدولة المختصة".

وأكدت المعارضة أيضاً على ضرورة ضمان "الحقوق القومية للمكونات كافة من عرب وكرد وتركمان وسريان وآشوريين وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثّل خلاصة تاريخ سورية وحضارتها، واعتبار القضية الكردية جزءاً من القضية السورية"، مع تشديد على "إلغاء جميع السياسات التمييزية والاستثنائية التي مورست بحق الأكراد وغيرهم من السوريين وإعادة الجنسية للمجردين ومكتومي القيد من أبنائهم".

ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
المساهمون