وجد كثير من القراء والطلاب والباحثين في الجزائر ضالتهم من الكتب والمراجع لدى بائعي كتب قديمة شبان، يمتهنون هذه التجارة من أجل جني بعض الأرباح
في الجزائر، يمتهن عدد من الشبان شراء الكتب القديمة وبيعها، ويجدون في ذلك فرصة عمل جيدة لهم بعيداً عن البطالة والانتظار. محمد بن يطو، أحد هؤلاء. هو أب في الثلاثين من العمر، يحرص على إلصاق إعلانات في شوارع العاصمة الجزائرية يضع فيها رقمه ويطلب من كلّ من يملك كتباً قديمة، ويرغب في بيعها، الاتصال به.
الكتب القديمة يعاملها من يقتنيها على أنّها كنز عادة، لكن بعضهم قد يضطر إلى بيعها. يقول وليد بن عبد الرحمن، الذي يعمل في هذه المهنة منذ ثلاث سنوات، لـ"العربي الجديد" إنّه يرغب من خلالها في الدخول إلى "عالم تجارة الكتب من الباب الواسع، ولو بعد عشر سنوات كاملة".
الفشل في دق أبواب الوظائف علّم سليم الكثير، فقد امتهن عدة مهن مؤقتة من أجل الربح، لكنّه وجد نفسه في بيع الكتب القديمة. يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه تمكن من ضرب عصفورين بحجر واحد، إذ إنّ هذه المهنة مكّنته، بالإضافة إلى الأرباح، من تعلّم اللغات وزيادة ثقافته، فهو يطالع في اليوم كتابين أو أكثر، كما خلق لنفسه مجالاً وهو جمع الكتب القديمة من الجيران والأصدقاء وعرضها في الأسواق للبيع، في العديد من النقاط، عبر الأحياء والمدن الكبرى للعاصمة الجزائرية.
بات الكتاب عنوانه، إذ يترك رقم هاتفه لبعض معارفه من أجل الاتصال به وتمكينه من بعض الكتب بهدف بيعها، وهكذا حتى صار معروفاً لدى كثيرين من طلاب العلم والباحثين أيضاً، إذ يبحث عن ضالتهم ويشتريها لهم بأسعار معقولة، ثم يبيعها لهم بسعر أعلى. وضع سليم برنامجاً لتنظيم فعاليات وأنشطة لبيع الكتب القديمة، وتواصل مع العديد من البائعين عبر الولايات لتنظيم "أسبوع الكتب القديمة" كلّ مرة في منطقة. يعلق: "يهدف النشاط إلى تفعيل القراءة وتقريبها من الناشئة، فضلاً عن توسيع النشاط التجاري من جهة أخرى". ولا يخفي سليم حلمه الكبير في فتح متجر ضخم لبيع الكتب القديمة.
اقــرأ أيضاً
الأهم بالنسبة لحورية سالمي هي قيمة الكتاب المعرفية. غالباً ما تباع الكتب القديمة بأسعارها غير الحقيقية، بل بثمن بخس، خصوصاً أنّ البعض "يجهل هذه القيمة" كما تقول. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّها اقتنت عدة مؤلفات وروايات وكتب علمية بأسعار لا تتجاوز ألف دينار جزائري (5 يورو)، وهذا قليل جداً بالمقارنة مع أهمية تلك الكتب. الأرصفة تحمل الكثير من العلم والمعرفة والإبداعات الكبرى. ومن غرابة المشهد، كما تعلق حورية، أنّها ترفض أن ترى كتاباً موضوعاً على الأرض، بل يؤلمها ذلك، لهذا تأتي إلى البائعين الذين يقدّرون قيمة الكتب بوضعها في مكانها الحقيقي ويعرضونها بشكل يعطي للكتب قيمتها.
كثيرون يجدون ضالتهم بين أروقة كتب قديمة مفتوحة في الهواء الطلق. البعض يعتبرها رحلة سفر أسبوعية أو شهرية إلى معرض مفتوح لهؤلاء البائعين في العاصمة الجزائرية. يتحين الطلاب فرصة المنحة الحكومية لاقتناء كتب بأسعار معقولة، مثلما تؤكد سعاد لبيهي. تشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّها مهووسة بكلّ ما هو قديم من الكتب، لاهتمامها بالروايات والقصص التي تجدها هنا بأسعار معقولة. تتابع أنّ "بين هذه الرفوف كنوزاً لا ثمن لها".
اللافت أن بائعي الكتب القديمة يؤكدون جميعاً أنّها "تجارة مربحة إن كانت بالقرب من حرم جامعي أو معهد طلابي أو ثانوية أو في مكان يزدحم بالمارة بالقرب من محطات الحافلات"، وهو ما يؤكده أحد البائعين لـ"العربي الجديد" في ملتقى الطرقات في شارع "الشهيد العربي بن مهيدي". يقول إنّ "المكان يضم محلات متنوعة ومقاهي، وهو شارع مفتوح يستقطب الزبائن من كلّ حدب وصوب".
يخاف الآباء على أبنائهم من الآثار السلبية للتكنولوجيا، ويشددون على أنّ بين الورقي والرقمي حكاية طويلة. يقول أحد الزبائن ممن يحفزون أولادهم على قراءة الكتاب الورقي: "أبسط فوائد الورقي بالنسبة إلى الإلكتروني أنّه يحافظ على العينين".
