03 مارس 2022
جعجعة العرب طحنت القدس
قبل عام، عندما قرّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، افتتاح سفارة بلاده في القدس، كتبت في هذه الزاوية أن لا شيء يُضحك أكثر من عنتريات المسؤولين العرب والفلسطينيين، وهم يهدّدون ترامب بالويل والثبور إذا ما تجاوز "الخط الأحمر"، وقرّر نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس. اليوم وبعد عام منذ افتتاحها في القدس، ماذا جرى، وماذا تغير؟
عربياً، لم نر انسحاباً من عملية السلام كما توعد بعض الفلسطينيين والعرب، إن كانت هناك عملية أو سلام أصلاً، بل نشهد مزيدا من التطبيع المجاني وغير السري مع إسرائيل، وقد وصل هذا التطبيع إلى حد اشتراك قوات من دولة عربية في تدريبات عسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ناهيك بالتطبيع الرياضي والسياحي. أما التطبيع السياسي والاقتصادي والإعلامي فيشهد "ازدهاراً جديداً، ونهضة كبيرة"، كما قال رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، في احتفالية أُقيمت في القدس، لإحياء مناسبة مرور عام على نقل السفارة الأميركية. بعد عام من قرار ترامب وافتتاح ابنته، إيفانكا، السفارة في القدس، لم نر من جعجعة العرب طحيناً أو جريشاً، بل زحفاً على البطون نحو تل أبيب التي لا يخجل بعض العرب من وصفها حليفا وشريكا استراتيجيا.
أما فلسطينياً، فحدث ولا حرج. وليت بيت لقمان الفلسطيني ظل على حاله، بل زاد بؤساً على بؤس، وانقساما على انقسام. لم تبدع السياسة الفلسطينية إلا اجترار التهديد الخاوي بأوراق بالية. وكل ما تفتقت به عبقرية أولياء الأمر مسيرات "فوّضناك يا ريس" التي جابت شوارع رام الله على أنغام "يا أبو مازن بدنا ياك" و"ما نرضى بديلك". وأخيراً تألقت حذاقة اللجنة المركزية لحركة فتح في حفلة كتيّب "قدوتنا رئيسنا" المثير للجدل. وكأن مثل هذه المهرجانات كافية لمواجهة "صفاقة القرن"، كما يسميها المفكر العربي عزمي بشارة، أو حتى قادرة على كبح موجات التطبيع المجاني بين إسرائيل وعواصم عربية وازنة. بالتأكيد، ليس هذا التهريج الأجدى في مواجهة الاحتلال، أو حماية الكيانية الفلسطينية. وكان الأجدر بالقيادة الفلسطينية أن تغير مسارها وتجدّد خياراتها إلى ما هو خارج مربع "لا بديل من المفاوضات إلا المفاوضات"، ولم لا، مواجهة دوريات الاحتلال التي على مسافة صفر من منزل الرئيس أبو مازن ومكتبه.
وبمناسبة صدور كتاب "قدوتنا رئيسنا"، أكرّر ما كتبته في هذه الزاوية قبل أسابيع قليلة عن عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القائد خالد بن الوليد عن قيادة الجيش، وتولية أبي عبيدة عامر بن الجراح، وكان ذلك في وسط معركة اليرموك، مع أن خالداً لم يُهزم في أي معركة، وكان الروم يخشونه أكثر من غيره، وبرّر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سبب عزل خالد بقوله: "ما عزلته عن خيانة، ولكن خشيت أن يقال: إنه صانع النصر، أو خشية أن يفتن الناس به".
إسرائيليا، تغير الكثير، منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة إليها من تل أبيب، إذ كان الحدث بمثابة كرت "الجوكر" الذي ضمن لنتنياهو ومعسكر اليمين المتطرّف الفوز بانتخابات الكنيست أخيرا، ما يعني أن إسرائيل ماضية في سياساتها العنصرية الاستيطانية. وقد شجع القرار الأميركي أيضاً نتنياهو على ضم هضبة الجولان السورية، واعتبارها جزءاً من إسرائيل، ولا يُستبعد أن يمضي نتنياهو بعد أيام قليلة إلى ضم أجزاء كبرى من الضفة الغربية، سيما وأن إشاراتٍ مشجعة على ذلك صدرت عن طباخي "صفقة القرن".
