جرش 2015: خواطر الفيسبوك على المدرج الروماني

07 يوليو 2015
نزير طنبولي / مصر
+ الخط -

قبل عام، بمناسبة "يوم الشعر العالمي"، نظّمت "لجنة الشعر" في "رابطة الكتّاب الأردنيين" الدورة الأولى من "مهرجان السوسنة الشعري".

وُصف الحدث، آنذاك، بأنّه "مجزرة شعرية"، ضمّت سبعين مشاركاً، سنلتقي بعضهم قريباً، في مجزرة مشابهة، تُقيمها اللجنة نفسها، للرابطة نفسها، لكن هذه المرّة على هامش فعاليّات الدورة الثلاثين من "مهرجان جرش"، الذي أُعلن أخيراً برنامجه الثقافي.

تبدأ الأمسيات في يوم 24 تمّوز/ يوليو الجاري، وتستمر حتى 31 منه. سبعة أيّام سيملأها قرابة 40 مشاركاً ومشاركة. إذا استثنينا قليلين منهم، ووقفنا عند الأغلبية، سيبدو وقوفنا وكأنّه وقوفٌ على ما يشبه الأطلال، من ناحية أنّها خراب.

ينتمي المشاركون، في معظمهم، إلى فئتين؛ الأولى، تلك التقليدية التي ما زالت تُعيد كتابة شعر الستينيّات والسبعينيّات، والثمانينيّات بأقصى حد، إذ إنّهم توقّفوا عند تجربة محمود درويش، التي تمثّل لهم ذروة الشعر وأقاصيه، وهم بالكاد يكونون ظلّاً لظلّها.

أمّا الفئة الأخرى، فهي تتمثّل بـ"الشاعرة" اللبنانية، التي تُسمّي نفسها "نبوءة المطر"، وكانت إرهاصات هذه النبوءة قد هطلت علينا في "السوسنة الشعري" قبل عام. في "جرش"، أُفرد لها أمسيةً مستقلّة، لن يشاركها فيها أحد، ولا حتى عازف الربابة الذي سيرافق بقيّة الشعراء؛ فهذا أيضاً لن يحظى بشرف مرافقتها الموسيقية، إذ تقرأ له مثلاً: "دعني منك أعتذر، واحضن قلبي المنكسر/ لقد أخطأت كالأطفال في لحظة جنون وضلال/ نادمة أنا وبي، انفعال جنحة تبكي فوق الأطلال".

ليست المسألة مقتصرة على أن أسماء تشارك نسمع فيها للمرّة الأولى. ففي عصر البحث السريع، لم يعد يخفى على أحد شيء، الاسم يوضع في محرك البحث، والنتائج ستظهر سريعاً. المسألة هي واحد من اثنين: إمّا ألّا تظهر أي نتيجة لهذا الاسم الذي لم ينشر نصّاً إلكترونيّاً حتى، أو أن يظهر الآتي: "أحبّيني: سحابة هجَرتها الرّعودُ والبروق منذُ عهد الطوفان، فلا غيث ولا مَاء. أحبّيني: غُصْناً تحط عليه حمائم الأشواقِ، وقد أتعبها النُّواحُ والبُكاء".

وإن حالفنا الحظّ أكثر، سنصادف فيديو لشابّ يحلّ ضيفاً على إحدى الفضائيّات، ويتحدّث عن تأثّره بنزار قبّاني، ويقرأ للمذيعة المأخوذة بروائعه: "أمّي يا نبع حناني/ يا رمزاً يجتاح كياني".

لا أظنّ أنّ أيّ سياقٍ يمكن أن يتّسع لمشاركات كهذه إلّا سياق واحد، مسابقة شعرية للأطفال. هنا فقط يمكن أن تمرّ هذه القصائد بل ونصفّق لها، أما أن تشارك في مهرجانٍ كـ"جرش" وتُقدَّم للمتلقّي والقارئ بوصفها أسماء شعرية شابّة أو كبيرة، في الحالتين هذا ليس مقبولاً.

إلى جانب تلك الفئتين، ظهرت ثالثة، يمكن أن نسميها بـ"الشعراء المجهولين"، والذين جاء اسمهم في النسخة المطبوعة من برنامج الأمسيات كالآتي: "شاعر من أنغولا" و"شاعر من الصين" بدون ذكر لأسمائهم.

يبدو أنّ "نبوءة المطر" وغيرها من الأسماء المُستعارة التي يعجّ بها موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لم تعُد مجرّد حسابات افتراضية ينتهي أمرها بمجرّد أن يُغلِق مستخدموها صفحاتهم التي تلهث عليها اللايكات، بل ثمّة من ينقلها من هناك، ويفرضها على الواقع، بوصفها أسماء لمبدعين وقوّالي شعر، تُنظّم مهرجانات من أجلها.

دلالات
المساهمون