مكتبة نجمة في شارع ديدوش مراد، وسط العاصمة الجزائرية، هي أشهر مكتبة تبيع الكتب القديمة منذ الخمسينيات، تركتها معمِّرة فرنسية لأحد الجزائريين بعد استقلال الجزائر في عام 1962، وهو بدوره، حافظ على المكتبة كما هي، واستمر في النشاط فيها حتى وفاته قبل فترة قصيرة. اليوم، ما زال كثير من الطلاب والأساتذة والمثقفون يترددون على هذه المكتبة وعلى نقاط بيع الكتب القديمة طلباً لكتب نادرة أو لم تعد تتوفر في المكتبات العامة، بالإضافة إلى عامل الأسعار، فالكتب القديمة عادة ما تكون أسعارها أقل، وفي متناول الجميع، مقارنة مع الكتب الجديدة.
اقــرأ أيضاً
في الجزائر، يمتهن عدد من الشبان شراء الكتب القديمة وبيعها، ويجدون في ذلك فرصة عمل جيدة لهم بعيداً عن البطالة والانتظار. محمد بن يطو، أحد هؤلاء. هو أب في الثلاثين من العمر، يحرص على إلصاق إعلانات في شوارع العاصمة الجزائرية يضع فيها رقمه ويطلب من كلّ من يملك كتباً قديمة، ويرغب في بيعها، الاتصال به.
الكتب القديمة يعاملها من يقتنيها على أنّها كنز عادة، لكن بعضهم قد يضطر إلى بيعها. يقول وليد بن عبد الرحمن، الذي يعمل في هذه المهنة منذ ثلاث سنوات، لـ"العربي الجديد" إنّه يرغب من خلالها في الدخول إلى "عالم تجارة الكتب من الباب الواسع، ولو بعد عشر سنوات كاملة".
الفشل في دق أبواب الوظائف علّم سليم الكثير، فقد امتهن عدة مهن مؤقتة من أجل الربح، لكنّه وجد نفسه في بيع الكتب القديمة. يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه تمكن من ضرب عصفورين بحجر واحد، إذ إنّ هذه المهنة مكّنته، بالإضافة إلى الأرباح، من تعلّم اللغات وزيادة ثقافته، فهو يطالع في اليوم كتابين أو أكثر، كما خلق لنفسه مجالاً وهو جمع الكتب القديمة من الجيران والأصدقاء وعرضها في الأسواق للبيع، في العديد من النقاط، عبر الأحياء والمدن الكبرى للعاصمة الجزائرية.
بات الكتاب عنوانه، إذ يترك رقم هاتفه لبعض معارفه من أجل الاتصال به وتمكينه من بعض الكتب بهدف بيعها، وهكذا حتى صار معروفاً لدى كثيرين من طلاب العلم والباحثين أيضاً، إذ يبحث عن ضالتهم ويشتريها لهم بأسعار معقولة، ثم يبيعها لهم بسعر أعلى. وضع سليم برنامجاً لتنظيم فعاليات وأنشطة لبيع الكتب القديمة، وتواصل مع العديد من البائعين عبر الولايات لتنظيم "أسبوع الكتب القديمة" كلّ مرة في منطقة. يعلق: "يهدف النشاط إلى تفعيل القراءة وتقريبها من الناشئة، فضلاً عن توسيع النشاط التجاري من جهة أخرى". ولا يخفي سليم حلمه الكبير في فتح متجر ضخم لبيع الكتب القديمة.
كثيرون يجدون ضالتهم بين أروقة كتب قديمة مفتوحة في الهواء الطلق. البعض يعتبرها رحلة سفر أسبوعية أو شهرية إلى معرض مفتوح لهؤلاء البائعين في العاصمة الجزائرية. يتحين الطلاب فرصة المنحة الحكومية لاقتناء كتب بأسعار معقولة، مثلما تؤكد سعاد لبيهي. تشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّها مهووسة بكلّ ما هو قديم من الكتب، لاهتمامها بالروايات والقصص التي تجدها هنا بأسعار معقولة. تتابع أنّ "بين هذه الرفوف كنوزاً لا ثمن لها".
اللافت أن بائعي الكتب القديمة يؤكدون جميعاً أنّها "تجارة مربحة إن كانت بالقرب من حرم جامعي أو معهد طلابي أو ثانوية أو في مكان يزدحم بالمارة بالقرب من محطات الحافلات"، وهو ما يؤكده أحد البائعين لـ"العربي الجديد" في ملتقى الطرقات في شارع "الشهيد العربي بن مهيدي". يقول إنّ "المكان يضم محلات متنوعة ومقاهي، وهو شارع مفتوح يستقطب الزبائن من كلّ حدب وصوب".
يخاف الآباء على أبنائهم من الآثار السلبية للتكنولوجيا، ويشددون على أنّ بين الورقي والرقمي حكاية طويلة. يقول أحد الزبائن ممن يحفزون أولادهم على قراءة الكتاب الورقي: "أبسط فوائد الورقي بالنسبة إلى الإلكتروني أنّه يحافظ على العينين".
مكتبة نجمة في شارع ديدوش مراد، وسط العاصمة الجزائرية، هي أشهر مكتبة تبيع الكتب القديمة منذ الخمسينيات، تركتها معمِّرة فرنسية لأحد الجزائريين بعد استقلال الجزائر في عام 1962، وهو بدوره، حافظ على المكتبة كما هي، واستمر في النشاط فيها حتى وفاته قبل فترة قصيرة. اليوم، ما زال كثير من الطلاب والأساتذة والمثقفون يترددون على هذه المكتبة وعلى نقاط بيع الكتب القديمة طلباً لكتب نادرة أو لم تعد تتوفر في المكتبات العامة، بالإضافة إلى عامل الأسعار، فالكتب القديمة عادة ما تكون أسعارها أقل، وفي متناول الجميع، مقارنة مع الكتب الجديدة.