عام مضى على الخطوات الأميركية، وواحد وسبعون عاماً مرت منذ النكبة الفلسطينية الأولى، وبانتظار الأصعب مما ستكشف عنه الأسابيع المقبلة، لا يزال ترامب يقابل الجعجعة العربية والفلسطينية بتجاهل تام، وكله يقين أن العرب، والقيادة الفلسطينية تحديداً، باتوا قرقعة طبل أجوف، سيوفهم من خشب، ورجالُهم من قصب.
عربياً، لم نر انسحاباً من عملية السلام كما توعد بعض الفلسطينيين والعرب، إن كانت هناك عملية أو سلام أصلاً، بل نشهد مزيدا من التطبيع المجاني وغير السري مع إسرائيل، وقد وصل هذا التطبيع إلى حد اشتراك قوات من دولة عربية في تدريبات عسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ناهيك بالتطبيع الرياضي والسياحي. أما التطبيع السياسي والاقتصادي والإعلامي فيشهد "ازدهاراً جديداً، ونهضة كبيرة"، كما قال رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، في احتفالية أُقيمت في القدس، لإحياء مناسبة مرور عام على نقل السفارة الأميركية. بعد عام من قرار ترامب وافتتاح ابنته، إيفانكا، السفارة في القدس، لم نر من جعجعة العرب طحيناً أو جريشاً، بل زحفاً على البطون نحو تل أبيب التي لا يخجل بعض العرب من وصفها حليفا وشريكا استراتيجيا.
أما فلسطينياً، فحدث ولا حرج. وليت بيت لقمان الفلسطيني ظل على حاله، بل زاد بؤساً على بؤس، وانقساما على انقسام. لم تبدع السياسة الفلسطينية إلا اجترار التهديد الخاوي بأوراق بالية. وكل ما تفتقت به عبقرية أولياء الأمر مسيرات "فوّضناك يا ريس" التي جابت شوارع رام الله على أنغام "يا أبو مازن بدنا ياك" و"ما نرضى بديلك". وأخيراً تألقت حذاقة اللجنة المركزية لحركة فتح في حفلة كتيّب "قدوتنا رئيسنا" المثير للجدل. وكأن مثل هذه المهرجانات كافية لمواجهة "صفاقة القرن"، كما يسميها المفكر العربي عزمي بشارة، أو حتى قادرة على كبح موجات التطبيع المجاني بين إسرائيل وعواصم عربية وازنة. بالتأكيد، ليس هذا التهريج الأجدى في مواجهة الاحتلال، أو حماية الكيانية الفلسطينية. وكان الأجدر بالقيادة الفلسطينية أن تغير مسارها وتجدّد خياراتها إلى ما هو خارج مربع "لا بديل من المفاوضات إلا المفاوضات"، ولم لا، مواجهة دوريات الاحتلال التي على مسافة صفر من منزل الرئيس أبو مازن ومكتبه.
وبمناسبة صدور كتاب "قدوتنا رئيسنا"، أكرّر ما كتبته في هذه الزاوية قبل أسابيع قليلة عن عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القائد خالد بن الوليد عن قيادة الجيش، وتولية أبي عبيدة عامر بن الجراح، وكان ذلك في وسط معركة اليرموك، مع أن خالداً لم يُهزم في أي معركة، وكان الروم يخشونه أكثر من غيره، وبرّر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سبب عزل خالد بقوله: "ما عزلته عن خيانة، ولكن خشيت أن يقال: إنه صانع النصر، أو خشية أن يفتن الناس به".
إسرائيليا، تغير الكثير، منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة إليها من تل أبيب، إذ كان الحدث بمثابة كرت "الجوكر" الذي ضمن لنتنياهو ومعسكر اليمين المتطرّف الفوز بانتخابات الكنيست أخيرا، ما يعني أن إسرائيل ماضية في سياساتها العنصرية الاستيطانية. وقد شجع القرار الأميركي أيضاً نتنياهو على ضم هضبة الجولان السورية، واعتبارها جزءاً من إسرائيل، ولا يُستبعد أن يمضي نتنياهو بعد أيام قليلة إلى ضم أجزاء كبرى من الضفة الغربية، سيما وأن إشاراتٍ مشجعة على ذلك صدرت عن طباخي "صفقة القرن".
عام مضى على الخطوات الأميركية، وواحد وسبعون عاماً مرت منذ النكبة الفلسطينية الأولى، وبانتظار الأصعب مما ستكشف عنه الأسابيع المقبلة، لا يزال ترامب يقابل الجعجعة العربية والفلسطينية بتجاهل تام، وكله يقين أن العرب، والقيادة الفلسطينية تحديداً، باتوا قرقعة طبل أجوف، سيوفهم من خشب، ورجالُهم من قصب.