أشخاصٌ قليلون تمكّنوا من دخول منزله لتعزية زوجته (مرسيدس) التي بدت هادئة لكن حزينة. منهم الرَّئيس المكسيكي السابق، كارلوس ساليناس دي غورتاري، وهو واحدٌ من السيّاسيّين المقرّبين لغابو.
ومع أنّ لغابو علاقات مع بعض السّياسيّين لكنه لم يكن يُجامل إذا ما خالفت تصرّفاتهم قناعاته. نقل الرّوائي النيكاراغوي، سيرخيو راميرس، عن غابو قوله إنّه قطع علاقته بنيكارغوا التي زارها احتفالاً بالسّنة الأولى من الثّورة السّاندينيَّة (عام 1980). وكانت تلك المرّة الأولى التي يزور فيها هذا البلد الذي ذكره في روايته "مائة عام من العزلة"، وكتب عنه تقريراً أسماه "الهجوم على القصر" (عام 1978). صرّح ماركيز إنه شعر أنه خُدع، وأنهم باعوه "ثورة"، لكنّ الواقع شيء آخر.
لربُّما تكون مراسم دفن الكاتب هي استكمال لطبيعته الانطوائيَّة في حياته. حيث تروي عنه ماريا بيلار (زوجة الكاتب التشيلي خوسيه دونوسو) فتقول: "إن شخصية غابو كانت مزيجاً من الخجل والكبرياء، اللطف والفظاظة، المودّة والصّد". كما أنّه كان بعيداً عن الاهتمام بالماديّات: "إنّ ملايين النُّسخ التي بيعت من كتبه سمحت له بالعيش دون إعطاء ندوات ولا محاضرات جامعية. لدرجة أنه أودع أموال جائزة نوبل في بنك سويسري لمدة ستة عشر عاماً، إذ كان قد نسي أمر النُّقود".
وبالعودة إلى اللَّون الأصفر (لون ماركيز المُفضّل) تتذكر أخته مارغريتا الفراشات الصفراء التي كانت في حديقة جدّيْها من الأم في أراكاتاكا (مسقط رأس ماركيز)، وكيف كان اصطياد الفراشات الصّفراء لعبتَه المُفضّلة فيما الأطفال يلعبون الكرة.
كانت لديه قناعة تقول: "من لا يؤمن بإله، فليؤمن بالخرافات". ولذا كان لدى غابو الكثير من الزهور الصفراء في بيته، إذ اعتقد أنها تجلب الحظ. وكان يقول: "لو وُجدت الزُّهور الصفراء فلن يقع لك مكروه. وكي أكون مطمئنّاً فلا بد أن يكون عندي زهورٌ صفراء [من الأفضل أن تكون وروداً] أو أن أكون محاطاً بالنِّساء. لا أعرف كيف أكتب إن لم يكن هناك زهرة صفراء على المكتب".
ومع حبِّه للّون الأصفر؛ إلّا أنّه كان يكره الذهب. فبالنّسبة له "الذّهب يرتبط بالبراز"، ولهذا لم يكن يستخدمه. لا قلائد من ذهب، ولا خواتم، ولا أساور، ولا أشياء مصنوعة من الذَّهب في بيته.
ويبدو أنّ ولعه بالأصفر أثّر على علاقته بالأطعمة. فخلافاً لجميع من أحضر في جنازته من الأصدقاء الزهور الصّفراء؛ قرّر صديقه سانشيس أن يحضر معه موزاً برّيّا، وخبز الذّرّة المخبوز يدويّاً، والذي كان غابو يُفضّلهما على معظم الأطعمة.
أمّا اليوم الذي تلقّى فيه جائزة نوبل فقد صعد المنصّة بزيِّ الـ"ليكي ليكي"(اللباس الكولومبي التّقليدي)، وحينها فقط لاحظ الوردة الصّفراء التي كانت زوجته مرسيدس قد وضعتها في عروة سترته.